كانوا يقولون : الصحافة مرآة المجتمع. أما اليوم فمن الصحيح أن نقول إن شبكة التواصل الاجتماعي ومنها الفيس والتويتر هي مرآة المجتمع، فأنت تجد بعض من كان يكتب في هذه الشبكة عن ضرورة إزالة العملية السياسية ويعدها أس بلاء العراق، يعلن بهجته بفوز حيدر العبادي برئاسة حكومة الاحتلال على المالكي بضربة أمريكية قاضية، وكأن العبادي سيزيل لهم العملية السياسية الاحتلالية ويبني لهم عراقاً قوياً حراً ومستقلاً، متوهمين أن المستنقع الوبيء، الذي هو حزب الدعوة، يمكن أن يخرج لهم من باطنه دراً وجواهر نفيسة وغالية ونادرة الوجود. الحال لن تتغير بوجود المالكي أو بوجود أي ممن امتطاهم الاحتلال لتنفيذ مآربه. بالمقابل، تجد أن هناك ثابتين على مواقفهم لم يخدعهم تغيير الوجوه، مدركين أن الصخر لا يمكن أن ينبت ورداً، كما تجد أن هناك قوماً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، مثل مقود السيارة يديره من يجلس خلفه إذا كان سائق السيارة الأصلي أم سارق سرق السيارة. خلاصة القول إن العبادي لن يكون بأفضل من المالكي، إن لم يكن أسوأ منه، ومجيئه لا يختلف أبداً عن مجيء بول بريمر بدلا من جي غارنر، أو مجيء نيغروبونتي بدل بول بريمر، فالمرسوم في السياسة الأمريكية يجب أن يمضي إلى ما تريده أمريكا، من وجهة نظرهم طبعاً. أما من وجهة نظرنا فإن إرادة الشعب تلد مقاومتها القوية لمناهضة هذا المرسوم، وليس كما قال رافع العيساوي، في حديث له استمعت إليه في أحد مجالس العاصمة الأردنية عمان، أمس، إن المقاومة العراقية لا تساوي شيئاً . إن العيساوي ومن لف لفه وحذا حذوه تلوثوا بالعملية السياسية وغرقوا فيها، على الرغم من أنهم يخلقون الأعذار لأنفسهم ليبرروا لأنفسهم جرائمهم وخيانتهم ومصافحتهم لمن ذبح البلاد والشعب، وهم يدافعون إلى آخر نفس عن هذه العملية الإجرامية ويبتكرون المشاريع لإنقاذها، وهم بذلك يرتكبون جريمة أخرى لا تقل عن جرائمهم الأولى التي اقترفوها ضد العراق وشعبه، فهم بتقزيمهم المقاومة العراقية، خسئوا، يريدون القول إن العراقيين بلا شرف ولا غيرة وهم أدنى درجة من الشعوب الأخرى التي لا تمتلك تاريخاً كتاريخ العراقيين الذين لا يقاومون، بل ينتظرون الدولة الاسلامية لتقاوم بدلاً عنهم، وهو بهذا القول يسعى إلى شق صفوف الفصائل المقاومة التي تقاتل لتحرير العراق والتقليل من قيمتها وهي التي طردت أسياده من أرض العراق تسويقاً لمشروع صحواته الجديد الذي طرحه والذي سماه الحرس الوطني،. وفهمت من حديث العيساوي، على الرغم من مراوغته وتلاعبه بالألفاظ والمواقف، إن اللجوء إلى أمريكا لحل ما سماها المشكلة العراقية مع الاعتماد على ما سماها النخبة السياسية المؤمنة بالعملية السياسية الاحتلالية، جيدة كانت أم سيئة، هو الطريق الصحيح، أما اللجوء إلى الشعب والاصطفاف معه فلن يجدي فتيلا. أسوق حديث العيساوي هذا لأثبت لكم أن ما أفرزته مقاومة الشعب، منذ انظلاقتها المباركة، هو خندقان لا ثالث لهما، هما خندقا الشعب والعملية السياسية، ويؤسفني أن أقول إن الذين لا إلى هذا الخندق ولا إلى ذاك، هم مع خندق العملية السياسية.فليتسح الذين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ويخجلوا ويحددوا مواقفهم لكي لا يشاركوا بذبح الوطن والشعب، بحجة تبديل الوجوه لا السياسات.