بعد احداث الكويت في 2 آب / اغسطس 1990 صدرت ضد العراق جملة من القرارات المجحفة في الايام الاولى ، وشهدت تلك الفترة تحركاَ لدول وشخوص في مبادرات للحل ومنع العدوان ،لعل ابرزها مبادرة الرئيس الفرنسي ( فرانسوا ميتران ) والتي تناول الاستاذ ( ابو اوس ) في مقاله نشر في شبكتي ذي قار والبصرة يوم امس 18 / شباط ـ فبراير الجاري عن مفاتحته بها ونقلها وموافقة العراق عليها الا انها لم تتم بسبب تدخل الرئيس الامريكي بوش الابن، وهذا ما دفعني لكتابة هذه الشهادة اذ ان الرئيس ميتران كان معجباَ بجوهر فكرة الربط المتزامن لحل مسألة الكويت والقضية الفلسطينية، وان الرئيس ميتران ،حسب احد الزملاء من كادرسفارتنا في باريس آنذاك،كان مستعداَ للذهاب الى بغداد من اجل ذلك ، وقد سألوا عن امكانية هبوط طائرة الكونكورد الفرنسية في بغداد! ولكن حماسه قل! وذلك لضغوط اللوبي الصهيوني وبالذات بعد الهجوم على السفارة الفرنسية في الكويت واحتجاز رعايا فرنسيين، وللضغوط الامريكية والحملة الاعلامية الظالمة ضد العراق وما يروّج عن مخاطره على دول المنطقة وبالذات السعودية واقطار الخليج العربي وتهديده لتدفق النفط !؟ ،ومع هذا وصل بغداد السيد ( فوزيل ) عضو الجمعية الوطنية الفرنسية مبعوثاَ عن ميتران،وقد ألتقاه الاستاذ ( طارق عزيز ) قال " انه مبعوث من الرئيس ميتران لمناقشة مبادرة الرئيس ( صدام حسين ) لتحقيق ترابط وحل متزامن بين ازمة الكويت والقضية الفلسطينية بتطبيق كل القرارات الصادرة عن الامم المتحدة حولهما" وعند مناقشته بالتفاصيل قال .."ان المبادرة الفرنسية تقوم على اساس قبول العراق بالتنفيذ الكامل لكل القرارات الدولية الصادرة بحقه دون شروط مسبقة، وعلى العراق ان يعلن عزمه على الانسحاب ؟!" وعن الضمانات بـ ( ألغاء هذه القرارات ،وضمانات بعدم ضرب القوات العراقية في حال انسحابها ، وضمانات بانسحاب القوات الاجنبية المحيطة بالعراق والمنتشرة في المنطقة ، وعن كيفية وخطة التطبيق المتزامن لحل ازمة الكويت مع حل القضية الفلسطينية والاراضي العربية المحتلة ) !؟ قال .."سيجري التباحث حول ذلك بعد الانسحاب من الكويت وتطبيق كل القرارات الصادرة ضدكم !" ولم يلبث ان يضيف ". لا الرئيس ميتران ولا فرنسا تستطيع ان تقدّم اية ضمانات" والمبعوث الفرنسي لا يختلف عن اغلب المبادرين اذ كان الهدف .. هو اقناع الجانب العراقي بالافراج عن رعاياهم المحتجزين والانسحاب غير المشروط من الكويت من دون اية ضمانات للعراق الاّ من مجرد مواعيد غير ملزمة ! وهذا ماسمع، بشكل وآخر، من كل الوسطاء عرباَ واجانب ،وحتى المبادرة الروسية بايفاد ( يفغيني بريماكوف ) مراسل البرافدا في الشرق الاوسط في ستينات القرن الماضي ووزير الخارجية ورئيس الحكومة في عهد الرئيس ( يلتسين ) يرى الروس، بعد الانسحاب غير المشروط وتطبيق القرارات".تنظيم مؤتمر دولي خلال 3 اشهر لبحث قضايا الشرق الاوسط فيما يخص مبادرة السيد الرئيس حول الربط بين حل ازمة الكويت والقضية الفلسطينية" وكذا الحال بالنسبة لـ ( خافيير ديكويلار ) الامين العام للامم المتحدة الذي ألتقى الاستاذ طارق مرتين في عمان وجاء الى بغداد عشية العدوان الآثم " ذراَ للرماد..!" ولكي يعطي الذريعة بشن العدوان ، فكل مافعله هو.. التساؤل عن الرعايا الاجانب وضرورة اطلاق سراحهم ومن دون ان يكلف نفسه بطرح او مناقشة اي مقترح يجنب العراق والمنطقة العدوان ،والانكى من ذلك انه وبعد وصوله عمان عقد مؤتمراَ صحفياَ اعلن فيه فشل مهمته ، اي انه اغلق باب المساعي السلمية ؟! والغريب انه من دون ان يسأل عن حرب الثمان سنوات بين ايران والعراق قال"..ان العراق هو الذي اعتدى على ايران في تلك الحرب ؟! وموقفه هذا يذّكّرني بما قاله ( وزير دولة خليجية ؟ ) للاستاذ طارق عزيز الذي كان يترأس وفداَ عراقياَ لمفاوضات غير مباشرة تجري لاول مرة بعد الحرب بين ايران والعراق والتي جرت في جنيف في نيسان ـ ابريل /1989 اذ قال في حينها ".. ابو زياد حركّوا ايديكم ..ناوشوا ديكولار خرجية كي يقف الى صفكم قبل ان يشتريه الايرانيون ؟!"اجابه الاستاذ طارق مستغرباَ..وهل يرتشي رئيس العالم ؟! اجاب " الله وكيلك.. مصروفاته وخشلات مرتة وبنته، بين فترة وفترة، من هذا الخرج ( مشيراَ الى جيب دشداشته! ) " وفعلا اشترى ملالي ايران.. ديكولار وهذه طرقهم! والاّ ما الدافع لهذا التصريح والعالم مشغول بعدوان مرتقب على العراق ؟! وهذا الوزير ومعه دول خليجية اخرى قاموا عند التصويت على القرار 678 الذي اجاز استخدام القوة وفق الفقرة7 من الميثاق ضد العراق ، وفقاَ لسفير دولة شقيقة،قد اغدقوا على سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن والسفراء العرب ،ماعدا سفيري اليمن وكوبا لا متناعهما عن التصويت ، بالرشى والعطايا الثمينة اقلها ( سيارة فخمة لكل سفير وسيتات ذهب ومجوهرات لنسائهم وبناتهم مع مبالغ مالية حوّلت في الحساب الخاص لكل واحد ) ؟! الخلاصة ان الامريكان وكل قوى الشر والطغيان لم يسمحوا باي حل سلمي يبقي على العراق ونظامه الوطني، ولهذا اجهضوا كل المبادرات وضغطوا باتجاه اشراك الاخرين في عدوانهم الوحشي ومواصلة سياسة القضاء على العراق وحكمه الوطني والتي انتهت بتدميره واحتلاله عام 2003 كبداية لتمزيق الامة العربية وتفكيك وتجزأة بلدانها وفق الرسمة الاستعمارية الجديدة للمنطقة.