أثبتت المعارك الشرسة التي تدور رحاها في الموصل وصلاح الدين وديالى والأنبار وكركوك، بما لا يتيح فرصة لمجادل، أن المالكي مصر على محاربة العراقيين في المحافظات المنتفضة، بل وأثبتت أكثر من هذا أن المالكي يشن حربه بجيش هش أسسه المحتل وسلمه له، وأنه يدفع دفعاً باتجاه حرب طائفية فشلت محاولاته العديدة في إشعالها بين العراقيين، كما أثبتت أن سياسة المالكي من القذارة بحيث أنه لا يتورع من أجل كسب سياسي بسيط أن يقتل الآلاف المؤلفة من العراقيين وأن يشرد الملايين المملينة منهم وأن يحرق المليارات الممليرة من ثرواتهم. وتوسل المالكي بالمؤتمرات الفاشلة سلفاً والدعوة للمفاوضات والمراوغات والمداورات والمناورات لن تجدي نفعاً لأن الشعب يعي تماماً أن هذا المالكي لن يلتزم بكلمة ولا بوعد وحكم عليه منذ البداية أنه كذاب مراوغ. وكان مسك الثوار للأرض في الفلوجة والموصل مؤخراً قد أصبح عظمة في زردومه فجميع محاولات جيشه وخسائره البشرية والمادية لم تجعله يتقدم خطوة واحدة في اتجاه اقتحام أي شبر يمسكه الثوار من الأرض. إن الدعوة إلى مؤتمر يوجد ممراً آمناً للمالكي ينفذ منه من الورطة التي وضع نفسه فيها في الأنبار سيواجه حتماً بالإخفاق، فليس الشعب كله سقط متاع كشيوخ العشائر الذين يسيل لعابهم لما يغدقه عليهم من أموال الشعب المنهوبة، والذين نحمد الله على أنهم قلة ومحتقرون حتى من أبناء عشائرهم بحيث أن أحدهم رشح إلى الانتخابات الأخيرة وفشل فيها فشلاً مدوياً، ولو أنه اصطف إلى جانب عشيرته وأهله ما واجه هذا المصير المخزي. إن نينوى الرماح ستتحول إلى أرق بالنسبة للمالكي وأشقائه من مطايا العملية السياسية التي فرضها الاحتلال، أكثر من الأرق الذي سببته له الأنبار وإن عدم انجرار عشائر الجنوب لدعاواه وافتراءاته وتلفيقاته بقصد إثارة حرب طائفية لتدل على وعي عميق بنياته، ووعي بأنه إذا ما فرغ من المحافظات الست المنتفضة فإنه سيستدير إلى محافظات الوسط والجنوب ليمارس فيها إجرامه وإجرام حزبه الإرهابي حزب الدعوة العميل. وإذا أراد العراقيون السلامة من الكارثة التي يعيشونها وتهدد حياتهم يومياً فعليهم الوقوف صفاً واحداً وعدم الانجرار وراء الطائفية التي يؤججها المالكي الذي يمثل أشقاءه مطايا العملية السياسية، وأن يزحفوا لإسقاط هذه العملية وبناء عملية سياسية من صنع أيديهم يرتضيها العراقيون جميعاً.. وإلا فإن جميع العراقيين سيصبحون يوماً ضحايا مفخخاته وعبواته الناسفة واللاصقة وكواتم الصوت، وسيجدون أنفسهم يوماً أنهم جميعاً نازحون مشردون مغتربون.