كلام جد جميل حين نتحدث عن الواجبات القومية وما تستوجب ،ففيه من الفكر والعاطفة والتأثير وتحريك المشاعر ما فيه ،هذا طبعا حين تكون لنا القدرة على تجسيد القول بالفعل ،والمقدرة على صناعة الحدث بحجم هذا الكلام الواعي الجميل والدفاع عنه ، وهو ما كنا عليه قبل 9نيسان 2003 { بصرف النظر عن التراجعات التي حصلت هنا أو هناك بفعل استمرار الضغط العسكري المعادي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية بكل الرغبة في الانتقام ،وتآكل بعض الإمكانات المادية للوطن رغم استمرار تصاعد الهمة تصديا للعدوان ورغبة حقيقية في تجاوز أهدافه وأبعاده، وما رافقه من حصار ظالم طال كل مرافق الحياة ليتوج فعلهم وحقدهم وغدرهم باستباحة العراق استباحة شاملة نعيش كل لحظة نتائجها وما خلفّت من آثار كارثية على الوطن والمواطن } ، أما الآن فأرجو أن لا ننسى أين نحن اليوم ، وما هي حقيقة قدراتنا في صنع الحدث بما يوازي الفعل المعادي المدام والمسند من ذات الأطراف التي مهدت للغزو والاحتلال ودعمته ماديا وإعلاميا لإنزال أقسى ضربة توجه لمجتمع إنساني ،والتي لازالت ارتداداته العكسية تأكل يمينا وشملا لتعيق نهوضه من جديد ، وهنا أيضا باتفاق وإجماع هذه الأطراف التي لم يكفها ما حدث للعراق ،والتي وفرت له كل الأغطية كي يمر العدوان بكل السلاسة التي لا تثير أية زوابع رفض محتملة،فحجم الكارثة التي حلت بالوطن العزيز العراق ولكل بناءه، وحجم الاستهداف المباشر وغير المباشر لأدواته الثورية المخلصة للوطن والأمة ، { نقصد قيادته والحزب وأعضاءه وجماهيره } يبقى غير مفهوما إن لم نوضح للمواطن العراقي والعربي والإنسان على مستوى الإنسانية حقيقة الأسباب التي من اجلها اغتيل العراق ، ولنفرض عليه وفقا للحقائق مغادرة سببية النفط والكويت كما راح اغلب الإعلام المعادي ومن يدور في فلكه يعمم ويشيع، كي تغطى الجريمة بذريعة هم أرادوها وعملوا لها، إذن لنسأل ومعنا كل إنسان شريف على وجه المعمورة ، لم وجهت الضربة للعراق بهذه القوة والعنف وبكل الحقد الذي تجرد عن أي مستوى من الأخلاق مهما وصفت ،ولم زج بالكويت كعنوان لهذه الجريمة ، والإجابة على ذلك فيه من الإطالة والاتساع ما فيه ليشمل جوهر الإطماع والمصالح الامبريالية في المنطقة وركيزتها الكيان الصهيوني ، وأسس إدارتها من خلال عملائها المحليين وفقا لمنظورها العام لقيادة العالم ، والتي غالبا ارتكزت على الدور الإيراني المكمل للدور الصهيوني، والمتنافر كليا ( الدور الإيراني ) مع الواقع العربي بحكم نزعة شيفونية وغطرسة فارغة لم تغادر ذهنه ،مؤسسة على حكم التاريخ والجغرافية التي صنع منها نقاط خلاف وتحارب ، ولادوار كل من تركيا في ذات الاتجاه ، وان كانت على درجة مخففة بحكم التلاقي بينها وبين الواقع العربي على أكثر من صعيد ، كذا الدور الإثيوبي المكمل لحلقة الطوق الذي يحكم الوطن العربي ،وكي لا نخوض في التفاصيل نشير إلى أن العراق وفي ظل حكومته الوطنية تمكن من إحباط عديد المساعي للإدارة الأمريكية في إحكام مسك الأمور لمصلحتها في العراق ،وابتداء منذ انتفاضة 30 تموز 1968 المباركة ، ولتجهض بكل جرأة وإقدام الاختراق الأمريكي المباشر لثورة 17تموز1968 ، ولتتصاعد فعاليات الثورة ومع مرور الوقت في تجريد الأمريكان من كل أدواتهم على ارض العراق ، وما ضرب شبكات التجسس ، وإحباط المحاولات التآمرية على الثورة إلا عناوين لها في جانبها الأمني ،وليأتي تأميم النفط صاعقا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي ، وليسقط من يد الإدارة الأمريكية جل أوراقها للتأثير في الحالة العراقية ، والتي دعمت وبوقت قياسي بتطور نوعي للقدرات الاقتصادية والعسكرية وإعادة بناء الجيش العراقي وفقا لسياقات العسكرية ولقياسات المبادئ الوطنية والقومية ، من دون أن تتمكن هذه الإدارة من تلمس أي من المفردات التي تعينها على أعادة حضورها في العراق ، ولتتمكن قيادة الثورة وتحت الضغط الهائل لنظام شاه إيران وتدخله في شؤون العراق نحو هدفه الرئيس في إجهاض النظام الوطني في العراق ، لتتمكن من سحب البساط من تحت أقدام الشاه وبمعونة جزائر الثورة من إبرام اتفاق الجزائر ( رغم ما تخلله من إجحاف في حقوق العراق الجغرافية وفي شط العرب على وجه الخصوص ) ليتعرى الحضور الأمريكي بالكامل ، وليبحث ثانية على فعل يعيد له ثانية حضوره في المنطقة ،ولتأتي اتفاقية كمب ديفيد وموقف العراق الحاسم والقوي من رفضها وتطويقها القشة التي قصمت ظهر البعير ، مما فرض على الإدارة الأمريكية حصيلة متغيرات لا بد منها ، ولتبدأ هذه المرة بإيران لإعادة هيمنتها عليها وضمان إكمال مشوارها وفقا لأهدافها وللمستجدات التي حدثت والتي كان من بينها أيضا التوغل السوفيتي في أفغانستان ، وتوفير نظام بديل عن نظام الشاه يحقق طفرة في التعاطي الأمريكي مع أحداث المنطقة ويهيئ للمتغيرات التي راحت تنسجها إحكاما لقبضتها ولتدخل القرن الأمريكي من خلالها ، وحين منّت الإدارة الأمريكية النفس بظفر النظام ألصفوي لحربه ضد العراق ، وما اعتبرته مدخلا يعيد وضعها إلى سابق عهده وأفضل ، أتت الحرب ومع تفاعلاتها وتطوراتها إلى مالا خططت له الإدارة الأمريكية ،فها هو العراق يخرج منتصرا ويفرض على النظام ألصفوي وهو صاغر بقبول وقف إطلاق النار ، والذي عده شيطانهم بمثابة شرب السم ، وهنا ما يعني بالنسبة للأمريكان ، أن العراق أعاد ثانية تعطيل أهم أدوات الحركة الأمريكية وذراعها الميداني في المنطقة بعد الكيان الصهيوني ،ولم يكتفي العراق بهذا ، بل راح وباقتدار وتسارع نوعي إلى تطوير قدراته العسكرية ، وليعلن أمام الملأ عن لسان الرمز المجيد صدام حسين رحمة الله عليه ورضاه ،خلال لقائه مع وفد من الكونغرس الامريكي ،ولتناقله وسائل الإعلام بكل الهلع ،عن قدرته على حرق نصف ( إسرائيل ) إن هي تطاولت او تجاوزت على العراق أو أي من الأقطار العربية ، وليقع هذا الإعلان وقع الصاعقة على الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية معا ، لما احتواه من مقدرة حقيقية على تجريد الكيان الصهيوني ولأول مرة على مستوى الصراع معه من وظيفته الحقيقية التي زرع من اجلها في المنطقة ، والتي تتمثل تهديد المنطقة وابتزازها ومنع وحدتها ، وان يكون رأس جسر لكل الطموحات الغربية في المنطقة تستخدمه كيف تشاء . ولأول مرة تشعر الإدارة الأمريكية انها مجردة من كل أدواتها في تسيير مصالحها ليس في العراق وحسب وإنما على مستوى المنطقة والعالم ، بعد ان فقدت قوة ايران وتم تحييد الكيان الصهيوني عن بلوغ اهدافه، ولتشكل حركة العراق السياسية في محيطه العربي وجديته في رأب الصدع في العلاقات البينية العربية العربية ، وتطوير علاقاته العربية ، وفض الاشكالات الموجودة ،وعقده اتفاقات أمنية مع أقطار لعربية عديدة حضوره الجدي لدى الادارة الامريكية في قرار إنهاء النظام الوطني في العراق بكل السبل ، ولتستخدم نظم سيكس بيكو وسيلة وأداة في تمرير مخطط إنهاء النظام الوطني في العراق رغم درايتهم بكل التفاصيل ، ورغم معرفتهم المسبقة وإدراكهم لما سيؤول له الوضع العربي في غياب قوة العراق على هذا النحو، ولهذه الأسباب كان التصرف الأمريكي الأرعن الذي استهدف العراق بكل ما يملك من مقومات قوة قبل استهداف النظام الوطني ، ومن هنا أيضا ظل الجهد الأمريكي حريصا كل الحرص على أن لا تقوم للعراق قائمة وبأية صورة كانت ، ولا نستغرب من بقاء العراق على ما هو عليه ، لأنها الإرادة الأمريكية انتقاما من العراق ، ومعركة العراق إن شئنا او أبينا ، هي معركة الأمة ، فلا فوز ولا فلاح للأمة والعراق محطم ، مقيد القدرات ، منهوب الإمكانات ،وحين ضرب قلب العراق وعقله نظامه الوطني ، انما القصد وضع اليد على الأمة بما تملك ، لأنها دون العراق المؤمن المتصالح مع حاضره ومستقبله تأسيسا على ماضيه ،لا يمكن للأمة ان تنهض من كبوتها ، وان نهضت فهي لا تشكل تلك المخاطر الجسيمة التي تشكلها والعراق العنصر الفاعل فيها ، إذن الأسبقية في تجاوز الأخطار التي تعيشها المنطقة تكمن في انتشال العراق من واقعه الذي يئن منه والذي لم يكن له ان يتم لولا الضلوع الرسمي العربي في التآمر عليه ،وعلى النظام الرسمي العربي والذي يدرك كل الإدراك أهمية معافاة العراق ، عليه المبادرة الجادة والسريعة في مد يده وبكل جرأة لإنقاذ العراق من محنته والذي ما هو إلا إنقاذا لأنفسهم ، العراق اليوم ( ليس النظام ) وفي وضعه الحالي نبالغ كثير المبالغة ان كنا ندعي مقدرته على اسناد الآخرين على المستوى المادي للمهمة وليس على المستوى المعنوي ، فعراق اليوم هو مشروع تقسيم تحت يد الإدارة الأمريكية تجاهر به وتهدد ، وعراق اليوم تتجاذبه الغرائز والجشع المادي على حساب الحالة الوطنية ، وعراق اليوم يعيش الفرقة في ادق مفاصل نضاله وكلنا امل ان تدرك قواه الوطنية أهمية الوحدة ، وعراق اليوم لا يسند عزمه وتطلعه لمستقبل يليق به وبالأمة غير بنادق المجاهدين المصوبة نحو المشروع الاستعماري في تدمير العراق ، والتي يتآلف ويجتمع ويلتقي حول هدف إجهاضها كل صف الرذيلة والخنوع في الواقع العربي والعراق، والذين هم من ساهم في تدميره، فهل يا ترى تتقدم أسبقية على محاولة انتشال العراق وإعادة الدم لجسده الممزق بفعل إرادات مريضة ، لننتصر للعراق ولوحدة العراق وسلامة العراق ، انتصارا للأمة ولقيم الخير التي نؤمنالله اكبر حي على الجهاد ، الله اكبر حي على الجهاد