بكيت في 9 نيسان 2003 بكاءاً ودمعت عيني بغزارة لأيام لأن العراق يستحق أن نبكيه دماً وأقسمت من يومها أن لا أبكي أحداً لكن اليوم دموعي لم تنقطع ولا لحظة منذ أن تيقنت أن نبأ وفاة صوت العراق عبد الرزاق عبد الواحد -هذه المرة - أكيد وليس إشاعة ولا خبر من مغرض تافه .. مكتبة شاعر العراق في بيتي ، أوسمته وأنواطه ومقتنياته وأشيائه الذي يعتز بها - عندي في بيتي .. صوره عندي وكل دواوينه وأوراقه ومسودات قصائده عندي .. أينما أتطلع حولي ساجد عبد الرزاق عبد الواحد كما أجد صدام حسين .. فتحت أضابير في درج مكتبتي وأطلعت على صور عشرات التوكيلات التي عملها لي ليخولني في بيع بيته الوحيد في بغداد .. بيته الذي كان يجب أن يحول إلى متحف يضم صوره ودواينه وأبدعاته ويوثق سيرته وقصائده .. سأكون عند وعدي .. بيتك الذي بعته رغما عنك لحاجة أولادك إلى ثمنه سأعيده يوما ما ,أحوله إلى متحف كبير أديره بنفسي كما كنت تقول .. عندما تتحرر بغداد سيكون لك ما أردت .. كتبت لي أبنته رغد من باريس أن بابا مات بهدوء بدون ألم فقلت كيف يتألم من لم يؤذ العراق وكان يبكي العراق دماً .. منذ أن عرفت عبد الرزاق عبد الواحد ودموعه لم ينقطع عن العراق لا في الكلام ولا في القصائد ..كان كثير البكاء ، فما أن يسمع أسم العراق حتى تنسل دموعه .. كان حزيناً ويتشكى فهو عاجز عن حمل بندقية وعاجز عن المشاركة في تظاهرة .. عندما أجيبه أن كل بيت من بيوت قصائدك أقوى من الرصاصة ومن ألف عبوة وصاروخ ، يرد أن مقاوم يحمل السلاح ويقاتل وجهاً لوجه هو القصيدة بحذافيره .. أي وجع تركته في قلوبنا يا أبا خالد .. والله فراقك الموت بعينه .. اللعنة على المرض الذي لم يمهلك لترى تحرير بغداد وتلقي قصيدة التحرير في ساحة التحرير ... لم يمهلك المرض لتقبلّ بغداد وتلقي لها قصيدتك الأخيرة يا شاعر العراق .. ترى من ينشد لبغداد بعد اليوم ويلقي لها قصيدة التحرير .. نم بسلام عبد الرزاق عبد الواحد .. فالعراق كله راض عنك .. العراق اليوم كله ينشد قصائدك بيتاً بيتاً ..العشاقّ والمقاومون والثوارّ حتى ألد خصمك ينحني اليوم خجلاً من مواقفك .. يا شاعر الموقف .. شاعر القادسية وأم المعارك والمقاومة .. إن لله وأن إليه راجعون ..