يا أبناء امتنا العربية أيها الشعب السوري العظيم أيها البعثويون المناضلون عندما تحل الذكرى في ظروف تاريخية معقدة كالتي تمر بها سوريا اليوم، و يسجل شعبنا الابي بعد ثلاث سنوات و نيف على ثورته ملاحم البطولة والصمود الاسطوري في معركة مصيرية حاسمة بوجه هذا النظام الديكتاتوري المزيف، فلابد من وقفة للاستذكار و المراجعة لمسيرة طويلة وشاقة، قدم المناضلون الاوفياء بالصدق والنزاهة بالفكر والدم والجهد تضحيات قل مثيلها خلال نصف قرن تقريبا. يا ابناء شعبنا العظيم، شعب البطولات والتضحيات و الجهاد و الفداء والاستشهاد، الشعب الصابر على المكر و المكائد الى حين انطلاق الثورة المباركة، على الظلم و البغي و الطغيان. شعب يشهد ابشع اشكال القمع و التدمير و القتل و المجازر على يد الأب من قبل و الابن اليوم ،شعب العروبة الوثيق الصلة بالقيم الاسلامية و المنفتح على القيم الانسانية العالمية ، شعب سورية المعطاء الذي لم يبخل يوما في تلبية نداء أي ثورة شعب في وطننا العربي. عفوك شعبنا الجريح الذبيح ، انكم اليوم تمثلون القوه الروحية ذات النزوع الحضاري التي بشر بها البعث في البدايات وكانت نتيجة لاستلهام التراث و لفهمه فهما حيا ،متأثرا بالدوافع العميقة للاسلام من جهة و الفكر العلمي المعاصرمن جهة أخرى وهما العامل الاساسي لمفهوم العروبة الحديث. نمت البذور الاولى في عهد الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي المتمثل في الغطرسة الغربية والتعصب ضد العروبة والاسلام ، فكان صراعنا مع الاستعمار الغربي صراع حضارة و تاريخ و تراث ، فالعروبة الحديثة باستيعابها لروح الاسلام قد وضعت نفسها في مقابل المفاهيم الجامدة وفي مواجهة النظرة الشعوبية المتلبسة بالدين و المعادية للعرب. كما انها باستلهام روح الامة و روح العصر قد وضعت نفسها في مقابل المفاهيم التقدمية الزائفة، كما انها تجاوزت مفهوم التعصب العنصري و التوسع العدواني الذي نشهده اليوم على يد نظام الملالي في طهران و النظام الصهيوني قبله .. كان القطر السوري الذي نشأ فيه البعث في مراحله الاولى و بحكم موقعه و تكوينه و تفتحه قد لعب دورا في إنضاج المراحل الاولى من النهضة العربية . لكن هذا الدور لسورية تعرض للتشويه والتزوير و التعطيل على يد هذا النظام الدكتاتوري العائلي الفئوي و الوراثي بعد إنقلاب 23 شباط 1966 الدموي . إن هذا النظام جاء بثوب مزور باسم "البعث" منتحلا الاسم لتغطية الدوافع و الاهداف التي تحركه ..... إن المؤامرة كانت كبيرة بحجم الدور التي كانت تنهض به سورية العربية ، الوجه الشعوبي الطائفي الذي لا يعبر في شيء عن الحقيقة الناصعة لهذا القطر بل هو نقيضها بالمطلق. إن نظام الاسد حاول ان يوصم طائفة بكاملها و ورطها فيما لم تكن تريده وتبتغيه ، هذه الطريقة الخطيرة كان هدفها واضحا ومعروفا بإثارة ردود فعل عند طوائف أخرى . هكذا كان التآمر على البعث باتباع نهج ثابت للفئة الحاكمة بدمشق وهو معاداة الشعب و تحطيم الروح الوطنية التي تميز سورية و تغذية الامراض التي ترسخ الإنقسام و تعميق الهوة بين ابناء الشعب الواحد. لقد قام هذا النظام المزيف باسم البعث زورا و بهتانا بتحويل البعث الذي كان الحركة الوحيدة المحصنة منذ البداية ضد الانحرافات الطائفية الى حزب أقليات لكي يخسر إمكانية كسب الشعب . خاض البعث بمناضليه و قادته التاريخيين معركة قاسية و معقدة و احيانا ملتبسة بذهن الكثيرين و قدم ألاف الشهداء وعلى رأسهم الشهيد الاستاذ صلاح الدين البيطار من مؤسسي حزب البعث في تموز 1980 . عاشت سورية على يد هذا النظام مرحلة من أشد مراحل تاريخه ظلاما ، أمتدت طوال الاربعين سنة الماضية تمكن خلالها من ارتكاب المجازر والتهديم و اليوم يقوم بحربه على شعبنا العظيم بكافة أنواع الاسلحة الفتاكة بمساعدة روسيا والدعم اللامحدود من قبل نظام الملالي بطهران والميليشيات الطائفية المسلحة من لبنان و العراق . يعتبر الكيان الصهيوني القاعدة الاهم و الأخطر للقوى الدولية ذات الطبيعة الاستعمارية ولا يخفى على كل عربي بإن اسوأ هزيمة عرفها العرب في تاريخهم كانت هزيمة حزيران عام 1967 على يد هذا النظام و وزير دفاعه في حينها الاب حافظ الاسد ؟ حيث تم تسليم الجولان الى اسرائيل بدون حرب بانسحاب كيفي للجيش ! إن مستوى الوعي عند شعب سورية كان كفيلا في كشف أبعاد الدور الاجرامي لهذا النظام خاصة الحفاظ على أمن اسرائيل و حدودها خلال الأربعين عاما ناهيك عن الموقف اللاقومي و المشبوه مع نظام الملالي أثناء الحرب الايرانية- العراقية عام 1980 و خرق أبسط الروابط القومية وقواعد التضامن العربي ، وما التحاقه ايضا بالتحالف الثلاثيني في العدوان على العراق تحت القيادة الامريكية وحلف الاطلسي و إرسال جيشه الى حفر الباطن عام 1991 الا حلقة من دوره المشبوه هذا ، كما يتوجب الاشارة الى دوره التآمري في تصفيته المقاومة الفلسطينية و ملاحقتها في طرابلس بعد احتلال شارون لبيروت و حصاره للفلسطينيين المقاومين و إجبارهم على المغادرة الى تونس . نظام يعجز المرء عن الإحاطة بأدواره المشبوهة في بيان أو حتى كتاب و خاصة دوره في إنهاء سورية وتدميرها و تشويه الفكر القومي العربي. يا جماهير شعبنا الأبي : لقد بات من المؤكد بأن الغزو الامريكي و احتلال العراق عام 2003 كان مؤامرة ثلاثية الاضلاع في التخطيط و التنفيذ من قبل الامريكيين و الصهاينة والايرانيين !! يخطئ من يظن بأن هناك سذاجة او سوء تقدير من قبل الامريكيين و الصهاينة بتقديم العراق هدية الى نظام الملالي في طهران ولكنه أمر مخطط له... و إن حكومة المالكي و دوره هو محصلة لهاذا التحالف الثلاثي الجهنمي إن الغرض الاساسي من هذه الحرب القذرة هو احتلال العراق و إسقاط النظام الوطني و استهداف البعث و اجتثاث الهوية العربية و تعزيز هذا الحلف بين نظام الملالي و نظام الاسد وكل منهما له دور معين في هذه المؤامرة مستخدمين مساحيق المقاومة والممانعة لتغطية هذا الدور الخطير .... وما التفويض لإيران باختراق المجتمعات العربية و تفتيتها على أسس طائفية و مذهبية هو الهدف الاساس لهذه المؤامرة ومن جملة التساؤلات التي تطرح على كل ذي بصيرة ؟ - ما معنى أو التفسير باستهداف كل بعثي بالعراق مدني او عسكري ضابط او كادر حزبي استاذ جامعي او كادر علمي و تصفية مئات الالاف من البعثيين و على رأسهم الشهيد البطل صدام حسين. - كيف نفهم بالمقابل هذا الحلف الجهنمي مابين نظام الملالي والمالكي ونصر الله مع نظام الاسد الذي يدعي زورا و بهتانا بأنه يحكم باسم البعث ! البعث في العراق مجرم وإرهابي ! و "البعث" في سورية حليف أساسي يجب حمايته و الذود عنه بالغالي و النفيس ! إنه حلف طائفي بامتياز يستهدف المنطقة بدون استثناء. إن المراجعة النقدية والمخلصة للتجربة ( تجربة البعث ) في سورية يجب ان تبدأ بنقد الذات لا جلدها ومن الضرورة بمكان ان نشير الى ثلاث امور اساسية يجب التنبيه لها و أخذ الدروس منها. أولها هي إدانة للانقلاب العسكري و خطأ تبنيه رغم الظروف من حيث الزمان و المكان التي تم بها لان الانقلاب العسكري يعني الغاء دور الشعب و بالتالي صنع الديكتاتورية و الفساد والارهاب كما يعمل على تفتيت المجتمع و اللحمة الوطنية. اما الخطأ الثاني فهو نظام الحزب الواحد الذي كان نتاجا و تقليدا للنظم الشيوعية و خاصة نظام كوريا الشمالية الذي كان مثلا اعلى للأب و الولد حيث أشاد نظام الوراثة والخلافة للعائلة الاسدية إعجابا و تقليدا له و بالنتيجة المنطقية هو إلغاء الحرية والممارسة الديموقراطية و إقامة النظام الامني الذي نشهد اليوم جرائمه التي لا تعد ولا تحصى . إن انفجار الثورة السورية البطلة بانتفاضة اطفال درعا ايقونة الثورة جاء نتيجة لعقود من نظام الاستبداد و الفساد و حصيلة لنضالات شعبنا و قواه السياسية من اجل التغيير الشامل و اقامة النظام الديموقراطي الذي يعيد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لشعبنا العظيم. نتوجه الان بالكلمة الطيبة الى جميع الذين يقاومون هذا النظام بشتى اشكال المقاومة بان يحرصوا على ان يكون موقفهم في إطار الدفاع المشروع عن المثل و المبادئ التي قامت على اساسها الثورة و المتناقضة مع مفاهيم النظام الحاكم . إن مقاومة شعبنا لهذا النظام هي الخلاص منه و هي بالفعل موقف دفاع عن كرامة المواطن و الحفاظ على سلامة الوطن ووحدة النسيج المجتمعي . الثورة السورية لا تريد ان تحل شخصا مكان شخص أو حزبا مكان حزب !!!!! الثورة تستهدف التغيير الشامل و الكامل لطبيعة النظام لا تغيير النظام اي تغييره جذريا و إحلال الحرية مكان الاستبداد و العدل مكان الظلم والخير مكان الشر و غنى الشعب محل إثراء اهل النظام ..... ولابد من التنبه الى شيء هام و اساسي الا وهو التمييز التام بين أهل النظام و زبانيته وبين عامة الشعب في أكثريته الصامتة و يدخل في هذا المجال ضرورة التمييز بين اهل النظام الذين أقاموه على اساس التمييز الطائفي العنصري لخدمة مآربهم وبين عامة الطائفة التي لم تكن لها دور في إقامة هذا النظام والتي تشكل جزء من الاكثرية الصامتة التي لا ترضى عن الجرائم التي يرتكبها هذا النظام وهنا علينا ان نتمثل بالآية الكريمة "ولا تزر وازرة وزر أخرى". إن الجرائم البشعة والقتل الجماعي التي يرتكبها النظام بمشاركة نظام طهران والميليشيات الطائفية التابعة له من منطلق طائفي أملا منه في إثارة العصبية الطائفية و بذر بذور الخوف الطائفي عند عامة الشعب وهذا ما طبقته ايران في العراق بقصد اجتثاث الهوية العربية عبر اجتثاث البعث، بالتحالف الاسترتيجيي التاريخي ما بين نظام الاسد ونظام الملالي في طهران.ان بشائر اسقاط هذا المخطط الاجرامي قد بدأت سواء في العراق او في سورية. بوحدة فصائل المقاومة وتوحد شعبنا وراءها نسقط هذه المؤامرة التي لا تستهدف سورية والعراق فقط انما المنطقة العربية برمتها . الطائفية السياسية هنا غير الطائفية المذهبية ،الطائفية السياسية هي عصبية فئوية لكل نظام معزول عن الشعب و الغاء للشرعية الحقيقية. لكن الخطر اليوم هو اضافة الطائفية المذهبية عبر ايران الى الطائفية السياسية التي يستخدمها النظام . ان الحكم الفردي العائلي الفئوي لا يقود الا التمييز و الانقسام داخل المجتمع و الخلاص بالوحدة وليس هناك خلاص الا بالوحدة الوطنية ، وحدة وطنية حقة يتآخى فيها جميع المواطنين بدون اي اعتبار للاختلاف الديني او المذهبي او العرقي .الوحدة الوطنية في الجيش على اساس العودة الى قيم الشرف الذي نذر نفسه لها والكرامة الوطنية التي وجد ليدافع عنها ،فالجيش جيش الشعب ولا يمكن ان يكون جيش حزب او فرد او طائفة. ان التآخي القومي والوحدة الوطنية في وجه الانقسام الفئوي والطائفي والعنصري هو الحل الوطني الديموقراطي لانتصار الحرية و الكرامة والمساواة بين المواطنين،وهو الطريق لخروج سورية بسلام من محنتها . ففي ذكرى الجلاء و الذكرى السابعة والستون لميلاد البعث وثورة شعبنا العظيم التي تدخل عامها الرابع نحيي هذا الشعب على انتصاراته وصموده الاسطوري. المجد والخلود لشهداء الثورة السورية الذين يواجهون اعتى الانظمة القمعية . تحية لروح القائد المؤسس ميشيل عفلق تحية الى شهداء البعث في العراق و سورية وفي المنطقة العربية. تحية الى روح الشهيد البطل صدام حسين.