منذ إحتلال العراق، وإنطلاق المقاومة العراقية كحركة تحرر وطنية، كنا مؤمنين بكل صدق وموضوعية على حتمية إنتصارها، لعوامل وأسباب عديدة. وعلى إنتشارها في حاضنتها الشعبية التي إلتفت حولها، منذ الأيام الأولى، رغم شراسة قوى الاحتلال، والتواطؤ الأقليمي والدولي، والحصار الواسع لدول الجوار، والمحاولات المحمومة لتجفيف مصادر قوتها على جميع الأصعدة. هذا الإيمان ليس عاطفياً، كما حاول البعض أن يرمونا به، بل يستند على حتمية التاريخ وجدليته، وعلى معرفة تامة بتاريخ العراق، والروح الوثابة لإبنائه، وعلى ثقة مطلقة بالقيادة التي إختارت المواجهة، رغم كل الظروف الصعبة، ومحاولات كسر إرادتها وتطويعها. هذه القيادة التي رفضت إغراءات العودة للسلطة، وتصدت لما أسموه "العملية السياسية" التي أقامها الاحتلال، وتجاوزت محاولات "الانشقاق" التي رتبت في دمشق. وظلت متمسكة بخيار المقاومة كسبيل وحيد لحرية العراق وسيادته وطرد الغزاة والعملاء. المقاومة العراقية، والبعث في العراق، وبالتحالف مع كل القوى والشخصيات الخيرة، تعاملت مع كل مرحلة ـ منذ الاحتلال ـ وفق روحية ثورية إنقلابية، وبدراية تامة بكل الظروف الذاتية والموضوعية في كل مرحلة. لم تستصعب الواقع ولم تهن إرادتها. ولم تستسهل المواجهة وتركن للممكن، بل تعلمت من الصعاب كيف تجذر موقفها. وأتت ـ هذه الأيام ـ الثورة الشاملة، لتؤكد صوابية الموقف الثوري الخلاق الذي سارت وفقه بالجهد والعرق والدم. أي نظرة عملية شاملة لقراءة المسار المقاوم، منذ الاحتلال وحتى اليوم، لا بد أن ترى خصوصية كل مرحلة. وكيف تعاملت قيادة المقاومة والبعث على ضوئها بما يقتضيه الفعل المقاوم لتحقيق الأهداف الوطنية عراقياً والقومية عربياً. وأيقنت هذه القيادة، بالفعل والممارسة والموقف، أن حرية العراق هو هدف يتحقق من خلال جدلية حركة التحرر العربي على امتداد الوطن العربي. ضمن هذا المفهوم الاخلاقي الاصيل، لم تتقوقع قيادة المقتومة و البعث في العراق ضمن نضالها الوطني ـ على أهميته وضرورته ـ وحسب، بل كانت دائماً تتخذ المواقف من كل القضايا العربية العادلة، حتى في الغياب المؤسف للدعم العربي لها. في هذه الأيام ـ بعيداً عن الإعلام المشبوه ـ إنتقلت المقاومة العراقية الباسلة، من حالة الحركة التحررية إلى حالة الثورة الشعبية الشاملة. وهذا التحول الهام الذي تحقق بتلاحم كل القوى الوطنية الخيرة، يبشر بميلاد جديد للعراق على طريق الحرية وطرد الغزاة والعملاء، وبالطبع فإن الإنتصار لن يكون بين ليلة وضحاها، ولكنه آت .. والأيام بيننا.