كثيرة هي السمات المخيبة للآمال، والمدمرة لبنية المجتمع، والملاصقة للحالة العراقية الحالية؛ بحيث لا يمكن أن تنفك عنها في عموم البلاد، وخصوصاً في المدن الثائرة، ارهاب حكومي، واعتقالات عشوائية للرجال والنساء على حد سواء! ومنذ أن بدأت معارك الأنبار، قبل أكثر من ( 58 ) يوماْ؛ برزت بعض المواقف الدولية الرسمية وغير الرسمية، الإقليمية والدولية؛ المتغيرة باتجاه كشف زيف الادعاءات المالكية، وفضح العديد من الملفات المغيبة، ومنها ملفات السجينات، وتسييس القضاء، والتهم الكيدية، والمخبر السري وغيرها من الملفات التي بقيت في خانة ( الشك ) ؛ بسبب المجاملات، أو تجاهل العالم لحقيقة المأساة العراقية. وعلى هذا الأساس برز موقف البرلمان الاوروبي المساند لحقوق المعتصمين، والمؤكد لافتعال حكومة المنطقة الخضراء للأزمات، وحذر الاتحاد في أكثر من بيان له منذ بداية العام الحالي من أن (( رئيس الوزراء نوري المالكي يدفع بالبلاد سريعاً نحو الفوضى الطائفية والحرب الأهلية )) ، متهماً المالكي (( بالإذعان لسياسات إيران؛ من أجل الحصول على دعمها لولاية ثالثة في الحكم )) . واليوم برزت مواقف أخرى مساندة للعراقيين وكاشفة لبعض المآسي الواقعة عليهم، ومنها التقرير الذي صدر يوم 8/2/2014، من منظمة ( هيومن رايتس ووتش ) المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، الذي أكد أن (( السلطات الحكومية ما زالت تحتجز أربعة آلاف و ( 200 ) عراقية في سجونها المختلفة دون وجه حق، وتتعرض العديد منهن للتعذيب وإساءة المعاملة، بما في ذلك الانتهاك الجنسي، حيث يستند القضاء ( العراقي ) الضعيف في أحكام الإدانة إلى اعترافات تم انتزعها من المعتقلات تحت التعذيب والإكراه، كما تفتقر إجراءات المحاكمات إلى أدنى المعايير الدولية )) . وأشارت المنظمة إلى (( أن العديد من المحتجزات امضين سنوات في السجون الحكومية دون اتهام، ودون العرض على القضاة، وأن العديد من المعتقلات أكدن تعرضهن للاعتداء بالضرب المبرح، والصدمات الكهربائية، والتعليق في وضع مقلوب ( الفلقة ) ، والاغتصاب، والتهديد بالاعتداء الجنسي من قبل قوات الأمن الحكومية أثناء استجوابهن بشأن أنشطة أقارب لهن، كما تم ارغامهن على التوقيع والبصم على أقوال مفبركة دون السماح لهن بقراءتها، وأن قوات الأمن كانت تجري عمليات اعتقال عشوائي وجماعي لسيدات ترقى إلى مصاف العقاب الجماعي على أنشطة إرهابية مزعومة، كما استغلت السلطات بعض النصوص الغامضة في قانون مكافحة الإرهاب لعام 2005 لتسوية حسابات شخصية، أو سياسية، باحتجاز واتهام ومحاكمة سيدات استناداً إلى ارتباطهن بشخص، أو عشيرة، أو طائفة بعينها )) . أما بخصوص الحرب الحكومية على العراقيين، فإن التقارير الدولية اليوم لم تعد تتحدث عن ( الإرهابيين ) في الأنبار، وإنما باتت تتكلم بلغة الواقع، وأن القصف العشوائي الحكومي يستهدف الجميع دون تمييز بين المدنيين وغيرهم، وفي يوم 14 شباط 2014، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق ( يونامي ) أنه (( ومنذ بدء القتال في الأنبار؛ تم تسجيل أكثر من ( 63 ) ألف أسرة نازحة داخلياً، وعلى الرغم من أن العديد من هذه الأسر قد لجأت إلى أجزاء أخرى من البلاد، آثر الآخرون البقاء في مجتمعاتٍ نائية حفاظاً على سلامتهم في الأنبار، أو أنهم أضحوا غير قادرين على الفرار من القتال، ولا تزال حالتهم غير مستقرة مع نفاد مخزون الغذاء ومياه الشرب ومحدودية فرص الحصول على الرعاية الصحية )) . هذا الإرهاب والبعد عن أبسط القيم الإنسانية والأخلاقية والقانونية لا يمكن أن يكون حلاً للقضية العراقية الشائكة، ولن يزيد المظلومين إلا اصراراً على المطاولة؛ رغم ارتفاع فاتورة خسائرهم بسبب البطش الحكومي والانتهاك الواضح لحقوق الإنسان. ملاحظة :عثر مساء يوم 26/2/2014، على جثة العميد الركن في الجيش السابق جاسم المهداوي بعد ساعة من اختطافه من منزله وسط المقدادية في محافظة ديالى من قبل قوة ترتدي الزي العسكري الرسمي، وتستقل سيارات رسمية ! Dr.jasemj1967@yahoo.com