يستعرض نوري المالكي انجازاته للعراقيين، بصلافة صفيقة ما بعدها صلافة ولا صفاقة، وكأنه يخاطب شعباً ميتاً لا يمتلك وعياً ولا إدراكاً ولا يفقه أبداً ما يدور حوله، فهو يقول: ( وفي ظل هجمة ارهابية شرسة ومنظمة وعملية سياسية مخترقة من بعض القوى السياسية التي ترتبط باجندات خارجية وتتحرك من خلفية طائفية وعنصرية، نجحنا في تحقيق انجازات كبيرة في مجالات الاعمار والبناء والخدمات وإطلاق المبادرتين الزراعية والتعليمية والمبادرة الوطنية للسكن التي ساهمت بدرجة كبيرة في تحقيق قفزة نوعية في هذه المجالات الحيوية الى جانب اطلاق جولات التراخيص النفطية واستثمار حقول الغاز للمرة الاولى في تاريخ العراق والمضي قدما في زيادة وانتاج وتصدير النفط ودخول رؤوس الاموال الاجنبية والمستثمرين وتحقيق زيادة كبيرة في رفع مستوى رواتب موظفي الدولة وتحسين المستوى المعيشي لعموم ابناء الشعب العراقي الذي سيبقى محفورا في ذاكرته انزال حكم القصاص العادل بالطاغية واعوانه المجرمين بحق العراق وشعبه من جميع مكوناته ) . إنه يدافع عن العملية السياسية التي فرضها فلولاها ما كان، ولكنه ينسى أنه المؤجج الأكبر للطائفية، ويتهم بها شركاءه الذين لا نبرؤهم منها، فهو ناحت مصطلحات أبناء يزيد وأبناء الحسين، وهو الذي يخاطب شعب العراق بـ ( هم ) و ( نحن ) . يقول ديفيد كيلكولن، الذي كان المستشار للجنرال ديفيد آتش بيتروس في العراق: ( لقد فقدنا ذلك النفوذ "يقصد قوات الاحتلال الأمريكي". في تلك الفترة برزت فعليا ميوله الطائفية "يعني المالكي" إلى الصدارة. مع جمود آخر لانتخابات العام 2010، بدهاء هزم المالكي منافسه لكي يكسب فترة أخرى بدعم ملحوظ من الأمريكيين التواقين للحفاظ على الاستقرار. أنكر مسؤولون أمريكيون دعم المالكي قائلين إن منافسه لم يكن باستطاعته تشكيل ائتلاف ) . ويضيف كيلكولن: ( في الحالتين أصبح المالكي أكثر طائفية وساءت العلاقة أكثر. أعاق المالكي الجهود الأمريكية لإرسال مستشارين عسكريين عقب مغادرة القوات ولكن عقب تخطي المتشددين الاسلاميين للحدود السورية أصبح أكثر إحباطاً لدرجة أنه طلب المساعدة من واشنطن التي لم تتحقق له. وقال المسؤولون إنه شعر بأنهم تخلوا عنه. حتى بعدما أرسل الرئيس أوباما المستشارين وطائرات الاستطلاع ظل المالكي يرفض النصيحة الأمريكية ) . وعندما يستعرض المالكي إنجازاته في مجالات الاعمار والبناء والخدمات وإطلاق المبادرتين الزراعية والتعليمية والمبادرة الوطنية للسكن وإطلاق جولات التراخيص النفطية واستثمار حقول الغاز وزيادة وانتاج النفط وتصديره ودخول رؤوس الاموال الاجنبية والمستثمرين وتحقيق زيادة كبيرة في رفع مستوى رواتب موظفي الدولة وتحسين المستوى المعيشي للعراقيين واغتيال الرئيس الراحل صدام حسين ورفاقه، فإنه يُضحك الثكلى، فالناس لم تلمس لمس اليد شيئاً مما تبجح به، فالخراب الذي تركه الاحتلال مازال شاخصاً في كل شبر من العراق بل اتسعت مظاهره، والمظاهر الحضارية غابت عن شوارع المدن وتراكم فيها الخراب والفوضى أكثر من ذلك الخراب وتلك الفوضى التي عمت العراق بعد الاحتلال الأمريكي، وتراجع التعليم بنحو سافر وسادته مظاهر طائفية ليس بالمقدور أن تخفى على الأعمى، أما مبادرته الزراعية فلعله يريد أن العراق في عهده أخذ يستورد حتى البصل والبقدونس والفجل. أما الادعاء بالمضي قدما في زيادة وانتاج وتصدير النفط ودخول رؤوس الاموال الاجنبية والمستثمرين، فهو من الكذب الصراح، إذ فقد العراق جميع المكتسبات التي حققها تأميم النفط وجعل فيها مردوداته كلها لصالح الشعب، فأعاد المالكي وأشقاؤه وكلاء الاحتلال نفط البلاد مرهوناً لإرادة الشركات الاحتكارية، فأية زيادة كبيرة تحققت في رفع مستوى رواتب موظفي الدولة وتحسين المستوى المعيشي لعموم ابناء الشعب العراقي، والفقر زادت معدلاته في العراق إلى درجة غير مسبوقة والبطالة تكشر عن أنيابها في وجوه الخريجين والطاقات البشرية، ولم يفتح للعاطلين عن العمل سوى باب الموت، إذا يتطوعون في قواته المسلحة لقتال أبناء شعبهم في الحرب التي شنها على العراقيين، من أجل أن يكون بطلاً طائفياً، بل وحتى من يسعفه الحظ في الحصول على وظيفة يدفع رشى تساوي راتبه لشهور ربما تصل إلى سنة أو أكثر. أما تبجحه بإعدام الأسرى من قادة النظام الوطني، فتلك، فعلاً، ستبقى محفورة في ذاكرة العراقيين كأخس جريمة اقترفها، وخصوصاً عندما أصر على إعدام الرئيس صدام حسين في عيد الأضحى، وتناسى المالكي، تماماً، الإنجازات التي حققها وزير عدله حسن الشمري ببناء السجون وتوسيعها وقتل المسجونين داخل زنزاناتهم وإصراره على إعدام الأبرياء ومقاومي الاحتلال الأمريكي وسماحه للميليشيات الطائفية بالدخول إلى السجون والمعتقلات والاعتداء عليهم. وتصل الصلافة الصفيقة ذروتها بالمالكي عندما يقول، مخاطباً العراقيين: ( كنت وسأبقى على العهد مع الله ومعكم في الدفاع عن العراق العزيز، ولن افرط بثقتكم حين خرجتم نساء ورجالاً شيباً وشباباً، وضحيتم وتحديتم حتى الاستشهاد وانتخبتمونا بأصابع شريفة مضمخة بالحبر البنفجسي وبالدم الطهور حتى حققنا اعلى الارقام ونلنا اكثر الاصوات ككتلة وكمرشح بين المتنافسين، في يوم تأريخي مشهود سيظل علامة مضيئة وحقيقة دامغة في تاريخ العملية الديمقراطية في العراق ) . فأي استخفاف بعقول الناس هذا؟ وأي عراق دافع عنه المالكي وهو اصطف إلى جانب أعدائه، منذ ما قبل الحرب التي فرضتها إيران على العراق وأثناءها وتوج خيانته بالمجيء مع المحتل لتدميره؟ ثم ما هذه المعارضة القوية له التي كشفتها الأيام الأخيرة إذا كان الناس فعلاً خرجوا نساء ورجالاً شيباً وشباباً، وضحوا وتحدوا حتى الاستشهاد وانتخبوه بأصابع شريفة مضمخة بالحبر البنفجسي وبالدم الطهور حتى حقق اعلى الارقام ونال اكثر الاصوات ككتلة وكمرشح بين المتنافسين، كما يزعم؟ وعندما يقول: ( إن فضلكم سيبقى امانة في عنقي، وسأحفظ الامانة ولن اترك واجبي، ولن انثني امام الجراحات التي تحملتها وسأتحملها حتى لو لم يبق في جسمي مكان لجرح من قريب او بعيد، ليس ذلك منة مني على احد، انما هي مسؤوليتي وواجبي الشرعي ان أدافع عن هذا البلد وشعبه ومقدساته ) ، فإننا نسأله أي أمانة حفظتها في حياتك كلها والفساد المالي والإداري لم يستشر إلا في عهدك المقيت الذي أحس كل عراقي، صغيراً وكبيراً بثقله على قلبه، وفقد كل بيت عراقي واحداً أو اثنين أو ثلاثة من أبنائه بالبراميل المتفجرة وبالتفجيرات والمفخخات والكواتم التي مارستها أنت وشركاؤك في العملية السياسية بقصد ترويع العراقيين وتصفيتهم على أساس طائفي، وقتلهم جميعاً في حرب شننتها عليهم، فالقاتل والمقتول كان خسارة للعراقيين وللعراق فكلاهما عراقيان. كان بودي أن يكون هذا المالكي أكثر شجاعة ويعترف في خطابه الأخير بتوسع النفوذ الإيراني في العراق، حتى أصبحت حكومته لا تقرر شيئا من دون المرور على إيران التي أرسلت جنودها ليلقوا حتوفهم على أيدي ثوار العراق ويعودون في توابيت إلى طهران، وأن يعتذر للعراقيين عما سببه لبلدهم من دمار ولأبنائهم من موت مختلف الأشكال، ولكن متى امتلك طائفي وعميل وخائن وقاتل شرف الوقوف بشجاعة والاعتذار عما اقترفته يداه الآثمتان؟ يتبـــــــــــــــع ..