منذ أن ظهر وجه واثق البطاط على أجهزة الإعلام مصحوبا بتصريحاته التي تثير السخرية أكثر من التعجب أو الإعجاب والغموض المقصود يحيط بهذه الشخصية شأنها شأن غيرها ممن ظهروا على الساحة العراقية من " دراكيولات " الدم وتحت مسميات مختلفة . ولقد أثبت جميع هؤلاء أمرين مهمين : أولهما الغباء والأدمغة الجوفاء سياسيا ولهذا تم إختيارهم . وثانيهما إتصالهم العضوي بالحبل السري الإيراني .. غير ناكرين لذلك ولا جاحدين له . كلامنا اليوم هو عن واثق " بونابرت " الذي يهدد باحتلال دول الخليج العربي بدءا بالكويت ومرورا بالبحرين وقطر والإمارات وعُمان والسعودية وإنتهاءا باليمن ..! ومن خلال مقابلة على الهواء معه إستدرجه فيها بالكلام وبشكل ذكي مذيع قناة الشرقية نيوز في نشرة أخبار العاشرة مساء 21/11 . ولكن ذلك ، وبالرغم من الصورة الكارتونية التي ظهرت بها شخصية البطاط ، وأثارت الضحك والسخرية لدى الكثيرين .. فإنها في واقع الحال ، والكلام من تجربتنا نحن العراقيين مع أمثال هؤلاء ، لا تعبر بشكل صحيح عن حقائقهم ومكنوناتهم وأين تنتهي خيوط تحريكهم كالأرجوزات والدمى . البطاط ، ليس بهذه السطحية التي ظهر بها ولا بالضحالة التي شملت كل كلمة تفوه بها أمام الكاميرات التلفزيونية وملايين المشاهدين . إنه ببساطة يقوم بدوره التمثيلي على أكمل وجه . وحاول التركيز في حديثه على بعض المفردات والعبارات ظاهرها يجعل المشاهد له يحكم عليه بالجنون . ولكنها في العمق تعني أمرا مهما في الحرب الطائفية الدينية التي يتعاون على تأجيجها الغرب بقيادة أميركا من جهة وإيران وإسرائيل من جهة ثانية وبتنسيق وتناغم دقيق . البطاط وحديثه عن إحتلال دول الخليج بما فيها السعودية هو طرح بالنيابة عن إيران .. والدول المعنية تفهم مايعنيه ذلك جيدا . والبطاط في كلامه الديني ووضع نفسه بمنزلة الأنبياء وتحديد معالم رسالته " أن من يقف ضده يقف ضد الله " وأنه " يتسلم أوامره ومهامه من المعصوم !! " إنما يريد أن يركز على النظرية السياسية للإسلام وفق المنظور الفارسي الصفوي الذي تمثله حكومة إيران والذي جاهر به الكثير من رجال دينها من على المنابر من خلال الحديث عن " التلبثية " أو الإتصال الروحي أو حتى الإتصال الملموس بالمهدي وغيره من إئمة أهل البيت لأن هناك بالمقابل عقولا قد تآكلت بالصدأ الطائفي والجهل تصدق ذلك . فإذاً ، هو لايتكلم كفاقد عقل كما يظهر أو يريد أن يظهر . والبطاط في شرحه للعملية " العسكرية " التي قام بها على الأرض السعودية ، كان يركز على أمرين مهمين : الأول أن ضرب مخفر العوجاء السعودي تم من داخل الأرض السعودية وليس من داخل العراق . والثاني أن القصف قد تم بصواريخ " غراد " وليس بقذائف المورتر . ماذا يعني ذلك ..؟ تبرئة السلطة الرسمية العراقية بشكل أو بآخر على اعتبار أن العملية تمت من خلال تسلل عبر الحدود الى داخل الأراضي السعودية وليس من داخل الأرض العراقية ..!! والبطاط قطعا يقول ذلك بتوجيه مبرمجيه سواء من السلطة العراقية الطائفية أو إيران وكلاهما في واقع الأمر واحد ، ولكن قد تم من خلال هذا التصريح إحتساب ماقد ينشأ عنه من التداعيات الدبلوماسية . الأمر الآخر ، إصراره على أن القصف كان بصواريخ غراد وليس بقذائف المورتر مع أن التحقيقات الأولية السعودية قد تكلمت عن قذائف مورتر ولو كانت غير ذلك ، أي صواريخ ، فإن ذلك لن يغير من الموقف شيئا ، بل العكس ربما يخدم أي تحرك دبلوماسي سعودي . ولكن إصرار البطاط على أنه إستخدم صواريخ وليس قذائف ذلك لكي يجعل من الأمر فتيل فتنة طائفية في المنطقة قابل للإشتعال في أي لحظة بالإيحاء على اعتبار أن الصواريخ مجهزة من إيران والكل يعلم أن إيران تجهز عملائها ومنهم حزب الله بهذه الصواريخ . ولم يغفل عن إطلاق النعوت التي هي شتائم في حقيقة الأمر أتعفف عن ذكرها وهو يتحدث عن دول الخليج وشعوبها بشكل عام والسعودية بشكل خاص إمعانا في الإستفزاز وكأنه بذلك يريد أن يوحي لنا بأنه يتحدث بلسان " الشيعة " على اعتبار أنه يرتدي العمامة السوداء . سؤال واحد ، لم يسأله المذيع وكنت أتمنى سماعه . إذا كانت السعودية ودول الخليج تجهز ( الإرهابيين ) كالقاعدة وغيرها للقتال في العراق ، فلماذا لايقوم " جيش المختار " لصاحبه واثق البطاط بمحاربتهم على أرض العراق ..؟ وماذا فعل من أجل ذلك وأتباعه يقدرون بعشرات الآلاف كما يقول ..!؟ وثمة نقطة أخرى جديرة بالإلتفات اليها .. تلك هي إستهزائه بمذكرة إلقاء القبض عليه والتي يفترض أنها صادرة من حكومة العراق وسلطتها القضائية .. هل المقصود أن الحكومة العراقية لاتستطيع تنفيذ المذكرة ، أم أن المقصود هو أن المذكرة أصلا عبارة عن كذبة كبيرة وذر للرماد في العيون شأنها شأن مذكرات أخرى ممائلة وكثيرة لم يتم تنفيذها ..!!؟؟ مهما يكن الأمر ، فإن على نوري المالكي الآن الإجابة على كل هذه التساؤلات علما أننا لم نسمع ولحد كتابة هذا المقال أي تصريح رسمي عراقي وبأي مستوى للتعليق على ماحدث وما صرح به البطاط أمام الملايين من المشاهدين العراقيين والعرب .. وأول إجابات المالكي وأهمها هو حدوث عدوان مسلح من العراق على الأراضي السعودية حتى لو كان على يد ميليشيات أو على يد مجنون كما قد نسمع لاحقا من التبريرات .. لأن العدوان هو عدوان ويحتمل جانبين .. إما أنه بتدبير حكومي نتيجة أوامر ممن ترتبط بهم الحكومة وهذا قد يقود الى إشكالات سياسية ودبلوماسية أو حتى عسكرية . أو لو راوغ المالكي كعادته وأعتبر ذلك تصرف فردي فمعنى ذلك أنه قد حكم وعلى رؤوس الأشهاد بأنه لاوجود لسلطة حكومية حقيقية في العراق ومن المضحك حقا هنا أن حزبها الحاكم يسمي نفسه دولة القانون (!!) وأن هذه السلطة تعجز عن تنفيذ مذكرة إلقاء قبض قضائية على شخص موجود داخل العراق أو السيطرة على أنشطة ميليشيات وعصابات أو حماية ومراقبة حدودها الجغرافية .. وكل ذلك يفقدها شرعية وجودها كحكومة . فهل أراد البطاط أو مراجعه وأساتذته ذلك ..؟ وهل إذا إستمر صمت الحملان من الجانبين .. فهل أن ذلك يعني أمرا مدبرا ..؟ lalhamdani@rocketmail.com