والله لم أضحك في حياتي بقدر ما ضحكت على إعلام سلطة الاحتلال في المنطقة الخضراء وهو يصور لنا أن ( لملوم ) قوات السلطة وميليشياتها ومتطوعي الجهاد الكفائي والقوات الإيرانية والطائرات الأجنبية والصحوات الحكومية وكأنها حققت فتح الفتوح بما سمته تحرير آمرلي ، وأنها قضت على ثورة الشعب ، وأن هادي العامري هو مونتغمري السلطة. ومن يتوهم أن هذه القضية وطنية فنقول له إنها طائفية بامتياز ، وأن آمرلي كانت ثلة من الثوار موجودة في المناطق المحيطة بها مدة 83 يوماً ، وليست في داخلها ، إذ تحشدت داخلها ميليشيات طائفية وصحوات حكومية ، وكان بإمكان الثوار اقتحامها بسهولة فهي قرية وليست محافظة ولا قضاء ولا تصمد القوة الموجودة داخلها دقائق أمامهم ، ولكن للثوار حساباتهم ، فتركوها محاصرة بعدد من الثوار ، ومن يسهل عليه تحرير نصف مساحة العراق لا يصعب عليه تحرير قرية. تقع هذه القرية التي هي بدرجة ناحية إدارياً في قضاء طوز خورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين ، ومركزها مدينة آمرلي ، الواقعة على وادي ( كور دره ) الذي يقسمها إلى نصفين. وبلغ عدد سكان ناحية آمرلي بجميع قراها في العام 1977 ( 15104 ) نسمة ، وارتفع في العام 1987 إلى ( 22522 ) نسمة، وزاد في العام 1997 ليصبح ( 30173 ) نسمة ، والمتوقع ان يبلغ عدد نفوسها في العام 2017 حسب التقديرات المنخفضة ( 52519 ) نسمة. أما قراها فهي ( بوسطاملى ، پير أحمدلي ، عبود ، زنگيلي ، بير آوچولو ، قارا ناز ، چارداغلى ، بيّگ البو حسن ، كيچّيگ البو حسن ، دره اوباسى ، صياد ، ايرويزات ، دراويش ، بيّگ مفتول ، كيچّيگ مفتول ، پاشا گلَن ، اوچ تپه ، ثعيلب ، خذر اوباسى ). وتضم آمرلي جوامع الامام الصادق والامام الحسين والامين والامام المهدي والامام علي بن ابي طالب وجامع الرسول الاكرم وغيرها ، ومن مناطقها الاثرية مقام الامام الحسن بن علي بن ابي طالب وده ده مردان تكيه سي ومقبرة الامام الحسن ومقبرة ( كومّت ) الواقعة شرقي المدينة وباشقا قيز تپه سي ، ومن هنا يستطيع المرء أن يفسر أهمية هذه المسرحية التي اسمها تحرير آمرلي ، ولأغراض التحشيد والتأجيج الطائفيين . كان ذكاء الثوار الذين تساندهم خبرة ضباط الجيش العراقي الوطني كبيرا في محاصرة آمرلي ، إذ حاصروها بأفراد منهم لتتوجه قوات السلطة العميلة إليها بانتظار أن تأتي الطائرات الأمريكية والألمانية والفرنسية وتقصف ما حول المدينة ولتنسحب الثلة من الثوار ، وليدخلها ، بعد ذلك ، هادي العامري مع ميليشياته وصحوات الحكومة والقوات الإيرانية والمتطوعين من أبناء ( الخايبة ) ، بصفة الفاتح المنتصر ، كما لم يفعل مونتغمري أو رومل أو هتلر. وحقق الثوار هدفين مهمين من هذه العملية الذكية ، وهي سحب ميليشيات السلطة وصحواتها وقواتها ومتطوعيها إلى هذه القرية ليخففوا الضغط عن محاور أخرى ، وإظهار هذه القوات على حقيقتها الهشة المرتعبة أمام الثوار. وصف أحدهم آمرلي بأنها ستالينغراد العراق ، ووصف من يطلق على نفسه صفة أمير قبائل العبيد في العراق والوطن العربي أنور العاصي بأن ( تحرير ) ناحية آمرلي يشكل ( نقطة الشروع لإعادة المدن التي يسيطر عليها "الارهاب"، وانطلاقة لإعادة "الهيبة" لقوات الجيش العراقي بعد تأثرها كثيراً نتيجة أزمة الموصل ). وأعلن أنه بدأ بتشكيل صحوات جديدة لمقاتلة الثوار في مناطق جنوب غربي كركوك. والسؤال الذي يتداوله العراقيون بمن فيهم المخدعون بسلطة الاحتلال هو أين كانت قوات الحكومة والقوات الإيرانية والميليشيات الطائفية والصحوات الحكومية ومتطوعو ما يسمى بالحشد الشعبي طوال الـ83 يوماً التي حاصرتها فيها ثلة الثوار، ولما لم تبرز عضلاتها إلا بعد انسحاب ثلة الثوار منها وبعد مجيء الطائرات الأجنبية؟ كتب أحد الصحفيين الوطنيين في بغداد كلمات بليغة حول هذا الموضوع ، إذ قال : ( آمرلي وتحريرها مصيبة اخرى من مخلفات سياسيين مراهقين لا يفقهون في ادارة البلد ولا يوما واحدا .. اليوم يحتفلون بتحرير آمرلي القرية العراقية من "الارهاب" .. جيد جداً لكن المعيب في الامر كيف ضاعت هي ومئات القرى ومحافظات اخرى؟ اي حكومة هذه التي تدير البلد وهل ستضمن الحكومة عدم احتلالها مرة اخرى ؟ حكومة بيانات وارقام فالمتتبع لارقام وبيانات قاسم عطا وقناة افاق والعراقية حول قتل اعداد الارهابيين من خلال " نسور الجو " يجد أنهم قتلوا 180 ارهابيا بضربة جوية واحدة ، والاستخبارات وبالتنسيق مع طيران الجيش يقصفون رتلا لـ"للارهاب" مكون من 200 "ارهابي" وحرق سياراتهم جميعا حتى اطاراتها و .. و .. و .. و .. ولو جمعنا ارقام القتلى صدقوني لم يبق ارهابي حتى في افريقيا وقندهار .. حكومة تعلن كل يوم سقوط قرية وتحريرها بعد 4 اشهر اي بلد هذا واي حكومة ؟ لكن للحق اقول ان سياسيينا لعنهم الله اقوياء ولم يفرطوا بقصر واحد تابع لهم لا في المنطقة الخضراء ولا في العرصات او الكرادة والمنصور والحارثية المهم قصر ابراهيم الجعفري سالم وقصور السدة سالمة والشوارع مغلقة .. الله يغلقها عليهم بحق قاضي الحاجات يا مجيب الدعوات ). وهكذا يتبين لكم أية كذبة هي السيطرة على آمرلي التي يصدقها بعضهم اليوم .. فهي أصلاً كانت تحت سيطرة الميليشيات والصحوات الحكومية وكان ثلة من الثوار موجودة في المناطق المحيطة بها مما جعل هذه الميليشيات تتخوف من الحركة واعتبرت نفسها محاصرة فيها ، ليأتي الفاتح هادي العامري ويفتحها بعد 83 يوماً في مسرحية مضحكة ضحك العالم لها طويلاً. نحن نعلم أن العراقيين جميعاً مطمئنون إلى قوة ثورتهم ، ولكننا نطمئن من في قلبه بعض شك أو ريب أن الثورة لا تفت في عضدها مسرحيات من هذا النوع تضحك الثكلى وأنها ماضية إلى أهدافها المرسومة بثقة أسد هصور.