الثوار العراقيون في الرمادي والفلوجة وفي الموصل وكركوك وديالى وصلاح الدين وبغداد يكتبون ببنادقهم تاريخاً سيفخر به أبناؤهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم ويرفعون به رؤوسهم لأن حرية الأوطان هي القاعدة والاحتلالات وما تؤسس هي الاستثناء. وبالمقابل، فإن الخونة والمارقين وعبيد العملية السياسية التي نفثها الاحتلال يكتبون، بخيانتهم ومروقهم وعبوديتهم، تاريخاً سيخزي أبناءهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم وينكس رؤوسهم. عمر حرية الأوطان طويل وعمر سيطرة الظلم عليها أو احتلالها قصير فانظر من الفائز ومن الخاسر، من يشتري مستقبل أوطانه وأبنائه ومن يبيعه بحاضر سينقضي وينطفئ مثل ومضة. ثم انظر من الأقوى بين الاثنين ؟ ونحن هنا لا نقصد المقارنة ولا نريدها لأنها لا تجوز أبداً، ومن بمقدوره أن يقارن السيف بالعصا، والطهر بالنجاسة، والاخلاص بالخيانة، والحياة بالموت، والخزي بالفخار، والثرى بالثريا، والعهر بالعفة ؟ اكتب خيرا في دفتر الوطن تلق خيراً، واكتب شراً تلق شراً، ودفتر الوطن لا تفوته شاردة ولا واردة إلا ويكتبها، فهو يجازي المخلصين بالثناء والخلود كما يجازي الخونة بالمقت والذكر السيء مادامت تشرق شمس ويطلع قمر، وأنت مع الوطن قوي وضده أضعف ما تكون، ومن هنا نستطيع تفسير غلبة رجال عراة الصدور لا يملكون إلا أسلحة خفيفة وبعض أسلحة متوسطة على جيش مدجج بكل ما انتجته قوى الشر من أسلحة متطورة وطائرات من دون طيار ودبابات ومصفحات، جيشٍ يفر مذعوراً أمام إقدام محبين متيمين بالوطن، وأي وطن ؟ إنه العراق الذي ما خلق الله وطناً مثله في الكون. من هنا يستطيع أي عراقي أن يطمئن على ثورته وعلى انتصارها وعلى وصول سفينتها إلى مرفأ التحرير بسلام، وسيزداد عديد الواقفين تحت رايتها عندما سيعلم الشعب كله أنه متهم بـ ( 4 إرهاب ) وغير مستثنى منه إلا من تسلم صكاً من الاحتلال بأنه خادم ذليل يعمل ضد مصالح العراقيين ويحاربهم كما يحارب المالكي شعبنا في كل مكان. إن أخوف ما نخافه على الثورة هو التأجيج الطائفي الذي ينفثه من خلفهم المحتل وفرضهم على شعبنا، ويتابعهم في ذلك، للأسف، أناس يدعون أن قلوبهم مع الثورة بينما سيوفهم، في الحقيقة، عليها بترويجهم الخطاب الطائفي، في وقت تتصاعد الثورة على العملاء، وهم ينادون بالإقليم، في وقت تمضي الثورة إلى تحرير العراق، وتستطيع أن تشير بأصابعك كلها إلى الحزب الإسلامي والمخدوعين به وإلى كتل سياسية وشخوص يريدون أن يتبرقعوا ببرقع الثورة لتحقيق مآرب سياسية لهم، فهؤلاء جميعاًُ ألعن من حزب الدعوة والقوى الطائفية المتحافة معه، فلكل منهم دور في تفتيت وحدة هذا الشعب وتقسيم تراب هذا الوطن حتى لا يبقى العراق عراقاً. ولهذا إذا لم يتيسر لك حمل البندقية ومقاتلة أعداء الشعب ودحرهم، فإنك تستطيع أن تسند الثائر في الميدان بمقارعة الطائفيين وطلاب الأقليم الذين هم أشد على الثورة من أعدائها الذين تقاتلهم بالسلاح، فليلجم كل منا الأفواه النتنة للطائفيين والمفرقين. الثورة ماضية في طريقها إلى النصر وهي التي بيدها زمام المبادأة، فقد فرض الثوار حظر التجوال في الرمادي، على عكس ما كان يجري عندما كان الجيش الحكومي هو الذي يفرض هذا الحظر، وهذه دلالة مقدرة وثقة بقوة الثورة، ودليل على أن الأيام حبلى بمفاجآت الثوار الذين يقاتلون بمهنية عالية وروح وطنية عراقية لا طائفية، كما أنها دليل واضح على أن نهاية ما فرخه الاحتلال على أرضنا باتت قريبة جداً. فلنبدأ، منذ هذه اللحظة بالمشاركة بالثورة عن طريق التصدي للدعوات الطائفية والتقسيمية، فكما خلق الله العراق واحداً فطاعة له سبحانه وتعالى يجب أن نحافظ عليه واحداً، وما هي إلا خطوات قصيرة ويفتح النصر أبوابه للثوار لندخلها سوية ونشرع ببناء العراق الذي خربه الخونة الأشرار الذين سيستكف حتى أولادهم من ذكرهم خشية العار.