المدخل : الجريمة وفعلها والقرائن والتجريم كلها تدخل في دائرة القانون الجنائي .. ومسألة السياسة لا يدخل من بابها التجريم على النيات والأفكار، لأن في هذا يدفع نحو اجتهادات في التجريم تسوغ لمن اراد ان يرتكب اعمال التنكيل والقتل العمد في السياسة ، فكيف تكون حالة الجريمة المدعمة بالقرائن؟ .. فالحكومة، وهي حكومة احتلال مرغمة على تنفيذ اتفاقيات الأطار الأستراتيجي وبنودها المقيدة للحرية وللسيادة الوطنية .. تمارس إحتكار السلطة لحساب المحتل الغازي ووكيله الذي شكل من عناصره ومليشياته حكومة الاحتلال، فهي تمثل جريمة اغتصاب الوطن كاملة وبحق الشعب فكيف يحق لها تجريم الفكر الوطني واستلاب حرية المواطنين وافكارهم الوطنية؟ وكما يراه العالم منذ سبعين عاماً خلت أو أكثر.. أن البعث يتمتع بميزتين أساسيتين جوهريتين . أولاهما : أن البعث وطني وساحته الوطن العربي .. وهو لا يرتبط مع أي قوة في العالم - ولو كان يرتبط بإحداها لناصرته ووقفت إلى جواره - ولم يتلق دعماً أو توجيهاً أو إسناداً من قوى اجنبية . وثانيهما : إن البعث، في كل سياساته ونشاطاته، يسعى إلى التقريب بين اقطار الوطن العربي والعمل على توحيدها، بهدف أن تتمكن من جمع عناصر قوتها الوطنية لتصب في رفعتها ودفاعاتها ضد اعدائها والطامعين فيها وبثرواتها .. كما يسعى الى حرية هذه الاقطار في ان تكون مستقلة وذات سيادة ولا احد يستطيع ان يملي عليها سياساته وارادته . ويضاف الى هتين الميزتين : أن فكره هو فكر المواطنين وحبهم لوطنيتهم وحبهم لقوميتهم وتطلعهم لمبادئ العدالة والأنصاف والمساواة والتعايش السلمي بين مختلف شرائحه وأديانه وطوائفه وقومياته، وبالتالي حرصهم على السلم الأجتماعي وعلى وحدة الوطن العراق وهو وطن الجميع وليس من مصلحة أحد أن يتقسم أو يتشرذم العراق وشعبه، إلا أعداء الشعب وأعداء الوطن . البعث ، قاتل الجواسيس الذين بعثتهم ( اسرائيل ) .. وجابه كل من وظفتهم الدول الأقليمية من اجل زعزعة أمنه واستقراره .. وفي مقدمة العناصر التي وظفتهم إيران على وجه الخصوص ( حزب الدعوة ) ، الذي تأسس في إيران، ويقوده زعماء إيرانيون مؤسسون له في طهران، ويعمل لحسابها وهي دولة أجنبية .. وهنا يبرز السؤال الكبير: من يقبل من كل دول العالم أن يعمل بين ظهرانيه حزب وعناصره تعمل لحساب دولة أجنبية؟ وما هو موقف أي دولة في العالم حين تلمس وتتأكد من عمالة حزب يعمل، لحساب دولة أجنبية، ويسعى إلى تقويض أمنها وأمن شعبها وتعريض مصالحها ومصالح شعبها إلى الخطر؟! فلو كان ( حزب الدعوة ) ، على سبيل المثال، وهو سؤال افتراضي، لم يرتبط بإيران وعناصره لم تتدرب وتتلقى الدعم المالي والعسكري واللوجستي لصالح أهداف السياسة الإيرانية، ولم يقم بأعمال القتل والنسف والتخريب في العراق وفي خارجه .. لكان الأمر يختلف تماماً ولأعتبر حزباً عراقياً وطنياً شأنه شأن باقي الأحزاب التي سبق ودخلت الجبهة الوطنية والقومية التقدمية لأدارة دفة الحكم في البلاد.. ولكن هذا الحزب يرتبط عضوياً - آيديولوجياً وسياسياً وستراتيجياً - مع دولة أجنبية هي إيران.. ولا أحد من دول العالم .. لا امريكا ولا بريطانيا ولا الصين ولا روسيا ولا غيرها يرتضي ان يعمل حزب وعناصره على أراضيها لحساب دولة اجنبية .. اعطوني مثلاً واحداً لدولة قبلت التدخل الأجنبي الخارجي من هذا النوع.؟! وما ينطبق على هذا الحزب وهذا التشكيل الذي أوجده الأجنبي ينطبق في معايير الوطنية، على من تلامس مواصفات عمالته وعمله لحساب دولة أجنبيه .. الأمر الذي جعل العراق يعاني من تدخلات إيران ودول الجوار عقود من السنين تحت أغطية واهية للتدخل .. منها الغطاء المذهبي الطائفي ، ومنها الغطاء الأثني ( العرقي ) ، ومنها الغطاء الأنساني ( حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ) .. ومنها الغطاء السياسي وادواته المعروفة والمكشوفة، التي تأخذ طابع التجسس على مختلف الصعد. الحزب يتعامل باحترام مع كل الأحزاب والجهات والعناصر والشخصيات التي تعلن وطنيتها وتؤكد نظافتها من الأرتباط والعمل لحساب دول اجنبية، لكي يكون العمل المشترك وطنياً، أما اختلاف وجهات النظر فهذا امر طبيعي جداً يحل عن طريق الحوار والتفاهم الوطنيين . والتساؤل الراهن .. لماذا يعادون البعث ويسعون من أجل اجتثاثه وتصفيته جسداً وفكراً؟ ثم لمصلحة من هذا الأجتثاث والحظر على الفكر الوطني؟ وهل من الوطنية بمكان أن يحارب الفكر الوطني والقومي في بلد عربي يشهد له التاريخ في امكاناته ومواقفه ونضالاته.؟ وكما يرى العالم المنصف .. أن البعث تحاربه أمريكا وهي عدوة الشعوب .. وان البعث تحاربه ( اسرائيل ) وهي تمثل قمة العنصرية والأستعمار الأستيطاني في العالم .. وان البعث تحاربه معظم الدول الغربية سراً وعلانية، وهي دول معروفة بتاريخها الأستعماري .. وإن البعث تحاربه إيران، وهي دولة تناصب العرب - المسلمين العداء منذ قرون، كما باتت أدواتها مكشوفة في العصر الحديث وهي تسعى الى التمدد والهيمنة على العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وباقي الأقطار العربية بأدوات استعمار التشيع الطائفي مدعومة من أمريكا ( الشيطان الأكبر ) علناً ومن ( اسرائيل ) سراً .. فلماذا هذا العداء من أمريكا والكيان الصهيوني والغرب وإيران على وجه الخصوص للبعث ؟ هذا السؤال ينبغي الأجابة عليه .. والأجابة تفصح عن أن البعث هو حزب وطني وقومي بامتياز خالص ولا غبار عليه .. وسني الأحتلال القاسية تثبت أنه الرقم الصعب في المعادلة السياسية ومعادلة القوة .. فلماذا لم ينكسر البعث وكل القوى أنفة الذكر التي تناصبه العداء تعمل معاً من أجل القضاء عليه، ويظل صامداً ؟ ، والجواب أن البعث هو فكر يصعب اجتثاثه من عقول المواطنين .. يقمع المواطن، ولكنه لن يتخلى عن وطنيته وهويته القومية ابداً .. يُهَجَرْ ويُنفى، ولكنه لن يتخلى عن وطنيته وقوميته.. وما تعرض له البعث من أهوال وتصفيات بالجملة منذ عام الاحتلال 2003 ولحد الآن، لن يقوى على الصمود أي حزب في العالم إذا ما تعرض لمثل ما تعرض له البعث.. إذ سرعان ما يتفكك ويتلاشى تدريجياً .. ولكن البعث ، لا أحد يستطيع أن يجتثه من عقول الناس، من عقول المواطنين، من عقول الشعب .. فهو في كل عائلة، وفي كل بيت وفي كل عشيرة أو قبيلة .. انه منتشر في كل مكان .. فكيف يمكن اجتثاثه؟ كيف يمكن اجتثاث الوطنية من الشعب؟ ثم ، إن الذي يقوم بالأجتثاث والحظر بقانون أو تشريع هل هو وطني؟ وأين يمكن وضع هذا الذي يرمي إلى الأجتثاث والحظر والفرز الطائفي والعرقي، في أي خانة أو تصنيف؟ وحقائق التاريخ تؤكد أن مثل هذه الأساليب لن تنجح ابداً مهما طال الزمن . لماذا يحاربون البعث بمختلف الأدوات والوسائل؟ ولماذا يريدون إقصاءه وتهميشه وتدميره؟ فهو لا يمكن إلا أن يكون وطنياً .. ولا يمكن إلا أن يكون قومياً .. ولا يمكن إلا أن يكون إنسانياً .. وعلى أساس هذا المنطق بأبعاده الثلاثة ( الوطنية والقومية والأنسانية ) يؤكد حالة عضوية مترابطة ومتكاملة لا تفرق في الدين ولا تفرق في المذهب ولا تفرق في القومية .. ومنهج البعث الفكري يقوم على العدل والأنصاف والمساواة .. وإذا كان قد اقتص من الجواسيس والذين لهم امتدادات مع الخارج تطعن الوطنية وتهدد الأمن الوطني، فأن مثل هذا القصاص لا تعارض تنفيذه كل دول العالم بما فيها أمريكا وإيران .. بمعنى، كل من يتعامل مع الأجنبي من المواطنين يناله قصاص الدولة القانوني، بعض النظر عن النظام السياسي الحاكم .. فهل في هذا ضير حين حاكم العراق الجواسيس وعملاء الدول الأجنبية؟! وهل هذا القصاص يدين وطنية البعث؟ ولما كان البعث قد انجزعلى كل الصعد نهضة قل نظيرها في زمن قياسي، فهل هذا يشكل انتقاصاً لفكر الحزب ومسيرته وتجربته؟ إذن .. لماذا تريد إيران وأمريكا والكيان الصهيوني والغرب المتصهين تدمير البعث وإقصاءه وتهميشه والحجر عليه بالحظر، وهو الجامع الشامل لكل اطياف الشعب بدون أي تفريق في الدين والمذهب والقومية؟ وهو منذ تأسيسه يقبل بين صفوفه من الوطنيين العرب والكرد والتركمان والأزديين والصابئه، كما أن في صفوفه المسيحي والمسلم والسني والشيعي يتشكل انتماؤهم على وفق معايير الوطنية والأيمان بالوطن والدفاع عن مصالحه وقيمه ومعتقداته وحضارته العربية- الأسلامية الجامعه، وليس على أي معايير أخرى .. فلماذا يحاسب البعث على فكره الوطني والعمل على إجتثاهه من عقول المواطنين وهم بالملايين؟! البعث .. فكراً وسلوكاً وعملاً ، يحارب التعصب ويحارب التطرف ويحارب كل اشكال التكفير وكل اشكال الشوفينية .. كما يحارب الأرهاب مهما كان نوعه وشكله ويعتبره سلوكاً همجياً وبربرياً مداناً ولا يمتُ للدين الاسلامي الحنيف ولا للقومية العربية الأنسانية بصلة .. والبعث وفكره المنهجي يقف بالضد من كل أشكال العنف والتسط والأذلال والأحتلال وتزييف الحقائق وتغيرها مهما كانت المزاعم، ومهما كانت التبريرات .. والذين يمارسون التعصب وسلوك الأرهاب والتمييز الطائفي والعرقي هم فئات قد فرزها الشعب وايقن انهم الى زوال ما داموا يتبعون التطهير الطائفي والتمييز العرقي الذي تدينها قوانين الأرض وقوانين السماء.!!