حينما تتصارع قوى الشر والظلام وتتضارب مصالحها تتأرجح التحالفات وتتحشد الأمكانيات وتتضائل فرص التفاهمات في معركة حصاد سوء النيّات على ارض التراث والحضارات فلا يرجى من نتائج هذا الصراع خيرا للبلاد والعباد بل نارا طاغية على كل المستويات حارقة لكل جميل في الحياة فأستنفار الطاقات امام المغريات لمنفعة الذات لا تعطي ثمارا ولا تزيل غبارا ولا تقود الى اصلاحات لأن نار الغيرة والأنتقام وبركان التشفي تنتزع من الأنسان انسانيته فيمسي وحشاً همه الأول اشباع رغباته ونوازعه حتى لا يقوى على مغادرتها لأن تطهير النيّة من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد حسب قول الأمام علي عليه السلام . ان التهافت على المناصب والصراع من اجلها ليس لأجل المنفعة العامة بل لأن هذه المناصب أصبحت بابا مفتوحا على مصراعيه لتراكم الثروة وازدهار الحال وزيادة الأموال مما اشعل نارالصراع حولها بين اقرب الناس في الطائفة الواحدة والحزب الواحد وما استماتت المالكي وتشبثه بمنصبه الا شاهدا على ذلك فهو لم يقدم شيئا يذكر الا الخراب والدمار لكنه امتلك ثروة لا حدود لها ولم يكن يحلم بها يوما ما وعندما نجري المفاضلة بين المالكي والعبادي فلا نجد فرقا يذكر بين هذا وذاك فالشجرة واحدة مهما تعددت غصونها واختلفت تفرعاتها والسواقي مهما تنوعت مساراتها فالمنبع واحد لذا فأني لن أجد مبررا للتفاؤل الذي تبديه بعض الشخصيات السياسية او ما تتناوله بعض وسائل الأعلام المأجورة التي باتت تغرد بعيدا عن الحقيقة لتبين ان مجرد التغيير في الشخصيات والأدوار يقود الى معالجة كل المعاناة والهموم التي يعاني منها العراق وشعبه . ان وجود المالكي او العبادي لا يغيّر من الواقع شيء فالأثنان ينتميان الى نفس الطائفة السياسية ويمتلكان نفس الرؤى والمناهج والأفكار ويرتبطان لذات المدارس والقوى والأشرار وخالفا كل المواثيق والأعراف والقواعد الأساسية للتعايش والسلم الأجتماعي ورهنا حياتهما السياسية المنخورة لتنفيذ أجندات رهيبة أدمت القلوب وهزت النفوس بدافع الطمع لأشباع شهواتهم الشيطانية غير عابئين بما يعانيه الناس بمن فيهم جمهورهم فلم يعد ينطوي على أحد رواج الحديث عن الديمقراطية والعدالة والمساواة والمشاركة الجماهيرية فالعملاء والخونه لا يبنون دولا ولا يسعدون شعوب لأن الحقد متجذروالظلم آثاره واضحة للعيان والمفسدون يرتعون بلا رقيب وأماكن الأيواء للظالمين والمفسدين آمنة وسياجاتها عالية في زمن الحكم الطائفي للعراق والأصطفاف معه والركون اليه خيانة للوطن والأمة وضياع للمشروع الوطني الجامع والسليم . لقد حظي الأنسان بأهمية كبيرة ومسافات متساوية في ظل انظمة الحكم المتعاقبة في العراق وربما بدرجات متفاوته حسب طبيعة النظام ووطنيته لكنها اجمعت على ان روح الأنسان وحياته من المحرمات التي لا يمكن تجاوزها مهما كانت الأسباب فأصبح الأنسان في زمن العمالة مهانا مهمشا ويومه كسواد ليله وبصورة واضحة يراها حتى من فقد بصره وبصيرته على مدى أحد عشر عاما حيث كانت احزاب السلطة وهم أقطابها هي الداعمة والراعية لجميع هذه المظالم فهل خروج المالكي بعد ان تخلى عنه اعوانه وداعميه من الأمريكان والأيرانيين وشركائه السياسيين بعد ان ايقنوا ان خدماته قد انتهت وتنصيب العبادي لأكمال المهة التي بدئها سلفه هل ينهي هذه المآسي ويعيد الحقوق لأصحابها في المحافظات الثائرة ( الموصل - الأنبار - ديالى - كركوك - صلاح الدين - بغداد ) ومدن اخرى في طريقها للثورة بالتأكيد كلا فلا خير يرتجى منهما والعراق اليوم ليس بحاجة للطوائف السياسية والأحزاب المذهبية او من يمثلهم بل انه بحاجة لتوحيد الجهود لأكمال مسيرة الثورة والجهاد في سبيل الله والوطن وادامة زخم وقوة الثوار فهي التي تبعث في النفوس الأمل وتعيد للحياة بهجتها وللشعب حقوقه وآماله وللعراق هيبته ومكانته ليس الا ولن نجني غير الضياع من العبادي وتنفيذ اجندات ودسائس الأعادي.