نعم، في السياسة مرونة.. ولكن هل هي مرونة بلا ضوابط وليس لها معايير؟ نعم، تستطيع أن تحصل بالمرونة، أحياناً على ما لا تطيق الحصول عليه بالشدة، ولكن هل المرونة في السياسة تذلل وخنوع وخضوع وتملق وتضرع؟ الآن، وليس في أي وقت مضى، أصبحت الأوراق كلها مكشوفة، فلماذا يتداعى بعض الكتاب والصحفيين وشيوخ العشائر والسياسيين ممن كانوا، حتى الأمس يدعون أنهم في خندق الثورة للدعوة إلى إسناد حكومة العبادي بصفتها حكومة تغيير، وبلا شروط أو شروط هي في الحقيقة حقوق لا يمكن انتزاعها إلا بالثورة والتجارب أثببت ذلك وأحمق من يجرب المجرب. هؤلاء يعرضون أنفسهم عبر كتابات وبيانات عسى أن ينتبه إليهم حيدر العبادي ويعينهم وزراء أو مديرين أو مسؤولين في حكومته أو يعطيهم من السحت الحرام فتاتاً.. لكن هذه الثورة العظيمة هي ثورة شعب، لا ثورة نخبة سياسية أو حزب أو جماعة لكي تفت في عضدها انتهازية الانتهازيين او سقوط المتساقطين أو تراجع المتراجعين أو سيلان لعاب أدنياء النفوس، بل إن سقوط هؤلاء وتراجعهم وارتدادهم وتهاويهم على مصالحهم الشخصية الرخيصة هو قوة للثورة لكي لا يظلوا يمارسون لعبهم داخلها ويشوهونها أو يثقلون حركتها نحو أهدافها، وإذا بانت عورات هؤلاء اليوم خير من أن تظهر غداً. الاستبشار بأن العبادي سيحيد عن منهج حزبه أو أجندة واشنطن أو طهران أو أنه سيوقف الحرب على الشعب ويبني، وهو الطائفي ابن الحزب الطائفي، دولة مدنية سيكون كمن يستبشر بإعلان إبليس توبته بعد عصيانه ربه. أحدهم يسيل لعابه لدينار يرمى له دعا شيوخ العشائر إلى الوقوف وراء العبادي، ومتصيحف غير خطابه لأن ولي نعمته انحاز إلى الخندق الآخر وكاتب يدعو إلى إعطاء فرصة للعبادي، ولكنه يعجز أن يخرج لنا طابوقة طاهرة من الطابوق الذي بنيت فيه مرحاض، وسياسي تراه راقصاً في كل حفلة يأمل أن يجعله العبادي وزيراً، ويرى أن طائفته لا مرجعية لها.. وكأن الحرب حرب طوائف لا حرباً على الطوائف كلها، وسياسيون يطالبون بالتفاوض مع الحكومة الجديدة لأن حصرمها بالنسبة لهم خير من عنب الثورة الذي لم ينضج بعد. الثورة هي مرجعية جميع طوائف العراق وقومياته ودياناته، وهي تشتد صلابتها ويزداد أعداؤها ضعفاً مهما ابتدعوا من دعوات تغيير، ولأن الشعب مع الثورة والمتملقون مع أعدائها، فهي المنتصرة وعنبها سينضج في حينه وفي الوقت المرسوم، ولا يوجد شعب في الدنيا لا يعرف من الذي معه ومن الذي عليه، ومن الذي يناضل ويقاوم ويبذل دمه رخيصاً من أجله، ومن الذي يستقتل لتحقيق مآربه الخاصة.. هذا شعب لن يخدع.. فانتبهوا...