التحليل الجيو سياسي يعني إلى حد كبير بتحليل التوظيف السياسي للموارد ومنها البترول ان كان مستخرجا" ومصدرا" أو مستثمرا" وكأحتياطي في باطن الارض ، ويمكن التأكيد بأنه في خلال ربع القرن القادم سوف ينحصر مثلث النفوذ البترولي من حيث الدول ( فرادي لا كمنظمات ) , في السعودية كأول منتج ومصدر بترولي علي مستوي العالم ( 8,7 مليون برميل يوميا بتقديرات 2003 ) , ثم يجيء العراق كثاني احتياطي عالمي بعد السعودية ، وروسيا 8,3 مليون برميل يوميا ، وبقراءة متأنية لخريطة البترول يتبين أن منطقة الخليج العربي هي أغني وأرخص وأنقى أنواع البترول بالإضافة إلى المخزون الإستراتيجي المرتفع في العالم وخاصة في السعودية ، والعراق ، أما منطقة شرق آسيا تعتبر فقيرة بالنفط بينما تعتبر منطقة وسط وغرب آسيا غنية به ، يتضح أن أوروبا بشكل عام فقيرة بالنفط بينما يوجد النفط في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية ، أما في إفريقيا فالنفط موجود في شمالها ووسطها ويكاد يكون جنوبها فقيرا بالنفط وهناك تقديرات لنسب المخزون المؤكد في مختلف مناطق العالم على النحو الأتي ( شرق آسيا والمحيط الهادي 4% ، الخليج العربي وايران 65% ، أوروبا 9% ، إفريقيا 6% وأمريكا الشمالية 4% ، أمريكا الجنوبية 12% ) ويمكن إلقاء الضوء على خريطة البترول لقارات العالم كما يلي * - آسيا أن هذه النسب التي أوردتها بعض الشركات النفطية ، لا تدرج مخزون الاتحاد السوفيتي السابق نظراً لعدم توفر المعلومات المؤكدة عن مخزونه ، غير أن انهيار الاتحاد السوفيتي ، وانفتاح المعلومات عن مخزونه بدرجة ما ، ومخزون الدول المستقلة المطلة على بحر قزوين ، قد غير النسب تغيراً ملحوظاً فالتقديرات الحالية لحجم المخزون المؤكد لنفط دول بحر قزوين تفترض وجود نسبة 75% في دول بحر قزوين والخليج العربي ، الأمر الذي يجعل إمكانية تقدير المخزون المؤكد لمختلف مناطق العالم ، بما فيها روسيا بنحو 25% فقط ، ويعتقد بان حقول سيبيريا تضم كميات هائلة من النفط غير أنها تندرج ضمن تخمينات الاحتياطي المحتمل وغير المؤكد ، وذلك لسببين ألاول - أن الاتحاد السوفيتي السابق ، لم يكن ينشر المعلومات المتوفرة لديه أن توفرت حول هذا الاحتياطي والثاني هو أن عمليات التنقيب والاستخراج من تلك الحقول تتطلب أموالا هائلة لم تكن متوفرة لدى الاتحاد السوفيتي السابق ولا لدى روسيا الآن . أما نفط بحر قزوين الذي يعد خليجا الثاني - بما يحمله من ثروات نفطية ، لكن المشكلة انه يرتبط بأوضاع بالغة التعقيد في منطقة وسط آسيا ويتطلب الحصول عليه مد خطوط أنابيب جنوبا عبر إيران أو باكستان أو أفغانستان ، أو غربا عبر تركيا وروسيا ، الأمر الذي يضع ضغوطا أمنية واستراتيجية كبيرة على الإدارة الأمريكية ، ويزيد من اعتمادها على مناطق قريبة من نفوذ روسيا وتقع الصين في منطقة شرق آسيا فقيرة نسبيا بالنفط ، حيث أنها لم تتمكن حتى الوقت الراهن من إنتاج أكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم ، وتستورد حالياً نحو نصف مليون برميل وتكاد تكون اندونيسيا هي الدولة الوحيدة الغنية نسبياً بالنفط والغاز في الوقت الراهن ، وذلك الى جانب سلطنة بروناي ، وبعض الكميات المتواضعة في بورما وماليزيا واستراليا أما الهند ، فهي لم تتمكن حتى الآن من إنتاج سوى مليون ونصف المليون برميل يوميا وتستورد نحو ثلثي احتياجاتها أن المعلومات تشير الى أن احتمال نفاذ مخزون اندونيسيا المؤكد من النفط بعد نحو 9 سنوات ، ونفاذ مخزون الصين بعد نحو 20 عاما ، ما لم يتم صرف العديد من مليارات الدولارات للتنقيب ومحاولة الاستخراج ، الأمر الذي يجعل الاستيراد ارخص تكلفة أن الدول الواعدة بالتحول الى قوى عالمية بدرجة أو أخرى في شرق آسيا هما الصين والهند وستحتاج هاتان الدولتان الى استيراد كميات هائلة من النفط في المستقبل القريب ، ويتفق الباحثون في الاقتصاد والمتخصصون بالشأن الاوربي بأن أوروبا تشكل أكثر المناطق فقراً في العالم بالنسبة للنفط وفي غرب أوروبا تكاد تكون النرويج ثم بريطانيا منذ اكتشاف نفط بحر الشمال قبل نحو 25 عاماً هما الدولتان الوحيدتان اللتان لديهما ما يكفي حالياً لاكتفائها الذاتي ، بينما تصدر النرويج جزءا من نفطها غير أن مخزونها المؤكد ضئيل والاحتياطي شبه المؤكد لبحر الشمال لا يتجاوز 50 مليار رميل ، أما في دول شرق أوروبا فكانت رومانيا هي الدولة الوحيدة التي لديها ثروة نفطية غير كبيرة هذا بالإضافة إلى أن بريطانيا ستتحول الى دولة مستوردة للنفط بشكل كامل قبل نهاية العقد الثاني من القرن الحالي وهذا يفسر بعض الشئ انسياق رئيس الوزراء السابق بلير وراء مخططات بوش في حربه القذره على العراق غزوا" واحتلالا" يتبع بالحلقة ألاخيرة