كان نظام الشاه يتصرف بعدائية تجاه الكثير من قضايا الأمة العربية عموما والعراق خصوصا. وكان له دور هدّام في تغذية الطابور الخامس على أسس طائفية وعرقية وتأسيس أحزاب إيرانية الولاء وطائفية النهج وجعل من إيران ملاذا آمنا للمتمردين والمرتدين وغذّى الحركة الانفصالية الكردية بالسلاح والدعم المادي والمعنوي وبالإعلام. وأقام الشاه ونظامه علاقات حميمة مع الكيان الصهيوني لم تشكل خناجر اختراق لخاصرة العرب فقط، بل هيأت أرضيات وقواعد قبول وممرات نفوذ صهيوني للعديد من البلدان الإسلامية والعربية. فلماذا قررت الولايات المتحدة ومعها الغرب عموما استبداله بنظام المعممين؟ سؤال قد يبدو مكررا غير انه سيبقى مدخلا ضروريا للدخول في عمق الحقائق, الظاهر الطافح منها وما هو في طي الغيب وباطن الأسرار التي يمكننا إدراكها حسيا والحديث عنها في إطار التعميم الذي سيأخذ كامل أطره المفضوحة في يوم قد لا يكون بعيدا حين تنتصر ثورة العراق وتنقلب كل التوازنات القائمة وتنعكس الكثير من المعادلات التي صممت لتسير باتجاه طردي. والإجابة التي تفرض حالها باستخدام لغة التعميم: إن نظام الشاه قد أصبح غير قادر على الإيفاء بمتطلبات الحقبة الجديدة المرسومة طبقا لبحوث إستراتيجية وهي حقبة القطب الواحد المحكوم بأدوات وأهداف ماسونية صهيونية وامبريالية أهم ملامحها تمزيق العرب بنزاعات داخلية تنطلق من التعددية المذهبية والعرقية لتأمين حماية تامة للكيان الصهيوني معززة بسيطرة على ثروات العرب النفطية والمعدنية والبشرية فضلا عن الشمس والمياه. هكذا هدف لم يعد الشاه بنموذجه المدني ونظامه الذي تطغي عليه العلمانية قادرا على الإيفاء به وصار لزاما أن تأتي عمامة ( شيعية ) تحكم إيران المنتمية إلى التشيّع الصفوي وتؤمن أسس قيادة هذه العمامة للشق المعتنق للمذهب الشيعي من العرب في العراق ولبنان وسوريا واليمن والسودان ومصر والانتقال بخطوات مدروسة إلى المغرب العربي تحت ستار سيادة المذهب كعقيدة دينية على سيادة الوطن وفرض الهوية الطائفية كبديل للهوية الوطنية والقومية . ولم ينتظر خميني الوصول إلى مطار طهران ليعلن عن عزمه تصدير الثورة ( الشيعية ) إلى العراق، بل ضاق بها صدره فأعلنها وهو لما يزل في أجواء إيران قادما من فرنسا!. ولم يكن خميني قد جرّب الحكم ولم يطلع بعد على قدرات إيران العسكرية الموالية له غير انه كان يعبر عن رغبة جامحة في إبلاغ الغرب رسالة الولاء الأهم والأخطر وطمأنة الماسونية والصهيونية إلى أن العراق المعاكس والمعارض والمعرقل لاستراتيجياتهم في أرض العرب سيكون هدفا لتدمير يخرجه من دوائر الصراع العربي مع الصهيونية ودويلتها المسخ وهي خطوة حاسمة في إنهاء الصراع برمته ومنح إسرائيل فرمانات الأمن والسلام الدائم على أرض العرب المغتصبة إضافة إلى تحقيق المشروع الإمبراطوري الفارسي الصفوي. ولم يكن خميني مخطئا ولا أميركا وبحوثها الإستراتيجية واهمة في اختيار التشيّع السياسي في العراق ليكون مركز الثقل الأول ورأس النفيضة في تنفيذ الخطط الإستراتيجية الامبريالية والماسوصهيونية في المنطقة لأن هذا الخط السياسي المتستر بالدين مستعد للتحالف مع الشيطان ومستعد للتحالف مع قوات احتلال وغزو لكي يحقق حلمه الذي طال انتظاره في الوصول إلى السلطة, أية سلطة حتى لو كانت تحت أقدام جنود المارينز وهذا ما حصل فعلا. وهذا التوق الأرعن المجنون المتعطش للسلطة لا يفترق قيد أنملة عن هوس المشروع الصفوي الفارسي في احتلال العراق وعدد آخر من أقطار الأمة في الخليج واليمن وسوريا ولبنان وغيرها، بل إن الأذرع السياسية الشيعية الصفوية التي تحمل الجنسيات العربية هي رؤوس سهام الاختراق للجسد العربي لأنها وسيلة خلط الأوراق وتعميم التداخل المفضي إلى كوارث التفتيت. وهنا يأتي التأكيد على الدور الذي رُسم للنظام الإيراني الكهنوتي في خطاب القائد وبصيغة تساؤل إنساني كبير : ( ما هي مصلحة الشعب الأمريكي وأمريكا في تدمير العراق الحضاري الإنساني، والسعي المحموم لإضعافه وتقسيمه وتفتيته على أسس عرقية وطائفية، لما يخدم المشروع الإيراني الصفوي الذي يمثل التهديد الدائم لأمن الخليج العربي والأمن القومي العربي برمته ) وتنطلق الرؤية البعثية القومية المجاهدة المناضلة الثائرة لتعبئ وتحشد وترسم خط فعل وتصرف الأمة الذي يعيدها إلى مسارات تعبيرها الحي المبدع الخلاق عن وجودها والى أدوارها المحسوبة بقدر وزنها الحقيقي في نسق فكري متجانس ومتناغم مع روح الانقلاب على الذات الذي يأتي تعبيرا عن حق الإنسان في الثورة على ركود وخمول الدور الذي رسمه الله للإنسان كخليفة له في الأرض وتأجيج مكامن الطاقات وتحريكها في أطرها ونطاقاتها الصحيحة لاستعادة الحقوق ولجم ارتدادات الغزو والاحتلال كما يقول الرفيق الأمين العام مع بقاء راية الوعي مرفوعة تؤشر وجود النظام الإيراني ضمن أي ثالوث يستهدف العرب : ( ويتعمق وعي الجميع وتتسع رؤيتهم وتتضح الظروف والعوامل الموضوعية والذاتية لانطلاقتهم وثورتهم، فتقتحم هذه الجموع ميدان المنازلة الكبرى صفاً واحداً من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، تقاتل أعداء الأمة وأعداء الإنسانية: الإمبريالية والاستعمار والصهيونية والنظام الإيراني الصفوي ) وفي موقع آخر من الخطاب الوثيقة التاريخية يؤكد نصره الله : ( ندعو اليوم ومن موقعنا الجهادي جماهير الأمة وقواها الوطنية والقومية والإسلامية الثائرة جميعاً إلى وقفة تاريخية مسئولة. وقفة تأهب وتحفز واستنفار عام وشامل وعميق لإمكانات الأمة وطاقاتها الخلاّقة، لتحقيق وحدة الكفاح والجهاد التاريخي أولاً، ثم لتفجير الثورة الشعبية المسلحة العارمة بوجه قوى الغزو الإمبريالي الصهيوني الإيراني الصفوي لأمتنا، والتي تتجلى اليوم وعلى نحو بارز وناصع في ثورة أبناء شعبنا في الفلوجة والرمادي والتي تتسع لتشمل العراق كله في الشمال والوسط والفرات الأوسط والجنوب. أحفاد أبطال ثورة العشرين، والذين يتحدون اليوم القصف الوحشي الذي تمارسه ميليشيات العمالة والخيانة في المنطقة الخضراء ) وحين يمارس الرجل القائد الأمين المقاوم تقييم وقياس الأثقال الواقعة الآن على كاهل الأمة تعرقل سيرها وتعطل نهوضها يكون نظام إيران إلى جانب الامبريالية والصهيونية أحد هذه الأدوات وأكثرها ثقلا للخصوصيات المعروفة جغرافيا وتاريخيا واجتماعيا وتذهب اللغة الدقيقة الصريحة الصادقة إلى الوصف الأعمق والأخطر للاحتلال الإيراني حين تصفه بأنه احتلال استيطاني وهو وصف سبق وان تطرقنا له بحذر في مقالات عدة كتبناها خلال السنوات المنصرمة ويأتي استخدامه من قبل شيخ الجهاد والمجاهدين ليبرهن على كونه حقيقة قائمة منذ غزو العراق عام 2003 : ( إن أمتنا اليوم تمر بامتحان تاريخي صعب وعسير وبالغ الخطورة، إنها تعاني من وطأة الاحتلال الإمبريالي الأمريكي الصهيوني والاستعمار الفارسي الصفوي الاستيطاني لأقطار مهمة في الأمة وعلى رأسها العراق العظيم جمجمة العرب ورمح الله في الأرض، وعمق الأمة المبدئي والاستراتيجي وبوابتها الشرقية، فهو مُعرَّض اليوم للابتلاع والضياع الأبدي على يد النظام الإيراني الصفوي، ثم فلسطين العربية الحبيبة، الأرض التي باركها الله، قد وصلت مشاريع التسوية الاستسلامية فيها إلى نهاياتها الخطيرة، ) ويضع الرفيق القائد المجاهد عزة إبراهيم صراع الأمة مع النظام الإيراني في موضعه الأكثر وضوحا من حيث الارجحية بالخطورة ومن حيث الأدوات النافذة له في جسد الأمة كلها فيقول : ( أيها البعثيون المجاهدون يا جماهير أمتنا الثورية المتحفزة للانطلاق في مسيرة الانبعاث والتجدد إن ما يجري اليوم في العراق من قتل وتدمير وتخريب وتشريد وقضم وابتلاع منظم ومبرمج لأرضه وشعبه وتاريخه وأمواله وثرواته من قبل الاحتلال الصفوي، وبغطاء أمريكي دولي وعربي للأسف الشديد، هو التحدي التاريخي الكبير المهدد لمصير الأمة ومستقبلها. وهو القضية المركزية الكبرى للأمة التي تتطلب أن يهتز ضمير الأمة وتتطلب أن تثور لها جماهير الأمة الثورية الواعية فيثور شعب العروبة من المحيط إلى الخليج، لكي يقف هذا الشعب العظيم وقفته التاريخية ويسحق كل البؤر المتآمرة على العراق وعلى فلسطين، ولكي يحقق وحدته التاريخية الرسالية بوجه الهجوم الشرس على الأمة وخاصة في العراق وفي فلسطين وفي الأحواز وفي سوريا ومصر والخليج العربي لتحرير الأرض والعرض والمقدسات التي انتهكت من قبل الحلف الإمبريالي الصهيوني الفارسي الصفوي، ولإيقاف التردي والتراجع والتخاذل الذي أصاب الأمة بالشلل والغياب عما يجري حولها وعلى أرضها والنهوض بها من جديد مستلهمين قيم الماضي المجيد ودروسه وعبره وإشرافاته وإنجازاته وانتصاراته. أيها المناضلون البعثيون إن حزب الرسالة، حزب البعث العربي الاشتراكي وقوى الأمة الوطنية والقومية والإسلامية التقدمية التحررية، في العراق وفي فلسطين وفي سوريا ولبنان ومصر والسودان، وعلى كل أرض عربية، هم طليعة الجهاد والكفاح في الأمة، ) وتأسيسا على ذلك يضيف رجل المقاومة وشيخها : ( ندعو اليوم ومن موقعنا الجهادي جماهير الأمة وقواها الوطنية والقومية والإسلامية الثائرة جميعاً إلى وقفة تاريخية مسئولة. وقفة تأهب وتحفز واستنفار عام وشامل وعميق لإمكانات الأمة وطاقاتها الخلاقة، لتحقيق وحدة الكفاح والجهاد التاريخي أولاً، ثم لتفجير الثورة الشعبية المسلحة العارمة بوجه قوى الغزو الإمبريالي الصهيوني الإيراني الصفوي لأمتنا، والتي تتجلى اليوم وعلى نحو بارز وناصع في ثورة أبناء شعبنا في الفلوجة والرمادي والتي تتسع لتشمل العراق كله في الشمال والوسط والفرات الأوسط والجنوب. أحفاد أبطال ثورة العشرين، والذين يتحدون اليوم القصف الوحشي الذي تمارسه ميليشيات العمالة والخيانة في المنطقة الخضراء، ) ثم تأتي الحكمة العربية مكللة بجبال الصبر. يأتي البيان الأهم في تقرير ما هو متحرك زائل رغم منتجاته المرة كمرارة الحنظل والمتوجة بخسيس الأفعال الدنيئة التي لا يقدر فداحة أثمانها وخسائرها لأنها انهار من الدم وثروات تهدر وتضيع وقنوات عدوان على ثوابت الدين الحنيف وحقوق الجيرة مقابل الحقائق التي يقررها التاريخ وتنطق بها الجغرافية . تأتي الدعوة العربية المسلمة الكريمة التي ترتفع كخيوط نور في ظلام دامس وارجوزات رجاء في ضجيج الواقع الغوغائي الفارسي المتحكم بقوة التحالف الأمريكي الصهيوني الشرير الراهن. هنا يدعو قائد العراق الثائر إلى تجاوز مآسي الماضي التي أنتجها النظام الإيراني والى تذكر مشتركات الجيرة والإسلام والتصاهر الاجتماعي. هي ثوابتنا عربا عراقيين مسلمين لم يكن يوما في عقولنا مشروع احتلال ولا توسع ولا نهب ثروات. هنا نكرر خطاب العراق والأمة والإسلام ليكتبه التاريخ وتسجله ذاكرة الإنسان وتشهد عليه إسفار الشعوب. وعلى الشعوب الإيرانية أن تخرج نفسها من ربقة هذا النظام العدواني الشره المخبول بالطائفية لتعيد رسم خارطة الصلة بينها وبين العراق والعرب صلة جيرة ودين هي التي تخدم الفرس قبل غيرهم : ( وإلى دعاة الطائفية البغيضة بكل صنوفها ومسمياتها وعباراتها الزائفة، إننا اليوم في العراق وكأمة تخوض صراعاً مريراً ومصيرياً ليس مع إيران الإسلامية كما تزعمون وإنما مع النظام الإيراني الصفوي الدموي الذي أعاد إيران إلى عهد الصفوية بكل أبعاده، وبكل عمقه الطائفي التكفيري الدموي وبكل حقده على العرب والعروبة. فهو يقتل في العراق اليوم على الهوية، لا يفرق بين كبير وصغير ولا بين نساء ورجال، ولا بين مريض وصحيح، ويدمر كل ما يستطيع تدميره من معالم الحياة والتقدم في العراق، وهو ماضٍ دون توقف ومتصاعد في إجرامه. أما إيران الإسلامية الجار التاريخي للعراق والأمة، والتي تشترك مع العرب بأهم مرتكزات الحياة في العقيدة الإسلامية الواحدة والجيرة التاريخية الخالدة والتداخل الاجتماعي والرحمي، ثم المرتكز الأهم على الإطلاق مرتكز المصير الواحد في الوقوف أمام الحلف الإمبريالي الصهيوني الاستعماري والتطلع المشترك إلى التحرر والاستقلال والتطور والتقدم والرقي، هؤلاء المسلمون الإيرانيون المحكوم علينا وعليهم أن لا يرحلوا عن جيرتنا وأن لا نرحل عن جيرتهم إلى يوم القيامة، هؤلاء هم إخوتنا في الدين والجيرة والتاريخ والإنسانية وفي الكثير من تفاصيل الحياة المشتركة، أقول في الدين الإسلامي الحنيف، رسالة العرب الإنسانية للدنيا كلها، رسالة الحق والعدل والحرية والسلام. هم شركاؤنا لصنع الحياة الحرة الكريمة لشعبنا وأمتنا وليس النظام الصفوي الذي يذبح العراقيين على الهوية، ولا النظام الصفوي الذي يذبح شعبنا من الوريد إلى الوريد وعلى المقاييس الصفوية الهمجية الإجرامية للعهد الصفوي البغيض. ولا زال هذا النظام منذ الاحتلال إلى اليوم يدمر كل معالم الحياة في العراق بواسطة عملائه وأذنابه وعلى رأسهم بعض قياديي حزب الدعوة المجرمين. ) فليتيقن كل العالم إننا لم ولن نستهدف إيران الشعب ولم ولن نعادي إيران الشعب لا كنظام ودول ولا كبشر ولم ولن يكون ألتوق للعدوان هاجسنا كما هو هاجس الأنظمة الإيرانية السابقة والحالية.