أميركا تخطط لتضمن الحد الادنى من النجاح لغزوها الاجرامي للعراق. هذه حقيقة لا يتجادل فيها اثنان، وايران تشتغل من لحظة دخول اميركا العراق غازية محتلة لاستثمار الانهيار الشامل لدولة العراق لتكون الرابح الأكبر عبر اعادة ترتيب اوضاع الدولة الجديدة بما يضمن لها تحقيق اهدافها التوسعية تحت ستار مذهبي. وهذه حقيقة أخرى ماثلة للعيان ولا جدال فيها. كلا الحقيقتين تؤكدان معطيات طرحناها مرارا: لا يوجد طرف ثالث في العراق المحتل يسعى ليحقق مصلحة للعراق وشعبه تحت ظلال ظروف تقاسم الاحتلال والنفوذ بين اميركا وايران. ولا يوجد طرف يمكنه أن يكون رقما صعبا في معادلات الفعل الميدانية, سوى المقاومة العراقية الباسلة التي يجري التآمر عليها عسكريا و مخابراتيا واعلاميا بوسائل واسعه تفتقر الى الاخلاق. وحيث ان المقاومة العراقية قد تمكنت من تدمير القوة والارادة الامريكية في العراق ووضعت مشروع الاحتلال على طريق الهلاك, فقد اتجهت اميركا الى اعتماد قوى على الارض لتحمي مشروعها وتنقذه وهو في الرمق الأخير هي : أولا : ايران كشريك وكخلف احتلالي. ثانيا : المرجعية الفارسية في العراق وفتاويها التي يمكن ان تجحفل الرعاع والجهلة والموتورين والمعوزين والباحثين عن السلطة والبطولة القيادية وحتى الميدانية المبنية على المغامرة والمقامرة. نجحت اميركا في اضفاء صفة الارهاب على بيئة المقاومة في مدن العراق الثائرة والمقاومة اعلاميا على الاقل. وايران جاهزة لتكون شرطي اميركا على الارض التي طالما حلم الشرطي الفارسي في ان تطأها اقدامه القذرة وتطالها نواياه الشريرة. و لكن ... ما هو الثمن الذي تدفعه ايران وحشدها المرجعي الطائفي الجاهل المتخلف المتعصب وهل يتناسب الثمن مع المكاسب؟؟ التركيز على الخسائر البشرية في هذا الاطار و ضمن انطقة حرصنا على الدم العراقي, هو تركيز على خسائر عوائل وقبائل لا تحصد من الموت غير الفناء واللعنة الابدية وهي عوائل وقبائل عراقية من سكان بغداد والفرات الاوسط والجنوب بالأعم الاغلب. وهؤلاء يرون الآن بالعين المجردة ما يصلهم من جنائز اولادهم وهي بالآلاف. وما يدفن في مقابر جماعية في ميادين القتال لا يعلم عدده الاّ الله سبحانه ويقدم لأهليهم وذويهم على انهم مفقودين في المعارك. ان خسائر الأرواح عند هذه العوائل والعشائر والقبائل فادحة وخسائر بدون هدف محدد لا معنوي ولا اعتباري وهم كلهم يعرفون ان تقديس هذه الحرب ليس له اي اساس ديني، بل هي حرب ثأرية انتقامية طائفية قذرة. والحجم الهائل للخسائر يؤشر بل يؤكد على جملة حقائق منها ان: 1- لا قيمة لحياة الناس عند الفرس وعملاءهم بدر والدعوة والمجلس والمرجعية وباقي ميليشياتها المجرمة. ان تحقيق اي انجاز كموطئ قدم على الارض يعتبر خسارة وليس نصر اذا كان ثمنه آلاف الرقاب من البشر. 2- ان مسك بقعة ارض صغيرة مقابل مئات الرقاب المقطوعة والجماجم المهشمة لا يعد نصرا، بل خسارة مفجعة. 3- ان الاعلان عن هذا العدد الكبير من ما يسمونها قيادات تهلك في المعارك في صلاح الدين والانبار يدل عسكريا على هلاك المئات من معيتهم علما بان هؤلاء ليسوا قادة بالمعنى المتعارف عليه، بل كبار المرتزقة ورؤوس العبودية للمرجعية الفارسية. 4- ان الحجم الهائل من الخسائر البشرية يؤسس لردود افعال سلبية عند العامة وهذه خسارة اخرى لإيران وللحشد الصفوي المجرم ستفصح عن نفسها عما قريب، بل انها تفصح الآن بشكل او بآخر عبر التذمر والشاوي وردود الافعال التي تتصعد تدريجيا. ان مَن يظن أن ايران لا تخسر اقتصاديا وانها تغذي عدوانها على العراق وباقي الاقطار العربية من اموال هذه الدول وجثامين ابناءها مخطئ فالخسائر الاقتصادية الايرانية تتراكم بإضافات نوعية منظورة وغير منظورة وهي تخسر تأثيرها المعنوي حتى عند بعض العجم المجنسين في العراق بسبب ارتفاع كلفة حربها العدوانية الثأرية في العراق وتدخلاتها في سوريا واقطار عربية اخرى. ان الحشد يشتري بقعة ارض بأنهار من الدماء وبعضها دماء عراقية غالية الثمن جدا. واستهانته بأرواح الآلاف لا يحجبها ولا يبررها قدسية دعية مزورة لا اساس لها لا شرعيا ولا قانونيا يحاول سليماني وعبيده من امثال العامري والحكيم ومن لف لفهم اضفاءها على الحرب والخسائر المهولة. واذا عدنا بذاكرتنا قليلا الى الوراء وعملنا مفاضلة بين ان تنفذ حقوق الشعب التي عبرت عنها وطالبت بها ساحات الاعتصام في المدن الثائرة وبين نهر الدماء الذي يجري الآن من الحشد الصفوي الذي هو أحد تداعيات جريمة مواجهة الاعتصامات السلمية بالنار والحديد ومن ثم القرار المريض بإدخال الارهاب كعامل ترجيح في المواجهة لصالح الخطة الموضوعة لإنتاج الحشد الصفوي اصلا فإننا يمكن أن نخلص الى القول: ان الاحتلال المركب وعملاءه قد خططوا لإبادة شباب اهل الفرات الاوسط والجنوب من اجل أن تسود ايران على المحافظات الثائرة وتحتلها وتلحقها بمحافظات الفرات والجنوب التي احتلتها عام 2003 تحت حماية المارينز ودباباتهم وطائراتهم وصواريخهم. الخسائر البشرية جسيمة والنتائج المتحققة لحد الآن لصالح ايران وحشدها تدل على ان عوائل وقبائل الجنوب والفرات سيخسرون جل اولادهم من اجل عيون ايران واحتلالها للعراق وهو هدف لن يتحقق ابدا بإذن الله. وليتذكر اهل الفرات والجنوب ان الانبار ليس فيها مرقد مقدس يحميه اولادهم الذين يساقون الى المحرقة هناك.