في مجلس عزاء التقيت صديق عرفته من خلال وظيفته كوزير للري قبل الاحتلال المهندس ( رسول سوادي ) بعامين بشأن تخصيص قطعة أرض لمركز جراحة القلب على ضفاف بحيرة الجادرية التي نفذت لمقاصد اروائية وسياحية في حينها كان الرئيس الراحل قد أمر بتخصيصها لتكون مستشفى لجراحة وامراض القلب في حينها عرفته وزيرا متميزا بالكفاءة والنزاهة والعمل الجاد والكفوء ليل نهار بملابس العمل وأنه من بين الذين اختيروا وزراء ليس على أساس انتماء حزبي ودرجة حزبية متقدمة ولكن على أساس ما قدمه من خدمات وكفاءة ونزاهة وبميزان الميدان والإعداد والاختبار ، حاله كحال وزير النقل السابق احمد مرتضى و وزير الصحة اوميد مدحت و وزير التجارة محمد مهدي الراوي وبكر رسول وعبد الإله حميد وغيرهم كثر ممن سيذكر التاريخ ويسجل لهم حسن الأداء والنزاهة منذ تاسيس الحكم المدني ومنهم ساسون حسقيل وزير المالية و فاضل الجمالي وصديق شنشل وابراهيم كبه ومحمد حديد وغيرهم كثر رحمهم الله جميعا . التقيت اليوم وزير الري صدفة المهندس رسول سوادي في مجلس العزاء وكان غرق اطراف بغداد وابو غريب وتهديد مركز بغداد هو صلب الموضوع والحديث ونحن نتحدث عن المأساة التي حلّت بالسكان والموارد والمؤسسات . رجوته ان يدلو بما لديه من خبرة ونصائح وبما ينقذ الناس لمن بيده القرار ويعرفهم في وزارة الري حاليا ، أجابني الرجل بلوعة ضمير وحزن عميق انه اتصل مع من يعرفهم من كفاءات وخبراء ولكنه قال إن الإمر يحتاج الى إرادة ورغبة وحث جدي للمعالجة من ( الحكومة ) ، لأن معالجة المناسيب العالية وتصريف المياه أمر محسوب له حساباته وحلوله على الأرض منذ زمان بعيد سواء بالسدود والنواظم أو بشبكة المبازل التي تخدم المنطقة وتصريف المياه فيها، والوزارة لا تنقصها كفاءات وخبرات ما زالت موجودة والتي يبدو ان ردود فعلها وهمتها تعكس طبيعة الاوامر والتعليمات والتي لو كانت جادة لعولجت المشكلة بيوم واحد فقط !. استذكر السيد وزير الري السابق ردود فعل المتخصصين بالري عندما هدد العراق بالفيضان مرتين مرة عام 1988 اثناء الحرب العراقية الايرانية وتهديد سد دوكان ومرة اخرى عام 1993 عندما ارتفعت مناسيب المياه في الثرثار، وكان هو شاهد على ما جرى من إجراءات علاجية و وقائية في حينها .. ذكر السيد الوزير انه في اجتماع اعتيادي لمجلس الوزراء عام 1993ومن خلال نقاشات قضايا عديدة تم التطرق لظاهرة سيول مياه الامطار في تركيا وارتفاع مستوى مياه دجله وزيادة مناسيب بحيرة الثرثار بسبب تحويل المياه الفائضة من دجلة من خلال سد سامراء الى البحيرة وذكر ان منسوب المياه الان في البحيرة يبلغ 63 مترا وهو اعلى من مستوى الكاظمية ب 30 مترا ولو حدث أي خلل من نضوح او انهيار في السدود الترابية للثرثار فإن المياه ستغمر منائر مرقد الإمام الكاظم خلال ساعات . انتفض لهذا النبأ الرئيس الراحل صدام حسين وقال : كل هذا يحدث وانتم هنا جالسون ، انفضوا الان من هنا ، وافعلوا كل ما يمكن فعله وبكل امكانياتكم لصد الخطر . يذكر الوزير السابق كيف انتقلت كل امكانيات وزارة الصناعة والري والزراعة والدولة وبحضور والوزراء وكوادر الوزارات خلال ساعات في الموقع وكيف تقاسمت الشركات الهندسية طول البحيرة البالغ 60 كم وخصص لكل شركة 2 كم لانجاز المهمة وكان المسئول المباشر للتنفيذ وزير الصناعة عدنان العاني في حينها وتمت صيانة جدران البحيرة بالاكساء الحجري وتامين سدود ترابية بديلة و واقية كما ذكر انه موضع عمله كان في قاطع الطارمية وانه امضى اربعين يوما بملابس عمله هناك لحين اكمال المهمة قبل ان يعود الى بغداد . لنبتعد قليلا عن فزاعة البعث وصدام التي تثير ردود فعل الحاكمين اليوم ، دعني انقل نصا َمما كتبه التاريخ عن دور الدولة العراقية إبان فيضان وغرق بغداد عام 1954 ودور المسئولية التي تحملها الوزير العراقي الكردي سعيد قزاز في حينها بكل شجاعة لتفادي إغراق بغداد وترحيل ونزوح سكانها !. وتعهده امام الوصي ورؤساء الوزارات السابقين والوزراء بتحمله مسئولية صيانة السدود لتلافي حالة النزوح الشاملة وما سيصحبها من رعب وارباك وأزمات . (( شهدت بغداد أخطر فيضان لنهر دجلة في عام 1954 والذي هدد بغداد بالغرق، بسبب إرتفاع مناسيب نهر دجلة وقلة السدود على دجلة،وكانت الرصافة الأكثر تهديداً بالغرق، ولكن مرت الأزمة بسلام بسبب إشتراك الجهد الحكومي والعسكري والشعبي ( المتطوعين ) في الحد من خطورة الفيضان . سعيد قزاز وزيرالداخلية يرفض إخلاء بغداد للحيلولة دون كارثة أخرى وصالح جبر يقول إن دور أهالي الكرخ قادرة على استيعاب مشردي الرصافة اكدتِ الاحوال الجوية وشدة البرودة وكثرة الامطار التي هطلت في اواخر عام 1953 واوائل سنة 1954 ان فيضاناً خطراً سيداهم العراق .وقال وزير الزراعة ( عبد الغني الدللي ) ان تدابير قد اتخذت منها تقوية السدود الضعيفة التي أنشأت من الفيضانات السابقة في وادي دجلة، وتنسيق العمل والمراقبة وتحديد الواجبات لموظفي الري والادارة وغيرهم. وفي 17/ 3 /1954 بدأت مناسيب المياه في نهر دجلة ترتفع ، ووصلت هذه المناسب إلى درجة خطرة في 25 من اذار، واعلنت البلاغات الرسمية ان الزيادة لم يسبق لها مثيل منذ 48عاماً ،.. وواصلت المناسيب ارتفاعها ،فتولى الجيش والشرطة والاهالي حراسة السدود ، ووزعت الدوائر المختصة المواد اللازمة لمجابهة الفيضان ، وسخرت الحكومة المكائن والالات التي كانت الشركات الاجنبية تستخدمها في تبليط الشوارع واقامة المنشآت، وقاربت الزيادة 36 متراً في26/اذار ،وهو المنسوب الذي يفوق درجة الخطر بمتر واحد ،فنامت بغداد ليلة 27 اذار وهي فزعة قلقة يتهددها الفيضان والغرق في كل لحظة ،واضطرت سلطات الري إلى فتح اربع كسرات في مناطق الخفاجي والرفيع واليهودية والداوديه . وسهر الناس ليلة 28 /اذار حتى الصباح وهم خائفون وايديهم على قلوبهم ،فقد بدأت المياه تتسرب إلى كثير من الدور والمؤسسات القريبة من النهر ، وتحولت ساحة السراي الكبرى إلى بحيرة تعذر على الموظفين اجتيازها بيسر وكانت ليلة 29 اذار اسوأ الليالي التي شهدتها بغداد ،وصارت مياه الفيضان التي تجمعت خلف السدود المحيطة بها من الشرق ومن الجنون تهدد العاصمة بغداد ... ولا يحول بينها وبين الكارثة سوى ( سدة ناظم باشا ) التي تحيط ببغداد من الناحية الشرقية وقد اصابها الهزال واخذت الرياح الشرقية تضغط عليها . وفي تلك الليلة اجتمع رؤساء الوزراء السابقون والوزراء والمسؤولون وبعض النواب والاعيان واتخذ مجلس الوزراء بعد مناقشة دقيقة للموقف قراراً باخلاء بغداد اخلاءً جزئياً. وقال البيان' Çäå ãä ÇáãÓÊÍÓä Çä íäÞá ÇáÔíæÎ æÇáÇØÝÇá ÇáÕÛÇÑ æÇáãÑÖì ãä ÇáãäÇØÞ
ÇáãÌÇæÑÉ ááÓÏÇÏ ÇáÔÑÞíÉ Åáì ÌÇäÈ ÇáßÑÎ..'وكان في بغداد زهاء ثلاثة ارباع المليون نسمة يسكن ثلثهم في جانب الرصافة المعرض للغرق . وسأل وزير الداخلية ( سعيد قزاز ) مهندس الري البريطاني عن درجة الخطر المحدق بالعاصمة ،فلما اجابه المهندس ان درجة الخطر قد تبلغ إلى 95% ،اعلن الوزير القزاز انه يخالف هذا القرار لما يولد تنفيذه من ارتباك قد يؤدي إلى التهلكة ... وكان صالح جبر ،احد رؤساء الوزراء السابقين ،ممن حضر هذا الاجتماع ،قد قال :'Çä
äÎæÉ Çåá ÇáßÑÎ ÊÓãÍ ÈÇíæÇÁ ÓÈÚ ÚÇÆáÇÊ Ýí ßá ÏÇÑ ãä ÏæÑåã !!..
æáãÇ ÍÖÑ ÇáÇãíÑ ÚÈÏ ÇáÇáå æÌÏ äÝÓå Èíä ÞÑÇÑ áãÌáÓ ÇáæÒÑÇÁ æãÚÇÑÖÉ ÔÏíÏÉ ãä ÌÇäÈ
æÒíÑ ÇáÏÇÎáíÉ ¡æßÇäÊ æÌåÉ äÙÑ ÇáÞÒÇÒ Çä Ýí ÈÛÏÇÏ ÌÓÑíä ÝÞØ ÝÇÐÇ ÇÕØÏãÊ ÓíÇÑÊÇä
ãä ÓíÇÑÇÊ ÇáãÊÓÇÈÞíä Ýí ÇáåÑÈ æÞÚÊ ãÐÇÈÍ áÇÊÚÑÝ ãÛÈÊåÇ æáÇ íãßä ÊáÇÝí ÇÖÑÇÑåÇ.
æÔÇÁÊ ÇÑÇÏÉ ÇáÈÇÑí Çä ÊæÞÝ ÇáÑíÇÍ ÇáÚÇÊíÉ ÇáÊí ßÇäÊ ÊÚÈË ÈÇáÓÏæÏ ¡æÊåÏÏ ÇáÚÇÕãÉ
ÈÇáßÇÑËÉ Ýí ßá áÍÙÉ ..
ÝÇÓÊÞÑ ÇáÑÃí Úáì Çä ÊÖÇÚÝ ÌåæÏ ÇáÚäÇíÉ ÈÇáÓÏæÏ ¡æÇä ÊÊÎÐ ßÇÝÉ ÇáÊÏÇÈíÑ ÇáÖÑæÑíÉ
áãÌÇÈåÉ ÇáÇÍÏÇË ÇáãÊæÞÚÉ Ýí ßá áÍÙÉ . æÇÚáä æÒíÑ ÇáÏÇÎáíÉ ÈíÇäÇð Åáì ÇáÔÚÈ
ÇáÚÑÇÞí ÈäÈÑÇÊ ÍÒíäÉ æäÝÓ ßÓíÑÉ ÞÇÈáåÇ ÇáäÇÓ ÈÇáÈßÇÁ æÇáÚæíá ¡æßÐÈ ÇáÈíÇä
ÇáÇÎÈÇÑ ÇáÊí ÊÍÏËÊ Úä ÈÚÖ ÇáßÓÑÇÊ Ýí ÓÏæÏ ãÏíäÉ ÈÛÏÇÏ )) .
åßÐÇ ßÇäÊ ÊÚÇáÌ ÇáÃÒãÇÊ æãæÌÇÊ ÇáÝíÖÇä æ ÈæÌæÏ ÚäÇÕÑ æÑßÇÆÒ ÇáÏæáÉ ÇáÍÞíÞíÉ áíÓ
ÈÇáÊÃÌíÌ æÇáÇÚáÇã æÊÏáíÓ ÇáÍÞÇÆÞ Ïæä ÝÚá ãáãæÓ ÈäÙÑ ãä íÍßã ÇáÚÑÇÞ æíÊÝÑÏ ÈãÕíÑ
ãÄÓÓÇÊå æËÑæÇÊå æÍíÇÉ ÔÚÈå .