الحويجة ارض مباركة طيبة معطاء ترتوي من فرات مياه شمالنا الحبيب بزاب البركة وروافد الخير ، زغيتون ، الشاي ،الخاصة وعديد الانهار والقنوات التي تمتد كشرايين قلب عاشق .. فكانت الحقول الخضراء بمروجها الغناء مع نايل وسويحلي وعتابة الفلاح وحبه لارضه وغيرته عليها ... حباها الله بخيراته فكانت سلة غذاء عامرة بما انعم الله عزوجل .. لتكون رائدة في عطائها بين اخياتها مدن الوطن الحبيب . ليست الحويجة تلك المدينه التي تمثلت بالحدود الادرارية للنواحي والقرى التابعه لقضاء اسمه الحويجة ، بل هي تلك الارض التي تغفو بامان بين جنبات الزاب الصغير من الشمال الى سفوح حمرين من الجنوب والغرب .. هي كل ارض القبائل والعشائر العربية التي امتدت شرق حمرين وحرثت الارض وانبتت الزرع . ولانها أم معطاء كان أبنائها أهل غيرة وكرم ونخوة وحمية .. لاينامون على ضيم ، بلغوا بمآثرهم وبطولاتهم المعالي ، سطروا الملاحم ونصبوا رايات النصر والعز في ارض العروبة من سنجار الى البصرة ومن جبال بشتكو الى تخوم الشام وحلب . ، كانوا حصنا منيعا لعروبة العراق من أن تدنس وتصدوا لهجمات أعدائه من الفرس والاتراك وذادوا عن الحدود والقيم والمقدسات بكل بسالة وشجاعه ، ودافعوا عن العروبة وقيمها بتلاحم وصلابة ، حتى خلد التاريخ هذا السفر الرائع من ملاحم البطولة بالعديد من قصائد الشعر والاهازيج والقصيد الشعبي البدوي . وكان للحويجة دور مؤثر كباقي مدن العراق في التصدي للاحتلال الامريكي ، وكان أبنائها يتسابقون في تنفيذ العمليات ضد الغزاة المعتدين وحدثت العديد من الملاحم منها تلك الملحمة الخالدة التي سميت ( بريمة ) و ذهب ضحيتها فتية بعمر الورد كانوا أول كوكبة من الشهداء عفروا بدمائهم الزكية ثرى الحويجة ، نالت منهم طائرات العدو بعد ان أجهزوا على رتل امريكي بأكملة ، وأنشد فيها الشاعر الحزين القصيدة المؤثرة ( ميلوا بينا ) . ولما تناخى أبناء العراق في العام 2010 للخروج بتظاهرات في كافة مدن العراق ضد سياسات الحكومة الطائفية وفشلها الامني والاداري وفسادها المستشري ، كان لابناء الحويجة السبق في هذا الفعل الوطني ، وخرجوا بمظاهرات عارمة ، هوي فيها الشهيد الشاب فلاح الجبوري برصاص قوات الشرطة الحكومية ويكون أول شهيد في التظاهرات الجماهيرية السلمية . ومع أنطلاقة الحراك الشعبي السلمي في مدن الانبار ، كانت الحويجة على عهدها ، فأنتخت لمدن الانبار ومطالب أهلها وأقامت ساحة الاعتصام السلمي للمطالبة بالحقوق المشروعة للعراقيين وتغيير سياسات الحكومة الطائفية والتعسفية ، وكان لساحة أعتصام الحويجة صدى واسع ومؤثر . وفي صباح يوم 23 نيسان 2013 وبالتواطؤ مع بعض المحسوبين عليها من أصحاب المصالح الضيقة والاجندات المعادية للعراق وشعبه الذين يدعون تمثيلهم لابناء الحويجة في البرلمان والحكومة ، نفذت ما يسمى الحكومة العراقية جريمتها النكراء الغادرة بالهجوم العسكري لقوات سوات وعمليات دجلة على ساحة الاعتصام السلمي وأغتالت العشرات من المدنيين الابرياء العزل ، لتكون تلك الحادثة وصمت عار في جبين الحكومة وأدعياء الديمقراطية والمشاركين في ما يسمى العملية السياسية . أن أقدام حكومة المالكي على ارتكاب مجزرة الحويجة بهذه القسوة والبشاعه كانت له دوافعه الخفية كون المالكي ومن يقف خلفه لازالت تختلج في صدورهم حالة الحقد لكل ماهو عربي والثأر لما لحق بالفرس من هزائم في البصرة وديالى على أيدي رجال قبائل الحويجة ، ويعلمون صلابة ووعي وشجاعة رجال الحويجة ، وعمق أنتمائهم للعراق والعروبة وتمسكهم بالقيم والمباديء القومية ، وحالة الرفض الواسع لابناء الحويجة للعملية السياسية والنفوذ الاجنبي وارتباطات الحكومة وأجنداتها المشبوهه بسلخ العراق عن محيطه العربي ، كذلك طبيعة قبائل وعشائر الحويجة الصلبة وأمتداداتها في كل انحاء العراق وروابطهم مع القبائل الاخرى ولخصوصية الحويجة الجغرافية والاقتصادية ، وليس كما يصوره البعض من السياسيين والمحللين بأنها المنطقة الرخوة او البعيدة أو لاخافة ساحات الاعتصام الاخرى . حيث تم بعد هذه المجزرة تنفيذ المئات من العمليات العسكرية لرجال العشائر ضد قوات الحكومة ولازالت العمليات مستمرة الى يومنا هذا . وفي الوقت الذي كشفت فيه مجزرة الحويجة الوجه الحقيقي للحكومة الطائفية وسياساتها ، فأنها كانت دافعا لكل ابناء العراق للتصدي لهذه الحكومة وزاد من همة وعزيمة وأصرار المعتصمين في ساحات المدن الثائرة . ومع مرور سنه على مجزرة الحويجة تبقى جذوة ثورتها مستعرة بالرغم من محاولات النيل منها والتشويه لفعلها الوطني وتحريف مساراتها . وتبقى أرواح شهدائها وشهداء العراق مصابيح تنير طريق الثائرين . Hazzaa63@yahoo.com