اللاهثون وراء العملية السياسية التي فرضها المحتل مسوغين لأنفسهم ولسواهم ذلك بأن فيها خلاص العراق، إنما يلهثون وراء دناءاتهم وأطماعهم الصغيرة .. هؤلاء متهافتون يطلبون صيداً رخيصاً مضحين بسيد البلدان ولن يصحوا من سكرتهم بمطامعهم الصغيرة إلا عندما يتبرأ منهم الولد ويلعنهم التاريخ فيدركون أنهم اشتروا الضلالة بالهدى. ومن هؤلاء من كان يوماً يزايد عليك بحب الوطن وتمتلئ جيوبه بالمكرمات، ويختال عليك عجباً وتكبراً أنه قريب من مراكز القرار في النظام الوطني الذي قارع الاحتلال، فما أن أصابت الوطن محنة حتى عاد متحصناً بطائفيته وانتماءاته الدنيا، ولكن كم عدد هؤلاء في بحر الوطنيين الشرفاء؟ إنه عدد حقير ضئيل لا يملك إلا الجعجعة التي يصدع بها الرؤوس. والمضحك أن بعض هؤلاء يحاول إقناعي أن شعبنا طائفي وأن الطائفية متجذرة فيه، أو أن هذا الشعب تغير في بحر سنوات الاحتلال وأن لا دواء لحالته وأنه رضخ للمحتلين ووكلائهم وأن عصر الوطنية انتهى، وأن من مازال يؤمن بالعراق الواحد المتماسك عليه أن يعيد النظر لئلا يفوته القطار وينتهي منبوذاً يعيره الناس بتخلفه عن الركب. أقول لهؤلاء إن قطار العراق لن يفوت أحداً من أبنائه، أما قطار المصالح الآنية الرخيصة فإنه سيفوتهم بالتأكيد ولكنهم سيربحون الوطن وتخسرونه أنتم، وسيربحون تمجيد التاريخ وتحصدون أنتم لعناته، وسيربحون الشعب وتتلقون أنتم ركلاته التي تلقيكم في مزابل التاريخ. كم أمقت هؤلاء الذين ينطبق عليهم قول ابن عباس رضي الله عنه: الحدث حدثان، حدث من فيك وحدث من فرجك. فليتمسك بعرى الوطن الشرفاء فنصر العراق آت قريباً .. خرج المهدي وعلي بن سليمان ، يوماً، إلى الصّيد، فرمى المهدي غزالاً فأصابه ، أمّا عليّ فأخطأ حينما رمى فأصاب سهمه كلباً من كلاب الصّيد ، فأنشأ أبو دلامة يقول : قد رمى المهدي ظبياً شك بالسهم في فؤادهوعلي بن سليمــــــــان رمى كلباً فصــــادهفهنيئاً لهمـــــــــــا كلّ امرئ يأكــــــل زاده وإنما حال العراقيين الشرفاء مع هؤلاء الذين عافوا الوطن وركضوا وراء دناءاتهم تنطبق عليها هذه القصة ، ومثلما ضحك المهدي عندما سمع هذه الأبيات من الشعر حتى استلقى على قفاه، كما تقول الرواية ، سيضحك العراقيون الأصلاء على خيبات هؤلاء بمجرد أن تشرق شمس العراق، وهي ستشرق قريباً ، فليس لليل أن يطول أكثر مما طال ليل الاحتلال ووكلائه.