سمعت من يلقي اللوم على الثوار لأنهم جردوا سيوفهم في وجه حكومة الاحتلال التي يترأسها نوري المالكي .. يقولون إن الجيش من العراقيين، وهم إنما يقتلون عراقيين ويرملون عراقيات وييتمون عراقيين ويثكلون عراقيات .. ويزيدون أن هذا القتل سيخلف ثارات بين العراقيين أنفسهم .. ثم أن الثوار يقاتلون حكومة، وجميع بلدان العالم فيها حكومات وما رأينا شعباً يشهر السلاح في وجه حكومته .. ويواصلون أن الثوار يجب أن يركنوا إلى الهدوء ويلقون السلاح لنعيش عيشة رغدا مثلما تعيش شعوب العالم، وأن الثوار إذا كانت لديهم ملاحظات على المالكي أو سواه فالانتخابات على الأبواب ويستطيعون إبداله بمن يريدون .. وأنا أؤيد هذا الكلام وأجده معقولاً جداً ولكن في حال حكومة ظلمها شعبها لا حكومة تظلم شعبها، وفي حال دولة لديها دستور كتبه شعبها وليس دستوراً كتبه أعداء شعبها، وفي حال بلد فيه عملية سياسية صممها شعبه لا عملية سياسية فرضها على شعبه محتل، وفي حال بلاد حكامها من غرسها لا بلاد حكامها من غرس الأجانب، وفي حال وطن تحكمه قوانين لا وطن تحكمه ميليشيات. الثوار يريدون وطناً لا سجن فيه إلا لمن يستحقه، ولقطاء العملية السياسية يريدون سجناً كبيراً يضعون فيه العراق كله، والثوار يريدون بناء الوطن ورقيه، واللقطاء يريدون الإمعان في تدميره وتخريبه وتخلفه، وشرعنة التخلف والتخريب والتدمير بقوانين، والثوار يريدون المرأة العراقية تبني بلدها وتعمره بحصة لا تقل عن حصة الرجل، واللقطاء يريدون إهانتها وسجنها في البيت وتعطيل طاقاتها وتزويجها في عمر التاسعة، الثوار يريدون حكومة تنفذ أجندة شعبها، واللقطاء يريدون تنفيذ أجندات الغرباء، والثوار يريدون حكاماً قلبهم على العراق فلا يسرقون ثرواته ولا يهينون شعبه ولا يلوثون أنهاره ولا يدمرون صناعته ولا يخربون زراعته ولا يجيعون أهله ولا يفقرونهم ولا يفرقونهم ولا يركنون إلى طوائفهم ولا ينحازون إلى أبنائهم، واللقطاء يقترفون هذه الموبقات كلها. الذين يلقون اللوم على ثوار العراق إنما يريدون منهم أن يضعوا رقابهم على المقصلة لتقصها حكومة غريبة، ويريدون من العراقيين أن يتقبلوا الظلم والإهانة وسرقة ثرواتهم صامتين لا تصدر منهم نأمة لئلا تزعج الحاكم المتنعم بأموالهم وثرواتهم. إن خطيئة واحدة اقترفها لقطاء العملية السياسية وهي كونهم من انتاج المحتل كفيلة بثورة عارمة تقتلعهم، فكيف إذا لحقتها جرائر وموبقات أخرى لا يحتملها حليم ولا يتحملها جبل، وإن سبباً واحداً هو الدفاع عن النفس والعرض ودفع الأذى عن الأهل كفيل بمنح ثورة العراقيين شرعية كبرى تباركها السماء والأرض. هذه هي قصة الثورة بإختصار .. لهذا يقاتلون مخلفات المحتل ولهذا تقاتلهم مخلفات المحتل ..إنها حرب وجود تدور على أرض العراق الطيبة النصر فيها لمن جذوره في هذه الأرض والاندحار فيها لمن جذوره خارجها.