أيام قليلة تفصلنا عن موعد الأنتخابات العراقية وسط موجة عارمة من التحركات واللقاءات والدعايات التي استخدمت فيها أموال تفوق المليار دولارمن أموال الشعب التي سرقها لصوص الأمس المتنافسون اليوم وصرفوها وجملّوا بها أيامهم دون مراقبة أو نازع ضمير ... الآف الملصقات والصوروالأعلانات ملأت شوارع بغداد ومحافظات العراق الأخرى لمرشحين متهمين بشتى انواع الرذيلة ومنتمين الى تيارات وأحزاب وانتماءات ونوايا وطوائف عرفناها وخبرنا رؤاها وخلفياتها على مدى اكثر من عشرة أعوام فهي بقدر ما تكون غارقة وباحثة ومتشبثة بالسلطة والمال وباحثة عن اي فرصة للقرصنة بعيدة كل البعد عن هموم المواطن واستحقاقات الوطن ومخالفة بقصد وتعمّد لشرائع السماء وقوانين الأرض . شخصيات تعددت ملامحهم وأشكالهم وتنوعت ثقافاتهم وارتباطاتهم الا انهم يلتقون جميعا في خبث النوايا وانحطاط الغايات وسوء التصرف حتى أمسى المواطن فاقد الأحساس بأهمية الأنتخابات وعدم اكتراثه بالدعايات التي تطمس حقيقة الفشل والضياع الذي نعيشه اليوم ولا للصور والشخصيات التي لم تعالج همومه وقضاياه ففقد الأمل بالمستقبل فلا نهضة ولا تنمية ولا اجتهاد سليم ولا روح مشرقة. لا شك ان العملية الديمقراطية للشعوب دليل نضج وتطور ومدنية وطريقة مثلى للحياة بكافة صورها وهي سلوك انساني راقي يقود الى الأختيار السليم لنظام حكم وطني يقوم على الشرعية والعدالة والضمان الأجتماعي على أن تتوفر أوضاع أجتماعية وأقتصادية وأمنية وخدمية معينة وثقافة سياسية وسلوك اخلاقي تتجلى فيه مفاهيم المواطنة وسمو الغايات فوق اي اعتبار وتقود حراكه قيادات واحزاب وطنية مشهورة بكفائتها وصدقها ونزاهتها تتيح للمواطن الحرية والفرصة في الأختيار الراقي البديع لمن يراه ممثلا برلمانيا قادرا ومؤهلاعلى تحمل المسؤولية امام الله والوطن لا شخصيات وأحزاب طائفية وسلوك متعصب وتمجيد زائف فالديمقراطية التي افرزتها أحزاب فاقدة وشخصيات حاقدة وأوجدتها قوى ظالمة واجندات عدائية وسندتها دبابات الطغيان وطائرات الظلام لا يمكن ان تأتي بالسيد الطاهر المصون والقائد الحاني الحنون . الشعب العراقي اليوم ربما يكون أفضل مما مضى يرى ويشاهد ويتابع ويحلل ويقرر لأنه هو من يرى حجم المأساة وعظم المصيبة ولا ارى ان هذه الأنتخابات تختلف عن سابقتها بالنتائج او بالوقائع والمعطيات فالأحزاب هي ذاتها والشخصيات هي ذاتها والوقائع هي ذاتها فماذا سنجني من أنتخابات صورية ينتقل بها المرشح من قائمة الى اخرى بحثا عن صيد او ثمرة يقطفها من أيدي الطامعين من أمثاله . ان التغييرالمطلوب والأمل المرتجى لا يأتي بصندوق بين يدي الظالمين المفسدين بل يأتي بثورة شعبية مسببات حدوثها وانفجارها ساطعة وأنتفاضة عارمة امتداداتها واسعة تقظ مضاجع الخونة وتهدم بيوت المفسدين على رؤسهم بدأتها طلائع صانعي المجد من أهالي الأنبار حيث الغلبة والرفعة والموقف الوطني الشجاع قبل فوات الأوان . علينا ان نعي ان أنتقال المرشحين من خندق آسن الى آخر او من تكتل فاشي فاسد الى آخرلا يخدع الناخبين ولا يعني الأمل بالنهوض بالواقع المر الذي يعيشه شعبنا اليوم كما ينبغي ان لا نسأل المعروف من غير أهله ولا نرتجي الخيرممن لا خيرفيه ممن كان حافيا بالأمس لا يملك قوت يومه فأصبح على حافة نهرالخير في العراق المتدفق غنى وثروة وأموال لا تحصى بشراع التآمر وسفن الخيانة حتى ترسخت لديه القناعة التامة ان الحكم نهب وسلب وافساد وسرقة وليس مسؤولية وعهد والتزام قال الشاعر الخطيئة في هؤلاء : حفاة عراة ما أغتنوا خبز ملةولا عرفوا للبر مذ خلقوا طعما الّذين وضعوا أيديهم بأيدي كل من يضمرالشر للعراق وأحتضنوا كل من يكره شعبه فرقوا وحدتنا وشتتوا شملنا ودمروا مدننا وهدروا أموالنا وسفحوا دماءنا وأكذوبة الأنتخابات مسرحية مخصصة لخونة الشعب والأمة ومهبطة للهمم والعزائم علينا ان لا نأبه لمجرياتها ونتائجها لأن ذلك لا يغيّر من الحقيقة شيء وما لنا الا التلاحم والتواصل في الثورة على الظلم والطغيان حتى يعود العراق الى أهله سالما معافى مستقرا كما كان يحكمه ابناءه الغيارى ويعيش شعبة بحرية تامة وأمن ثابت ومحبة جامعة وسلام عادل.