بداية اعذروني على هذا العنوان فقد فكرت طويلا في عنوان لمقالتي هذه ولم اجد خير من العنوان اعلاه لابدأ به مقالتي, فمنذ بداية هذا الشهر بدأت الاستعدادات لبدء مهزلة مسرحية (الانتخابات) المزمع تقديمها على مسرح المنطقة الغبراء ببغداد في نهاية هذا الشهر , هذه المسرحية العفنة التي كتبتها واخرجتها ادارة الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي ويلعب ادوارها حفنة من الاقزام الخونة الذين مارسوا ومازالوا بمارسون هوايتهم في قتل ابناء العراق ونهب ثرواته وتنفيذ مخططات تل ابيب وطهران في تقسيم العراق ومع بدء هذه المسرحية العفنة تحولت شوراع المدن العراقية واحيائها واماكنها العامة الى ساحات للدعاية الانتخابية للاحزاب والكيانات والتي تصرف عليها مئات الملايين من الدولارات من الاموال المسروقة من ثروات العراق المنكوب , تستخدم فيها انواع متعددة ومختلفة من الطرق والاساليب التي يضحكون فيها على ابناء العراق دون وجود معايير الانتماء الوطني لكل هؤلاء اللذين دخلوا في هذه اللعبة وهذا ان دل على شئ فأنما يدل على ان التربة التي زرعت بها عليها مشاريع الاحتلال هي تربة مسمومة لا يمكن ان تنبت ما هو خير لهذا البلد. أن هذه المسرحية السياسية الأمريكية الصفوية لم تصل بالشعب العراقي ولا بالعراق إلى بر الأمان طيلة سنوات الاحتلال التي مضت, لأن معاناة الشعب العراقي تزداد يوما بعد يوم بسبب الاجندة الطائفية للاحتلال ومليشياته التي مارست القتل على الهوية بأبشع صوره واصبحت نواة للقتل والاغتيال وعمليات التفخيخ للسيارات في الأماكن العامة وعمليات اغتيال العقول والكوادر الهندسية والمهنية العراقية وهذا ما حدث ويحدث في بغداد وكافة المدن العراقية في كل يوم .إن ما يجري على الساحة العراقية الان من تهيئة وتحضير للانتخابات المقبلة التي صرف عليها الملايين من الدولارات فضلا عن الوقت والجهد، لن تأتي بجديد ولن تغير من الواقع شيئا، وذلك لان النسب قد تم تحديدها سلفا للمكونات والاحزاب التي تشارك في العملية السياسية الحالية، والمتتبع للأحداث يلحظ هذه الظاهرة الجديدة على تاريخ وحضارة شعب العراق, فالانتخابات المقبلة لا يمكن التعويل عليها، لا سيما بعد ان عرف معظم العراقيين هذه الحقيقة الملموسة والواضحة للعيان، لأن التغيير لن يحدث مطلقا فالرؤوس العفنة هي هي والكتل الخيانية التي خلقها المحتل وجاء بها وفرضها على الشعب العراقي مازالت هي نفسها ومازالت امريكا وايران تتحكمان بخيوط اللعبة السياسية في بغداد ومازالت السيادة معدومة في المنطقة الخضراء ومازال الولاء للفقيه الايراني هو سيد الموقف في بغداد, وكما يقول المثل العراقي (نفس الطاس ونفس الحمام)، وهذه الحقيقة بات الان يستوعبها الجميع بمختلف الأطياف والمكونات، إن الانتخابات المقبلة التي يروج لها العملاء في المنطقة الخضراء، ويدعون الناس للمشاركة فيها ، ليست سوى عملية نصب واحتيال للتستر على عمالتهم للمحتل من جهة، ومن جهة اخرى لتغطية نظامهم الطائفي الذي يفتقر الى ابسط مقومات الديمقراطية وبالتالي فان أية مراهنة على هذه الانتخابات وعلى جدواها، أو احتمال أن تؤدي نتائجها إلى تغيير يخدم العراق وشعبه، هي مراهنة ساذجة وتحمل في طياتها مخاطر كبيرة على مستقبل العراق وأهله. فنتائج الانتخابات المقبلة قد حسمت من الان، وفي مبنى السفارة الامريكية في العراق، وفي مقرات ملالي طهران، سواء من حيث توزيع المناصب أو من حيث برنامج الحكومة المقبلة، تماماً كما حدث في الانتخابات السابقة حين حسم السفير الامريكي في العراق تشكيل الحكومة وتسمية رئيس وزرائها حسب اعتراف شاهد من اهلها بالصوت والصورة، وهو عراب الاحتلال الامريكي العميل احمد الجلبي , هذه الانتخابات او المسرحية تأتي لتشديد الاستقطاب الطائفي للمجتمع العراقي وتوسيع وتعميق رقعة التفرقة الطائفية, ولأنتزاع الشرعية من ابناء الشعب العراقي الذين يدفعون ضريبة حكم هذه القوى من خلال تدهور وضع العراق الاقتصادي والاجتماعي وتشديد الحرمان من الحقوق والحريات السياسية والمدنية. انها عملية سياسية صورية لاضفاء الشرعية، وعن طريق اصوات المواطنين، على استمرار حكم هذه القوى العميلة وهذا النظام الطائفي، اي انها عملية ادلاء بالاصوات لاختيار السراق والقتلة والخونة للسنوات الأربعة القادمة من بين مستغلي الجماهير وقامعيها وسارقي أموالها وسالبي حرياتها وحقوقها وخانقي تطلعاتها لمعيشة أفضل وحياة عصرية ومدنية مرفهة. فالانتخابات التي تدق الطبول لها وتستنفر المليشيات اليها وتنفق الملايين من الدولارات لتنظيم البومات الصور لمرشيحها, والشعارات التي تطفو على السطح في هذه الانتخابات من قبل زمرة جديدة من اللصوص المزمع انتخابهم من جديد كلها تحمل اجندة معدة سلفا ومطبوخة في مطابخ طهران وتل ابيب و واشنطن للاستمرار بنهب البلد وتعميق الانقسام بين مكونات الشعب العراقي الواحد فتجد كتلة ترفع شعار ظلم السنة والمكون السني واخرى تتبنى نصرة ومظلومية اهل البيت والقانون الجعفري وثالثة تريد الاستمرار بالنهب وترسيخ التقسيم بحجة الفيدرالية وهذا يكشف ويثبت من جديد لقاصري النظر وخاصة في صفوف من مازالوا اعمى البصيرة و يصفون انفسهم بالليبراليين، بأن العملية السياسية بعيدة عن اي اصلاح او ترميم او تصحيح المسار، فسرطان المحاصصة الطائفية ينخر في كل ركن من اركانها. والمعضلة الحقيقية ليس بالتوهم في هذه الانتخابات وبأنها وسيلة او الية لتصحيح مسارها بل بالاحباط الذي سيصيب المجتمع بعد ان يدفع به للمشاركة لمرة رابعة في هذه الانتخابات ولن يحصل الا على خفي حنين. الملصقات الدعائية صممت وكأنها في عالم دزني، أو استوحيت من رواية أليس في بلاد العجائب، انتشرت في اغلب محافظات العراق، لتضع الناخب ما بين خيارين، اما الضحك وتحويل الامر الى نكتة كبيرة، او ايجاد عذر ما لما يجري والتغاضي عن الموضوع، في وقت هو بأمس الحاجة الى ناخب يكسب ثقته ليدلي هو الاخر بصوته، ويوصل من يستحق الى كرسي القرار. فلو تمعنا في الدعايات الانتخابية والقينا نظرة على طريقة سير هذه الدعايات الانتخابية سنجد العجب العجاب فما وصلنا من صور لبعض المرشحات والمرشحين يثير السخرية والدعابة ويدفعنا للتساؤل هل هذه دعاية انتخابية ام مسرحية هزلية , فبعض المرشحات لم يفرقن بين انتخابات البرلمان وبين مسابقات الجمال ، فاخترن اجمل الصور لهن وكأنهن بمسابقات ملكات الجمال, والدعاية الانتخابية للقسم الاخر لم تخلو ايضاً من المتاجرة بالدين والعزف على اوتاره ، فبعض المرشحات وضعن صورهن بالخمار ومنهن من استعانت بصور اقربائهن الرجال كما حدث مع المرشحة ام علي التي وضعت صورة اخوها ابو زينب واخرى وضعت صورة زوجها (( المتوفي))!!!... وهناك من غطت وجهها و كتبت كلمات دينية تستعطف الاخرين , بل ان الامر تعدى الى ان احدهم يضع ملاحظة على ملصقه الدعائي من انه شقيق مدرب كرة قدم (صباح شاكر شقيق حكيم شاكر), ومرشح يكتب ((اقسم بالله العظيم رشحت نفسي للبرلمان بأمر من رسول الله)), والاكثر غرابة ان المرشح زهراوي عباس قرر ان يصل للناخب العراقي من خلال بطنه فارفق ورقة دعايته الانتخابية مع (دجاجة مشوية) وزعها الى الناس. أم فلان، كنية لازمت الكثير من الملصقات الانتخابية للمرشحات، إذ أن الملصق يحمل اسمها الكامل وتحصيلها الدراسي، يتبعه بين قوسين (ام فلان)، ليدل على المرشحة داخل منطقتها او عملها، كون المرأة في العراق، وبالاخص المناطق الجنوبية، لا تنادى باسمها الصريح، وبهذا تكون (ام فلان) هي المرشحة الحالية والنائبة المقبلة. ولم تخل الدعاية من لمسة هولييودية، إذ أن احد المرشحين قدم نفسه بوقفة تذكر بـ ((روز وجاك)), في فيلم تايتانك، عندما وقفا عند رأس السفينة، إذ وقف المرشح الوقفة ذاتها ووضع على ذراعيه المفتوحتين عبارات تمثل برنامجه الانتخابي ورقم قائمته على بطنه، والعلم العراقي عند خصره. مصيبة المصائب تأتي في وجود نبي آخر للأمة، مرشح يطل في محافظة الديوانية، المجرم واللص خالد العطية (( الذي اصلح الخلل في بواسيره بمبلغ 59 مليون دينار عراقي على حساب اموال العراق)), معلقا ملصقا مثلث الشكل، يحوي ...(( نبي العراق، نبي الديوانية))... اما الاشباح، فلهم حصتهم ايضا في الانتخابات العراقية، إذ اطلت علينا مرشحة حمل القسم الاعلى من ملصقها صورتها، لكن بطريقة شبحية إذ وضعت الصورة بلون ابيض ممزوج مع اللون الاساسي للملصق، لتذكر بالشخصية الكرتونية الشبح كاسبر ..... اما سيارات الاجرة، فكان لها نصيب ايضا من هذه الحملة الفنطازية، إذ تصدرت اسفل ملصق احد المرشحين سيارات اجرة نوع فورد امريكي، تعبيرا عن برنامجه الانتخابي، الذي وضع تسلسله في القائمة الانتخابية بين سيارتين للاجرة. اما ما يوزع في الشارع من هدايا، فانه أمر يختلف، إذ تم تصنيع حاجات على حساب المرشح، فإحدى الكتل صنعت فلاش ميموري، على شكل خارطة العراق ويحمل لون الكيان الرسمي، لكن غلاف الفلاش يفتح من الاعلى، وبطريقة ترفع معه خارطة اقليم كردستان من خارطة العراق ليفتح تأويلاً عن تقسيم العراق وانفصال الكورد بدولة مستقلة. فيما عمد احد مرشحي التيار الصدري على نشر صوره وهو يدلك بخاتمه الغريب وأصر على اظهار فص خاتمه في بوستراته الأعلانية لكي يغشي كل من يراه حسب اعتقاده ويستطيع بمساعدة خواص الخاتم الغريبة ان يحصل على مقعد في البرلمان المقبل خصوصاً اذا كان ملتحي وملامح الشعوذة طاغية على وجهه. وكان قد ذكر عدد من شهود العيان الساكنين في مدينة الصدر ان النائبة عن كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري مها الدوري قامت بجولة في مدينة الصدر زارت فيها عدة بيوت في قطاعات متفرقة , وقال المصدر ان مها الدوري قامت بتوزيع دشاديش نسائية على كل بيت زارته حيث اعطت لكل بيت عدد من الدشاديش حسب عدد النساء المتواجدات فيه ,واضاف ان مها الدوري طلبت من العوائل التي حصلت على دشاديشها ان ينتخبوها جميعهم حتى تفوز في الدورة المقبلة وتعطيهم المزيد من الدشاديش مستقبلاً.فيما حض ائتلاف متحدون مجلس علماء العراق السني على اصدار فتاوى تدعو إلى انتخاب المرشح الذي يرفع شعار الإقليم السني في الانتخابات النيابية المقبلة ،تحت ذريعة خلاص اهل السنة من التهميش والظلم أشارة منهم إلى انتخاب كتلة متحدون الذين رفعوا هذا الشعار في حملاتهم الانتخابية. الاغرب من هذا كله الفتوى التي اصدرها كبار علماء العراق بخصوص الانتخابات حيث اتفق كبار علماء العراق أمثال الشيخ الدكتور احمد الكبيسي والشيخ الدكتور عبدالملك السعدي ومفتي الديار العراقية الشيخ رافع الرفاعي والدكتور هاشم جميل والدكتور عبد الله الجبوري والأستاذ عبد الحميد حمد ونخبة من كبار علماء العراق بخصوص الانتخابات وشرعية من ينتخبون على انتخاب الاصلح وعدم انتخاب السراق وعدم انتخاب المالكي واعوانه وعدم انتخاب الصحوات ... لكن لم تتطرق هذه الفتوى الى عدم انتخاب مرشحي الحزب الاستسلامي بل لم تأتي الفتوى على ذكر هذا الحزب اطلاقا !! فهل ان علماءنا وشيوخنا الافاضل لا يعلمون بأمر هذا الحزب الاستسلامي ؟؟ ام ان هذا الحزب له استثناء خاص لدى هؤلاء الشيوخ؟؟ ام ان في الامر شأن اخر لانعرفه؟؟ ... وهل فات على شيوخنا الافاضل ان هذه المسرحية هي مجرد لعبة امريكية صفوية لاضفاء الشرعية على الاحتلال وعلى مشاريع الاحتلال؟؟ حتى يفتون بالمشاركة بالانتخابات بشروط الفتوى نفسها؟؟ في تعليقه على الأنتخابات العراقية التي جرت في عام 2010 وصفها السفير الأمريكي في العراق آنذاك رايان كروكر بانها كانت دراما عنيفة وكوميديا هابطة. وهو وصف دقيق ولو أنه تغافل عن الأسباب التي أدت الى أن تكون الأنتخابات بهذا الوصف، والتي يقف على رأسها ألأحتلال الأمريكي وتدميره للعراق وفسحه المجال للمتعاونين معه، رغم فسادهم وعدم أهليتهم، ان يتصرفوا بمصير العراق وفرضه دستور لم يطلع عليه العراقيون وتقسيمه العراق على أسس طائفية وأثنية، الى غير ذلك من المشاكل التي تسبب فيها الأحتلال. وضاعفتها الاحزاب وألأشخاص الذين حكموا العراق منذ ذلك الوقت ومن خلال ما يجري في العراق اليوم يبدو أن الأنتخابات القادمة ستكون بهذا الوصف ايضا. أن التوقع بأن تكون الأنتخابات القادمة نقطة تحول في تاريخ العراق وستنهي هيمنة الفاشلين والفاسدين والطائفيين لا تسنده الوقائع على الأرض. إن كل الشواهد تشير الى أن نفس الكتل السياسية التي جاء بها المحتل ونصبها وهيمنت على المسرح السياسي منذ عام 2003 ستكون نفسها التي تعود الى سدة الحكم. وأن الوجوه الجديدة والكتل الصغيرة وغير المؤثرة في صنع القرار، والتي قد ينجح بعضها في الحصول على مقاعد محدودة في البرلمان، ستكون إما مغردة خارج السرب او ستنظم في نهاية المطاف الى الكتل الفائزة كي تحمي نفسها وتستفاد من الأمتيازات التي ستنهال عليها. الملاحظ ان كل الاطراف المؤيدة لاجندة الاحتلال والمنادية بضرورة المشاركة بالانتخابات وانجاحها تعزف على وتر جديد قديم (( التغيير)) , شاركوا وانتخبوا دماء جديدة - وكانما يقولون لك ان القدامى قد نهبوا ما يكفيهم ولنعط الفرصة لناهبين جدد - , كيف للمواطن البسيط ان يميز بين الصالح والطالح من هؤلاء كي لا ينتخب السارق والمجرم والقاتل؟؟ ثم اليس الكتل والاحزاب التي نصبها المحتل هي نفسها؟؟ ما الذي تغير حتى يحلم هؤلاء بالتغيير بعد الانتخابات القادمة؟؟ اليست واشنطن وطهران من يتحكم بكل شئ في العراق؟؟ ما فائدة ان يذهب المواطن للانتخاب اذا كانت الامور كلها قد اعدت سلفا والمناصب والكراسي قد وزعت مسبقا؟؟ ... الفائدة الوحيدة يجنيها المحتل فقط وهي اضفاء الشرعية على اربع سنوات قادمة من النهب وتمزيق البلد وقتل وتشريد المزيد من ابناء الشعب العراقي... إن الأيام والأحداث والتاريخ ومعطيات ذلك كله تشير إلى أن الأمل يبقى معقودا على الثورة العراقية المباركة التي انطلقت في المحافظات الثائرة وهاهي تصل اسوار بغداد لاجراء التغيير الجذري لواقع العراق ـ الذي بات يعد من أسوأ بلدان العالم في الفساد والظلم والاستبداد ـ وليس التعويل على ما ستفرزه الانتخابات الجديدة نعم انا انتخب الثورة العراقية ... انتخب الثائر العراقي الذي يحمل سلاحه بيده ليحرر لنا عراقنا وبغدادنا ... انتخب العشائر العراقية الثائرة ... انتخب المحافظات العراقية التي انتفضت لنصرة الحق ... انتخب شهداء العراق الذين رووا بدمائهم الزكية الطاهرة لتحريرنا من دنس الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي.