المعروف بأن الحياة بكل ما فيها، إيجابا وسلبا، قائمة على معادلة الحقوق .. يعيش الإنسان حياة إيجابية أقرب إلى الاستقرار والكرامة حين يحصل على حقوقه، ويعيش حياة القلق والتعب والذل حين لا يحصل عليها .. حقوق الإنسان ليست فقط قائمة الحقوق التي بدأت المجتمعات تتحدث عنها في العهد القريب، وإنما هي كل ضرورات الحياة المادية والمعنوية ابتداء من حق الإنسان في طفولته وانتهاء بحقه في نهاية كريمة تليق بإنسانيته عند تقاعده او مماته. لم يتحدث دين من الأديان عن حقوق الإنسان كما تحدث ديننا الإسلامي الحنيف الذي فصل أصولها ومبادئها ووضع أطرها وحث على إعطاء كل ذي حق حقه في كل جانب من جوانب الحياة .. دين عظيم لو اتبع الناس ما فيه كما يجب، ونفذوا تعاليمه بأمانة وإنصاف لما أصبح المجتمع الإسلامي عرضة للنقد من الآخرين ومتهما بالإخلال بحقوق الإنسان، ولما خرجت علينا منظمات حقوق الإنسان بين وقت وآخر لتنبهنا بما للناس من حقوق لم تعط لهم وتجبرهم للتظاهر هنا وهناك كما يحصل اليوم في التظاهرات في اغلب مدن وطننا العربي ومنها العراق .. نحن لم نعرف حقوق الإنسان بمفهومها المدني إلا قريبا، حين سمع بعض الناس عن إنشاء جمعية وهيئة لحقوق الإنسان. أقول بعض الناس لأنه إلى الآن ما زالت توجد نسبة غير قليلة لا تعرف عنهما، ونسبة أخرى تسمع بهما ولكنها لا تدري ماذا تفعلان .. ربما بعض النخب الاجتماعية هي التي تعرف المعلومات التفصيلية عن هاتين الجهتين، وتتابع ما تقومان به، بينما الواجب أن تعرف عنهما كل شرائح المجتمع وطبقاته وفئاته، خصوصا تلك المعرضة أو المهددة بسلب حقوقها أو انتهاكها .. لقد قامت جمعية حقوق الإنسان في العالم ببدء برنامج لإشاعة ثقافة حقوق الإنسان ولكنه لا يزيد على مبادرة ذاتية منها لا تلزم أحدا بالتعاون معها من أجل تطبيقها. والآن جاءت الخطوة الكبيرة الهامة المتمثلة في صدور التوجيه السامي ببدء برنامج شامل متكامل لنشر ثقافة حقوق الإنسان وليست ( ثقافة الفساد التي تحدث عنها السيد ابراهيم الجعفري ) في المجتمعات عبر وسائل وآليات وأساليب تضمن نشر هذه الثقافة الهامة بالشكل الصحيح، وتوجيه هيئة حقوق الإنسان بالاشتراك مع كل جهات العلاقة لتنفيذه. واعتقد جازما ان وزارة حقوق الانسان العراقية ولجنة حقوق الانسان البرلمانية غير مشمولتين بذلك من خلال ملاحظة عدم اهتمامهما لما يعانيه الانسان العراقي من انتهاكات لهذه الحقوق من هذه الجهة او تلك بعد أن استمرت عمليات الإرهاب المتمثلة في الخطف والقتل والتفجير والتهجير بوتيرة تصاعدية، والهدف منها قتل روح المواطنة العراقية وتفتيت وحدة النسيج الاجتماعي، وأصبح الرأي الشائع، بان هذه العمليات الإرهابية لا يمكن تنفيذها دون دعم وغطاء جهات من الأجهزة الحكومية ومن المشتركين في العملية السياسية. وما نتمناه أن تقوم وزارة حقوق الانسان بواجبها على ما يرام بعيدا عن الجهوية والحزبية في التعامل مع حقوق الانسان العراقي وكذلك لجنة حقوق الانسان بالبرلمان الساكتة عن قول الحق ..!!. للعمل على حل المعاناة الاقتصادية ومشكلة الخدمات التي يعاني منها المواطن العراقي من خلال تامين العمل لأفواج العاطلين ومحاربة الفساد والسرقات التي تحصل في جميع ميادين عمل الأجهزة الحكومية والدولة لان هذا السكوت سيتلاشى مع الوقت بعد ان عرف الشعب حقوقه وكيف يضمن الحصول عليها حتى وان كلفه حياته . بعد ان بدأت التظاهرات تعم المدن العراقية مطالبة بحقوق الناس والتي في نهاية الامر سترغم الحكومة والجهات التي تعمدت على تجاهل حقوق الانسان ان تعطيها بالكامل وغير منقوصة لان ارادة الشعب دائما هي الاقوى والاصلح .. من هنا آذ نؤكد على أن تامين الحياة الآمنة للمواطن لا يمكن أن تأتي من خلال الولاءات الحزبية والطائفية، ولا بالتستر على مجرمي القتل اليومي اللذين حولوا العراق إلى منطقة حرة للقتل ، نذكر بأن تحقيق الحياة الآمنة يجب أن يمر عبر احترام حق المواطنة وحقوق المواطن المشروعة وعبر دولة القانون والمؤسسات وليست عبر دولة المليشيات ..