تجمهر عدد كبير أمام بوابة الطب العدلي في بغداد كل يسأل عن ولده والبعض عن ولدين أو ثلاث من أبنائه . عموما كل الإجابات تشير إلى أن المطلوبين لا وجود لهم إلا في دائرة النفوس وبطاقة الحصة التموينية وحسرة عند الأهل . أم محمد الفهداوي تقول :ــ أنا لا أفهم هذا الكلام , أريد ابنائي الثلاث محمد ومحمود ومازن . أولادي جاؤا إلى بغداد للتسوق من سوق الشورجة ثم اختفوا ثلاثتهم. بعد البحث وتقديم البلاغ للجهات الرسمية والشرطة وصلنا تقرير يشير إلى أن أولادي الثلاثة موقوفون لدى دائرة الجنايات الكبرى في الجادرية للتحقيق معهم ضمن مجموعة من المشتبه بهم . وبالفعل بعد الاستفسار تأكد وجودهم بدائرة الجنايات الكبرى, وجاري التحقيق معهم . لكن بعد فترة اختفوا ثلاثتهم من دون أي خبر ولا أحد يعرف عنهم شيئ . حتى أن دائرة الجنايات الكبرى أنكرت وجودهم تماما. بعد مرور أكثر من شهر ونصف أتصل بنا والد أحد المخطوفين أو المختفين أو المعذبين بالسجون قائلا :ـ وأنا أبحث بين الجثث عن ولدي رأيت جثتي مازن ومحمود في أحدى ثلاجات الطب العدلي , وكان مصرا على ذلك . أنكرت دائرة الجنايات الكبرى وجودهم تماما , وادعت أن لا علم لها بهم. الطب العدلي رفض إعطائنا أية معلومات عن أبنائي حالي حال معظم هؤلاء المتجمهرين هنا. وأضافت :ـ لا نريد شيئا , نعلم أن أبنائنا هنا, لا نريد سوى جثث ضحايا المالكي لدفنها ووضع شواهد فوق القبور تشير إليهم. ثم تحدثت عن رجل كان معها :ـ كان معنا رجلا أعتقل لواء المثنى ولده الطالب في كلية الهندسة ولم يسمع عنه شيئا, بحث في كل السجون والمعتقلات, الجواب لا يوجد لدينا معتقل بهذا الأسم.وكالعادة شوهدت جثته في احدى ثلاجات. فقال والد المعتقل :ـ لن أبرح مكاني مادام أبني يسكن هنا. وصار يصرخ :ـ أريد ولدي ياعالم. لا أريد أي شيئا غيره . أريد أن يكون له قبرا كباقي البشر. هل تعرفين ماذا فعلوا له, جاء حراس ( لصوص ) دائرة الطب العدلي وسحلوه بعد أن انهالوا عليه بالضرب وأدخلوه في البناية ولم يخرج منها. أين تختفي الجثث ؟؟أين ذهبوا بهذا الشيخ المسكين ؟؟مَن المسئول عن هذه الجرائم ؟؟ تقرير خطير ومهم جدا يشير إلى أن العراق أو عراق ما بعد التحرير أو عراق الديمقراطية الإمبريالية الصفوية, من أولى الدول المصدرة لجثث أبنائها وبيعهم في الأسواق العالمية للبحوث والدراسة وكليات ومعاهد الطب. ولما لا وأن العراق دولة متعدد الاحتلالات يتخبط بين الضياع الاقتصادي والسياسي وصراعات الفتن والانقسامات العرقية والطائفية التي نمت حتى صارت مقبرة عملاقة للعراقيين اطفالا ونساء ورجالا. الكتابة في هذا الموضوع خطير جدا وتفتقد للوثائق والأوراق الثبوتية من الدوائر الرسمية المعنية بالأمر, لأن مثل هذه الجرائم تدار بواسطة مافيات كبيرة, قياداتها كبار المسئولين في دولة ضائعة بين جشع الحكومة وطائفيتها المقيتة. فبعد آخر تقرير وتوثيق لانتهاكات حقوق الانسان الذي جمع عن طريق اهالي الضحايا ومن يمسهم هذا الشأن , صدرت وثيقة ( 2007 ــ 2008 ) تشير إلى أن عدد الضحايا فاق 2,5 مليون ضحية بينما تشكك في مصداقيته الوثائق الصادرة من قبل المنظمات النسوية التي حصرتها من دوائر الرواتب والمخصصات الشهرية للرعاية الاجتماعية التي تؤكد بوجود أكثر من 3 مليون امرأة أرملة فقدن أزواجهن من عام 2003 ولغاية التاريخ المذكور, وهذا دليل على أن الفرد العراقي هو كائن لا وجود أو قيمة له , لا من قبل حكومات الاحتلال أو المنظمات والمؤسسات الدولية. وبنفس التقرير ذكرت المصادر ومعظمها وثقت من قبل وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية في العراق بأن هناك أكثر من 850 ألف شخص أو انسان أو كائن بشري مغيب ( غيب تماما ) , واعتبرت هذه الدوائر أن 850 ألف من ضمن المفقودين. هذه الإحصائية حول المفقودين ( 2005 ـ 2007 ) خلال سنتين تقريبا, أين أختفت جثثهم ؟ برر أحد الضباط العاملين في الطب العدلي :ـ (( " هؤلاء المفقودون هم من الفارين من أسرهم وذويهم وأعتقد بأنهم يعيشون خارج العراق متسكعين بين دول الغرب , لأن مافعله النظام السابق من ضغط على الشعب جعل الكثير يهربون من العراق . أما هنا لا في جثث ولا ضحايا " )) . بعد التحري والتحقيق الصعب للغاية مع مَن اقتنع بالتحدث معنا من العاملين في الطب العدلي ومعظمهم عناصر مليشياوية أو فقراء مرعوبين وخائفين مما يحدث أو سيحدث لهم ان كشفوا النقاب عن المستور , لهذا وجدنا صعوبة في التقارير التي نحاول كشف حقائقها المميتة التي عبث بها وأختفت معالمها بدقة وحذر لأنها تدار بواسطة قيادات سياسية وجدت الربح الوفير من دون تعب أو خسارة سوى ألف دينار أي أقل من دولار ثمن رصاصة في الجبين أو القلب وربما بدون خسارة لجيب المسئول الذي يدير مافيات كبيرة داخل المستشفيات لحقن البسطاء وقتلهم ثم أخفاء جثثهم للتصدير .. وفي سؤال لأحد العاملين وبعد رشوة لا بأس بها وعشاء دسم. قال :ــ أين تختفي ( ليش هي "يقصد الجثة" عندها جناحات ) . الموضوع كله يتعلق بالثلاجات الموجودة داخل الطب العدلي ومعظمها عاطلة أو بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر لأنهم أي بعض الحراس المسئولين عن المولدات الكهربائية يقومون ببيع التيار الكهرباء للمنازل المجاورة قاطعين التيار عن الثلاجات لهذا تتحلل الجثث وتتفسخ . فتقوم إدارة الطب العدلي بالتخلص منها عن طريق متعهدين يعملون لوجه الله بأخذ الجثث ودفنها في مقابر كربلاء والنجف. ـــ وماذا سيكتب فوق شاهد القبر ؟يجيب :ـ ـاعتقد أرقام , يضعون لهم أرقاما. ــ هل تقوم إدارة دائرة الطب العدلي بالتفتيش لمعرفة هل وأين ستدفن الجثث ؟؟ وهل سيقوم المتعهد بالطقوس الواجب عملها للميت قبل دفنه؟ وهل سيدفن حسب أصول الشريعة ؟؟يضحك باستهزاء :ـ ( مو زين خلوهم بحفرة, الله يعلم حتى الحفرة مراح ننحط بيها ) . باختصار أنه مندهش من سؤالي لأن المتعهد الذي تكفل بدفنهم يقوم بعمل تطوعي والحمد لله أنهم وجدوا لهم قبورا, وأنه يحسدهم على القبر. ومع سؤال عاملا آخر يعمل في هذه الدائرة وبعد مناقصات ومزايدات أخذ 200 دولار ووجبة عشاء دسمة مقابل معلومات مهمة جدا وخطيرة على أن لا يذكر أسمه أو أسم زميله في التقرير. يقول :ــ معظم الجثث لمغدورين مجهولي الهوية لا يهم أن سأل عنهم أم لا , المهم جثث قابلة للتصدير . نحن هنا نجهز الجثث التي يؤتى بها مباشرة للطب العدلي , فنقوم بحقنها بمادة ( الفورمالين ) التي تحفظ الجثث من التفسخ والتحلل ثم نقوم بوضع علامة فسفورية فوق جبين الجثة للتعرف عليها أثناء تسليمها للمتعهد. هناك تبدأ عملية الفرز فتفرز الجثث المحنطة وتكون عادة جثث جديدة وجيدة ويدفن الباقي اما بقبر جماعي أو كل جثة على حده حسب ضمير المتعهد. ــ أنت ما هو عملك تحديدا وكيف تختار الجثث ؟فزع صارخا :ـ ( تريدين تبليني عمي أني متفرج بس اذا يعرفون أني خبرتك سيحنطوني ) . فزع لأنه لا يريد أن يعلم أحدا بتورطه في عملية سرقة الجثث أو بالأحرى اختطاف وقتل العراقيين الأبرياء.قلت له محاولة تهدئته :ـ عفوا لا أقصدك بالتحديد , أقصدهم . قال :ــ حسنا إذا كان هكذا . سأجيب بكل ممنونية. معظم الجثث المختارة تأتي من المشافي , إما أنها بلا هوية أو أن أهل المتوفي من الفقراء يتركون موتاهم ويهربوا لأنهم غير قادرين على دفع مستحقات الدفن وغيره. أو بكتاب رسمي من قبل إدارة المشفى يطالب بتشريح الجثة ومعرفة اسباب الوفاة , ومعظم هذه الجثث قد أشرت بعلامة التصدير . والبعض تختار من هنا أي الطب العدلي لجثث غير متضررة وجديدة ؟ ــ كيف من هنا ؟قال :ــ من الطب العدلي أي الجثث التي تأتي من قبل المعتقلات والسجون. ( وحقيقة الأمر أن المليشيات الحارسة لهذه الدائرة تختطف الشباب وتحديدا من أهل السنة وتقوم بقتلهم داخل البناية . ومن الجدير بالذكر أن أهالي الضحايا السنة لن يأتوا لتسليم الجثة خوفا من قتلهم , فتوكل عملية استلام الجثة لأشخاص من الطائفة الشيعية ) . ــ ماذا تعني بـــــ ( قد أُشرت بعلامة التصدير ) ؟أجاب :ـ نضع فوق جبين المتوفي علامة تعني بأننا عملنا اللازم لهذه الجثة. ـــ برأيك لمَن تباع وبأي سعر ؟:ــــ لا أعرف . لأكن أستطيع أن أخبرك بما سمعت. إن المتعهد الذي يأخذ الجثث لدفنها هو مَن يتفق على بيعها وبالدولار. ـــــ لمَن يبيعها وبكم ؟:ــــ أعرف أن قيمة الجثة الجيدة 10 ألف دولار. معظم الجثث تباع إلى متعهد ايراني وآخر أردني , وهم يتكفلون بالباقي. ــ هل تستطيع أن تخبرني بعدد الجثث ولو تقريبي ؟:ــ يوه كثيرا جدا لا يحصى. * * * قبل عام 2003 أي قبل احتلال العراق وتدميره تدميرا كاملا , لم يكن للجثث المجهولة الهوية وجود, لأن للإنسان وجودا وتاريخا وهوية وشخصية لها قيمتها البشرية والدينية والوطنية والعروبية. اما اليوم لا وجود لهذه القيم اطلاقا بل لا وجود للكيان البشري الذي أصبح عملة يباع ويشترى , ترتفع قيمته وتنخفض حسب طريقة تجريده من هذه الهبة السماوية التي تكنى نفسا. قد يكون التقرير بسيطا وبحاجة لمصداقية أكبر وإلى وثائق تحمل أختاما وتواقيع رسمية, لما فيه من معلومات خطيرة للغاية تمس أمن وأستقرار المواطن العراقي , وتخص بالذات حقوقه الإنسانية , وحقه في العيش والموت كباقي البشر. لكن المافيات العراقية التي استفحل أمرها حتى أصبحت قدر العراق , لن تدع فرصة لأي بحث دون اجهاضه وقتل من يقوم به. المسألة تتعلق بحكومات الاحتلال تحديدا حكومة المالكي التي استشرى فيها الفساد حتى وصل أجساد البشر والتجارة بهم. المسئول الأول الغزو الامريكي الإمبريالي للعراق , هذا ما تشير اليه أصابع الأتهام لكن الحقيقة تجعل المسئولية متعددة, بداية بغدر الأنظمة العربية والإسلامية العميلة التي قدمت العراق ضحية لأمريكا من أجل إبقائها في السلطة , وتنتهي عند المليشيات الصفوية الإيرانية القذرة. اما حكومات الاحتلال وأخص بالذكر حكومة الفارسي نوري المالكي المسئولة عن كل ما يحدث وحدث وسيحدث للعراق, والتي تشارك في هذا المنولوج اللا إنساني بواسطة شركاتها وعصاباتها ومجرميها من أجل سرقة مقدرات الشعب العراقي وثرواته وأرواح ابنائه وأجسادهم, هذا ما جعل العراق يتصدر رأس قائمة الدول المتاجرة بأجساد ودماء ابنائها. نحن لا نطالب أي جهة بشيء, لا هيئة الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا محكمة العدل الدولية ولا المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ولا الجامعة العربية ولا حكومة الفارسي المالكي ولا امريكا ولا إيران , لأننا ندرك أن الماسونية العالمية التي تدير جميع هذه المؤسسات والحكومات, هي من وضع أسس اللعبة وأمسك بخيوطها. لذا نقول الحق لا يوهب ونحن اصحاب حق نأخذ حقوقنا بأيدينا , بسلاحنا , إنه ثأرنا ودمائنا ووطننا إن لم نكن كفوئين بتحريره والأخذ بثأره فلا خير فينا. وللتقرير تتمة حول اختفاء العراقيين ومايدور في المشافي من جرائم وسرقة أعضاء البشر وكيف تصدر إلى دول الجوار ..