أختلف كثير من الباحثين والمنقبين في تأريخ الحضارات ومطوري النظريات حول وجود العالم السفلي في حياتنا بصورتها الحالية ... فوجدوا لها المفردات الخاصة بها لتتناسب والعقل البشري في واقعه اليوم .. وأعتقد البعض بوجوده بأشكال مختلفة .. بينما دحض كثيرون وجود هذا العالم .. وهناك من طبق نظريته اعتمادا على المعنى الحرفي للجملة .. وذلك بالاعتقاد بوجود عالم سفلي في جوف الأرض !! وذهب البعض الآخر في تفسيراته إلى معالم النفس البشرية وتكاملها وأبعادها الغامضة ... ويرجع البعض الآخر هذا العالم الغامض إلى حتمية وجوده في التأريخ الفرعوني بسبب غوامض ذلك العالم وصعوبة إثباته ... وذهب آخرون لوضعه في إطار الجن والعفاريت والأشكال الغريبة الأخرى لعوالم غير مثبتة علميا على الأقل .. أما دينيا .. أخذ البعض منحا آخر للتفسير .. فجعلوا من أقوام يأجوج ومأجوج مادة خصبة لتفسير مفهوم العالم السفلي .. كل ما مذكور أعلاء كتب فيه كثيرون حتى خرجوا عن المألوف والمشروع والمفهوم وصولا إلى الخروج عن المنطق .. والذي يرى فيه كثير من المتابعين مادة خصبة للخيال والابتعاد عن إيقاع الحياة الممل والمكرر .. وكي نخرج من واقع الخيال الى عالم السياسة .. فإننا سنطبق هذا المفهوم الخيالي على واقع العراق المزري .. تطبيقا افتراضيا لا يمت للواقع بأي صلة .. لكن من خلال ما سنطرحه سنحاول المقاربة بين العالم السفلي الخيالي أو غير المثبوت علميا مع واقع أخر مثبوت وواضح في العراق .. تقول التفسيرات عن تعريف العالم السفلي بما معناه بأنه العالم الذي يحوي بين جنباته كل ماهو شر أو سوء .. وهو بعيد عن كل ما هو مألوف إيجابيا .. وتتحكم فيه طقوس وشعائر خرافية بعيدة عن الواقع لكنها تشكل الخطوط الأساسية لإيقاع البشر في براثن السحر الأسود والشعوذة والدجل .. وبالتأكيد المسؤول الأول عن هذا النظام إذا صح التعبير هم البشر أنفسهم وليس الجن والأرواح كما تذهب بعض التفاسير .. الآن نعود إلى واقع العراق ومدى قربه من تلك التفسيرات والتعريفات عن مفهوم العالم السفلي .. فكل ما حدث ويحدث بعد 2003 يشير بخطورة واضحة إلى سيطرة السحرة والدجالين على مقاليد حكم العراق ... وهؤلاء يحملون كل حقد الدنيا ليقتربوا كثيرا من مواصفات خبراء وممارسي السحر الأسود ... نعم ... يمكن تخيل العالم السفلي الذي ظهر للسطح بصورته الحالية في المنطقة الخضراء !! تلك المنطقة التي يمارس فيها كل أنواع الفساد والدجل والشعوذة إلى طقوس ما انزل الله بها من سلطان ... فنقلوا إلى خارجها كل ماهو خارج عن المألوف الطبيعي لحياة كانت يوما ما متوزانة .. فيها الخير والشر .. فتحول العراق إلى كرة ثلج !! أو بقعة شر تكبر يوم بعد يوم ... ويصدر دجاليها شرهم الى دول الجوار !! وسوريا مثالاً .. على عكس ما يصوره الدجالين من أن الشر يأتي إلى العراق من الدول الأخرى .. مع التأكيد على حقيقة إن إيران هي ملكة السحر الأسود .. وفي العراق جنودها الصغار ... هناك من سيسأل عن موقع أمريكا المحتلة في هذه المقاربة !! فنقول بأن أمريكا ومصالحها في المنطقة والعراق على وجه الخصوص أستغلت العالم السفلي لتنفيذ أجندتها .. فأستدعت لذلك كل الأرواح الشريرة القابعة في الدهاليز السحيقة .. لذلك ليس بعيدا أن ينقلب السحر على الساحر .. أو على الذي أستدعى واستغل الساحر !! فهي ( أمريكا ) قد رفعت العالم السفلي من تحت الأرض إلى سطحه ... وجعلت من المشعوذين والسحرة والدجالين حكاما ومسؤولين .. فأنتشرت الطقوس الغريبة التي تصل لمستوى الدعارة والسمسرة وكل ما هو حرام في وجهة النظر الشرعية ... وفي الواقع هذه كلها متطلبات مهمة لتنفيذ السحر الأسود ... سيستغرب البعض لهذه المقاربة .. ونشدد على انها ليست سوى تقريب لواقع العراق اليوم مع قصص وروايات العالم السفلي .. بل ربما تكون المقاربة الواقعية الحقيقية لهذا المفهوم الذي يعتمد في الاساس على قصص خيالية ... بينما في العراق يمثل الواقع الذي نلمسه بكل حواسنا السمعية والبصرية والنفسية والجسدية .