مقالي الذي نشرته بعنوان ( ملعونون أنتم يا من تقاتلون في حرب غير مقدسة ) أثار حفيظة الطائفيين من الألوان كلها، ومع أني أسفت فيه على الدم العراقي الذي يراق بأيد عراقية وبتحريض أجنبي وأجندة خارجية ينفذها وكلاء المحتل وعملاء إيران، إلا أن ذلك كله لم يشفع لي لدى طائفيي هذه الألوان كلها. وعلى الرغم من أني شبعت سباباً وشتائم من هؤلاء الطائفيين إلا أني لم أزعل منهم ولم ألمهم لأني أعي أن منطقنا وخطابنا وتوجهنا الوطني مضحك في نظرهم، كما نستنكر نحن منطقهم وخطابهم وتوجههم الطائفي وندينه ونشجبه، لكني في الحقيقة استفدت كثيراً من محاولة وطنيين تبيان الحقائق لهؤلاء الطائفيين فيجابههم الطائفيون بالنعوت التي حفظوها عن ظهر قلب منذ قرون الظلام وهي ( أبناء المتعة، جهاد النكاح، أبناء يزيد، أبناء معاوية، صفويون، أمويون، روافض، نواصب.. الخ ) ، فقاموس الطائفيين يخلو من أي مفردات حضارية أو وطنية، ولا يعترف بالحوار طريقاً للوصول إلى الحقائق، والشتائم والسباب والتنابز بمفردات السوء هو ما يجيدونه فقط. وتستطيع أن تكتشف من خلال التعليقات أن من يرى أن الثورة أمل العراق والعراقيين في الخلاص مما فرضه المحتل والعودة بالعراق سيداً محرراً قوياً يبتعد عن الخطاب الطائفي ويشجبه، ومن يرى أن القضاء على الثورة أمل وكلاء المحتل والمخدوعين بخطابهم المفرق في بقاء الأمور على ما هي عليه الآن في العراق والسير حثيثاً في إبادة شعبنا وتمزيق وطننا يوغل في استعمال الخطاب الطائفي المقيت ويعده سفينة النجاة للعملية السياسية الاحتلالية. قال أحدهم، ظاناً أنه سيخدع الآخرين بأنه ليس طائفياً : ( الأصوات الطائفية لن تسكت، انظر استاذ سلام الى ما يقوله هذا الـ "........." إنه ينظر الينا على أننا جميعا دون استثناء اولاد زنا ومتعة ، هذا الذي تدافع عن امثاله استاذ سلام انظر كيف يصفنا بنظرة استعلائية متكبرة لأنهم اعتادوا على الحكم ولسنا اكثر من عبيد عندهم .. لماذا لا ترجع الى اهلك ومحبيك وتدع هؤلاء النواصب القتلة الذين لا يحتاج اجرامهم الى دليل؟ ها أنت تدافع عنه ويصفك بالفاظ نترفع عنها .. تالله لن يحبونا ) . ظن هذا الشخص الذي ملأ صفحتي بالسباب والشتائم الهابطة بأني أصبت بالحرج واستطاع أن يفحمني بمنطقه الطائفي، خصوصاً بعد أن تأخرت في الرد عليه لانشغالي، فأجبته وسواه من المعلقين : ( الاخوان جميعا .. الذي يناقش موضوعا او يتحاور فيه يجب أن يفنده أو يؤيده بأدلة علمية ومنطقية وعقلانية لا أن يعمد الى لغة هابطة في السب والشتم، المقال يسعى إلى تجسيد أخلاق الثوار، تلك الاخلاق التي تعطي العذر حتى لمن يقاتلهم بأنه أخطأ اذ انساق وراء تحريضات اعداء العراق او ادعاداتهم الزائفة، ويؤسفني أن أقول أن أياً من الذين قدموا أنفسهم بأنهم شيعة في هذه التعليقات لم يكونوا من الشيعة العرب فهذه ليست أخلاق الشيعة العرب ولا هذه لغة خطابهم، فالشيعي العربي لا يجد فرقا بينه وبين اي مسلم، وإنما كانوا من شيعة الدين الذي استحدثه الفرس من التشيع الصافي بعد أن شوهوه ، فالشيعي أو السني في العراق يتذكر اولا أنه عراقي، كما أن الأخوان الذين عرضوا أنفسهم على أنهم سنة لم يكونوا سنة فهذه ليست اخلاق السنة ولا هذه لغة خطابهم، والآن أسأل وعلى الجميع أن يجيب : أين هو الاسلام في جميع ما قلتموه؟ الرابطة العليا المقدسة التي تربط بين جميع المسلمين تركتموها وراء ظهوركم وهرعتم تدافعون عن الرابطة الدنيا وتتنابزون بالطوائف .. اصحوا فأن رقابكم جميعا تحت المقصلة اذا لم تفكروا بالعراق وبدينكم الذي عليه فطرتم، ولا تمر عليكم خدع الفرس الذين يحاولون بجميع الاساليب محاربة دينكم منذ فتح الإسلام بلادهم وازال امبراطوريتهم واخرجهم من الظلمات الى النور. اصحوا فالمؤامرة كبيرة وهي تريد أن تسحق كل عراقي ولا يهمها ان كان هذا العراقي سنيا او شيعيا.. وينصحني أحدهم أن أعود إلى شيعيتي وأنا لم اغادرها، ولم يدرك أنه هو الذي غادرها، فأن تكون شيعيا عليك أن تصلي بصلاة المسلمين جميعا وتمشي في جنائزهم وتعود مرضاهم كما اوصى الامام جعفر الصادق، فمن ذا الذي فعل ذلك منكم؟ لقد أعمت العصبية الطائفية أعينكم وانقدتم الى ما يقوله كهنة قم وطهران فاتقوا الله وتخلقوا بأخلاق نبيه وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام.. فإني ما رأيت النبي ولا أهل بيته في جميع تعلقاتكم سنة كنتم، كما تدعون، أو شيعة ) . ويبدو أن هذا الشخص كان مصمماً على الحديث باللغة الطائفية، فعاد يقول : ( أستاذي سلام الشماع .. نعم الشيعي العربي لا يجد فرقا بينه وبين السني.. لكن ماذا بالنسبة لاخواننا الذين لا ينظرون الينا بأدنى درجة من الاحترام .. لن نشك بتشيعك ولا اسلامك، وانت ربيب الدكتور الوردي المؤمن بالرأي الاخر، لكن ما يحز بالنفس هو كونك تدافع عنهم وعن قضاياهم، اذا توجب علينا ان نتبنى قضاياهم فلا يمكن نسيان جرائم رموزهم التي يقدسونها ويتلمسون لها الاعذار الواهية ) . جوابي عن الحجة التي استند إليها هذا الشخص، وظن أنه يحرضني على ما أؤمن به وعلى وحدة العراق التي أقدس، أن قلت له: ( عجيب أمرك يا اخي "...." فأنا عندما أكتب لا ادافع عن احد سوى العراقي ودافعت عن المخدوعين في جيش المالكي لأنهم عراقيون اضطرتهم ظروفهم او عصبيتهم الطائفية الدنيا الى محاربة اخوانهم في الوطن والدين.. أنا لا ادافع عن طائفي في اي طرف .. ادافع عن العراقي فقط.. أدافع عن السني الذي يشعر بأنه ضعيف من دون الشيعي وعن الشيعي الذي يرى ان الحياة لا تستقيم الا بالعيش مع السني، وعن المسيحي الذي يرى نفسه غير قادر على مواجهة الاخطار بدون اخيه المسلم، والكردي الذي يرى ان هذا الوطن له ولاخيه العربي .. ارجوك انظر الى اعلى ستجد الوطن الذي نراه .. اما الطوائف فكل يعتز بطائفته لكن لا يغلبها على العراق .. وانت تقول ان السني ينظر اليك كشيعي باستعلاء، وانا أؤيدك في هذه النقطة بالذات، ولكن اقول لك ان كلامك يحتاج الى تصحيح بسيط وهو ان الطائفي السني ينظر إليك هذه النظرة كما ينظر الشيعي الطائفي الى السنة بها ) . لكن هذا الشخص لم يلتفت إلى جوابي وواصل سبابه وشتائمه وكلامه البذيء الهابط فاضطررت إلى أقول له : ( يا "........" نحن نحترم الرأي الآخر، ولكنك لم تطرح رأياً لنحترمه ونحاوره بل طرحت شتائم وسباباً وكلاماً بذيئاً يعافه أبناء الشوارع.. إذا كنت تؤيد العملية السياسية تعال لنناقشك ونثبت لك وجهة نظرنا بها، ولكن أن تنفي كل فضائل حزب البعث وتنفي أي انجاز له وتشتمه من دون دليل على ما تقول، هنا ينتهي احترامنا لك ونجيبك باسلوبك ولا يلومنا احد، ولكننا كما علمنا البعث الذي تشتمه نترفع عن الصغائر ولا نمنح التافهين شرف منازلتنا، لذلك سنكتفي بطردك من هذه الصفحة وحظرك حظرا أبديا ) . من هذا كله يتبين للجميع أن أخطر ما يؤذي مسيرة الثورة نحو تحقيق أهدافها، بل أخطره، هو الخطاب الطائفي المقيت، وخصوصاً إذا انطلق ممن يدعي أنه مناصر للثورة وحريص عليها، وحري بهذا الخطاب أن يقبر من أن ينشر فلا تنجروا خلفه ولا تنساقوا وراء أهدافه الخبيثة، ويكفي أن نرد على صاحب مثل هذا الخطاب الخبيث بكلمة واحدة ( سلاما سلاما ) .