أثارت نتائج إنتخابات العملية السياسية نقاشا لا يخلو من تقابل يعكس تقابل حاد في الرؤي حد الإفتراق ، و تحميل الشعب مسؤولية ما أفرزته من شخوص، و كأن المتحاورين يعيشون في كوكب غير كوكب الأرض ، و يرون ظروف هذا الشعب بمنظار غير منظار ما تؤكده الإحصائيات إن كان في عدد شهدائه ،أو مساجينه أو مشرديه من الأطفال الأيتام و غير الأيتام ، أو عدد الأرامل أو نسبة من يعيشون تحت عتبة الفقر ، أو المهجرين أو معدل التفجيرات اليومية التي تترصد أبناء الشعب عند كل سوق أو منعرج طريق ، أو كواتم الصوت عند أبواب المنازل دون احتساب المداهمات و الترويع ، و لا احتساب المستوطنيين الجدد من الفرس وصولا الي باكستانيين وهنود مرورا بمن هم أفغان ، و ذلك كله بديلا عن تحسس نقاط التقاطع ، و البناء عليها بما يحصن الفعل الهادف تحرير الوطن ، و وحدة مكوناته الإجتماعية ، و صيانة هويته . نقاشا من منطلقات طائفية في جانب و في جانب ثاني منطلقاته مدنية تحكمها المناكفة و تسويق الرؤي و كأن العراق محرر و بمعزل عن فعل المحتل بشكليه الأمريكي و الإيراني ، حد أن بعض الرؤي تستشعر من خطابها من انها قاب قوسين أو أدني من استلام ادارة العراق لو لا موقف الشعب الذي يوصفه بأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان ؛ بما يؤكد غياب العقل و احلال الغريزة التي يعمل الآخر ــ العدو الحقيقي ــ للتحرر تعميمها بما يسهل له اشغال الكل الوطني و القومي و حتي الإسلامي المستنير وطنيا في المناكفة و الصراعات اللفظية ، وخلق القطيعة المطلوبة بصيغة الشك المتقابل بين الشعب و قواه الخييرة قصد استفراده كمحتل بالواقع لتثبيت مرتكزات و دعائم الإحتلال بمفهوم الإستمرار . فهل حقيقة يتحمل الشعب منا كل هذا التوصيف ؟ أيها السادة 1ـ : قطعا كلنا نعي من أن الشعب ــ أي شعب ــ يبقي الكائن الوحيد الحي ودائم الصيرورة ، و الذي أثبت التاريخ أنه يتصرف بعقل ؛ فهو يأخذ مقاسات فعله من جديد عند منعرجات حياته ... طبقا لما تفرضه ظروفها عليه . فهل وضعنا كمتكلمين شتما للشعب ظروف الشعب لا بصيغة التبرير لما هو قائم و إنما بالحقائق المعاشة ؟ أم وضعناالتصور بغض النظر علي الظروف التي عددت ما هو معلنا منها و الغير معلن قد يكون أتعس و أمر ؟ 2ــ : الكل العراقي ــ الوطني و القومي و حتي الإسلامي المستنير وطنيا و أعني بهذا الأخير من يرفع قيمة الوطن الي مستوي قيمة العقيدة ــ يلوم الكل، الكل يتهم الكل، و الحقيقة هي أن هذا الكل يجب أن يلوم نفسه كل من موقعه لكون الكل إنقاد انقيادا في اتجاه لا يخدم لا مصلحة الرؤية التي يحملها أو يتقصدها و لا يخدم حتي الشعب ؛ اما نتيجة الرغبة المستعجلة للحل أو تحت تأثير الرغبة الذاتية في الهيمنة أو التشفي و الانتقام لما كان نتاجاً لظروف هي أوسع و أعمق من أن يتحملها طرف حتي و إن كان هو المسؤول الأول عليها وكأنها حقيقة مطلقة ... ليحملها للشعب و كأنه المسؤول بدلا من أن نقول نحن المسؤولين عن هكذا نتائج . 3ــ :إن هذا الانقياد صرف هذا الكل العراقي عن اكتشاف حجمه و قدرته علي اعادة البناء و الفعل، هذا الكل الذي يحمل فعلا لا قوة وحدة الثقافية الوطنية و بالتالي وحدة المجتمع و ما تجسمه من صيانة للهوية التاريخية له التي هي إكسير التاريخ الذي يؤسس للعقل البناء لا العقل المخرب ؛ هذا الكل تناسي أنه وراء تاريخ الاختلاف و التعدد و الصراع و الانفصال يقوم تاريخ الوحدة والتكامل والاتصال بائنا . فمتي سيفكر هذا الكل ، إن كانوا رجال فكر أو سياسة أو رجال منظمات المجتمع المدني ، أو حتي رجال المقاومة والثورة رغم أنهم الأكثر وعيا من كل المتكلمين ، من أن التاريخ المشرق للشعوب و الأمم ان كان تحريرا أو نهضة لا تبنيه الأجزاء و لا القطعان الممزقة و المبعثرة و السائبة ، وانما يبني بالكل، الكل الذي أثبت تاريخ مسيرتهم بكل ما فيها من صدق و حتي أخطاء أنهم من يستحضرون الأرض التي يقفون عليها كقيمة عليا مقدسة ؟ و يبقي الشعب هو السند و الملجأ الأول و الأخير بكل ما فيه من شوائب ؛ تماما كالبحر الشوائب تعلو سطحه و لكنها و مهما تكاثرت فإنها لا و لن تحجب ما به من درر . d.smiri@hotmail.fr