العملية الجراحية الكبرى التي أجراها أطباء أمريكان كبار لفصل نوري المالكي عن كرسي العملية السياسية في العراق بعد أن أصابت ثورة العراق الكبرى هذه العملية بالتهابات خطرة وأنذرت بموتها، أظهرت حجم النقمة والمعارضة والرفض الشعبي لهذا المالكي، ولولا هذه الالتهابات المميتة ما تعرض أحد للولايات المتتابعة لهذا الكائن الاحتلالي المقيت. ونسبة نجاح هذه العملية، كما يوقن الأطباء الذين أجروها، هي أقل من 10% فقط، ونسبة فشلها وموت المريض أكثر من 90%، فالثورة مستمرة ولن تتوقف إلا بتحقيق كامل أهدافها في التحرير والبناء والنهوض. إن المعارضة الكبرى للمالكي وسياساته ومجمل العملية السياسية التي دمرت الوطن والشعب والتي أبداها العراقيون فضحت كذبة الكتلة الأكبر التي طنطن لها حزب الدعوة ورئيسه المالكي وصدع رؤوس الناس بها ومازال متمسكاً بها، والفرحة الشعبية برحيله لم تكن لرحيله بذاته، وإنما لأن هذه الجماهير تقدمت خطوة موفقة، إلى جانب ثورتها في طريق نضالها للتخلص من كامل العملية السياسية الاحتلالية وافرازاتها وشخوصها، وكشفت هذه الفرحة أيضاً عن أن نضال هذه الجماهير لن يتوقف حتى تحقق الثورة كامل أهدافها، ومن هنا نتبين حجم التزوير الواسع لإرادة العراقيين الذي مارسته أحزاب السلطة، من كل الألوان والطوائف التي تدعي تمثيلها، وكذبها على الله والعالم والعراقيين جميعاً. إن المطلوب، الآن، تصاعد الرفض الجماهيري لجميع الإجراءات اللاحقة لحكومة الاحتلال الجديدة بالتزامن مع تصاعد الفعل الثوري المقاوم. وقد بدت هذه المعارضة في التظاهرات الجماهيرية التي عمت العراق والتي قذفت صور المالكي بالأحذية ومزقتها وأحرقتها، كما بدا نموذج من هذه المعارضة الشعبية لجميع المنتجات الاحتلالية في مجلس الدكتور عمر الكبيسي، الذي حدثتكم عنه أمس، والذي استضاف الدكتور رافع العيساوي أحد شخوص العملية، والذي أفشل العراقيون محاولته تسخير انتفاضتهم واعتصاماتهم لصالحه وصالح مشروع حزبه الاسلامي العميل ، وعندما وصف العيساوي ثورة الشعب بأنها ارهاب، وأن ثوار العشائر فيها نسبتهم ضيلة جداً، نهض شيخ كبير يعتمد في مشيه على عصا يتوكأ عليها اسمه مجيد الكبيسي ( أبو عمر ) وتوجه، في حركة لها أكثر من مغزى، إلى الحمام المجاور لجلوس العيساوي ، وعندما خرج من الحمام توجه إلى العيساوي قائلاً : نحن نسمي ما يجري في وطننا ثورة فسموها أنتم ارهاب أو ما شئتم، فنحن سنظل نعارض عمليتكم السياسية وأحزابها وشخوصها. وارتفع أكثر من صوت قوي يرفض طروحات العيساوي ويفندها ويعارضها بنحو علمي عبر عن وعي شعبنا وإدراكه، ومنها أصوات الدكاترة عمر الكبيسي وسعدون الزبيدي وحسن البزاز ومؤيد الونداوي وصلاح الجميلي ورحيم الكبيسي والسادة عامر سمير وجلال بزيغ الكعود وعبد القادر الجميلي. إن هذه الأصوات كلها وغيرها الكثير، وأستثني أصوات الذين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لأنها قليلة ولم تحدث آراؤها أدنى صدى في المجلس لتملقها وانتهازيتها، أكدت ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية وعودة العراق سيداً حراً مستقلاً وإزالة العملية السياسية ودعم ثورة الشعب حتى أجيال الأجيال، إن تطلب الأمر ذلك، مقابل وصف العيساوي لها بـ ( الوطنجية ) و ( القومجية ) ، ومحاولته جرها إلى تأييد مشروعه المشبوه، الذي سماه الحاضرون ( صحوات جديدة ) مهما حمل من أسماء براقة، وسعيه إلى إقناعهم أن العراقيين في الداخل ليسو العراقيين ما قبل 9 نيسان 2003. وأكثر ما أعجبني في هذه المعارضة القوية أنها أظهرت العيساوي على حقيقته الانتهازية، فهو لم يجد بداً من القول: اتركوا مشروعي جانباً وابدأوا بمشروعكم الوطني وأنا معكم، وإذا كان لديكم مشروع للأقاليم فأنا معكم، وإذا كان لديكم مشروع لأهل السنة فأنا معكم أيضاً. ولكنه قال إن المشروع الوطني لن ينجح وأنتم تتحدثون فيه لأنكم كنتم رجال دولة سابقة، ثم أن الساحة موجودة فمن أين نأتي بقيادات وطنية، متوهماً أن من جاء بهم الاحتلال قيادات، ومتناسياً أن القيادات الوطنية الحقيقية تم اجتثاثها أو هي تربأ بنفسها عن العمل ضمن العملية السياسية للاحتلال. خلاصة القول إن العملية السياسية بعد رحيل المالكي أصبحت في خطر أشد مما كانت في وجوده على رأس الهرم الحكومي الاحتلالي، وهي لن تشفى من مرضها الخطر المميت مادامت المعارضة الشعبية لها قائمة ومستمرة في الداخل والخارج، ومادامت الثورة عليها متواصلة وأصبحت أشد عوداً وأكثر صلابة واصراراً، ولينبحوا ما شاء لهم النباح أن هذه الثورة ليست ثورة وأنها ارهاب ، فالكذبة فضحت وعرف العراقيون أن الحزب الاسلامي والأحزاب الطائفية الأخرى وجهان لعملة واحدة سيسقطها الثوار ويبدلونها بعملة عراقية أصيلة.