منذ ان ابصرت نور الحياة وترعرعت في ربوع الارض ، وسكنت في حدقات عيون مدن بلدي ( العراق ) لم يقل لي احد انت ( مَنَّ ) . لم يسالني احد كنيتك ( أي ) ولم يستفسر مني احد او يقل لي بيتك ( أين ) ، كنا ومازلنا يجمعنا العراق ( بلدي وبلدك وبلد كل البسطاء والاغنياء بلد الشعراء والعلماء بلد السادة والشيوخ الاجلاء، بلد الفاتنات الحسان والشبان .. بلد التاريخ والحضارة وبابل واشور واور . البصرة مدينتي واهلها الكرام اهلي .. وسوق الشيوخ والشطرة والرفاعي كما في ميسان وواسط والسماوة ، نزور مراقد ائمتنا في كربلاء ونجف و نفترش ارضها وناكل ونلعب على اديمها .. نسافر الى شمالنا الحبيب ويغني فينا ابن الجنوب ويصفق ويرقص الجوبي ابن الغربية ، وناخذ الصور التذكارية عند نواعير حديثة و ناكل رقي سامراء.. لم نعرف سوى الحب ولغة الاصدقاء. نكتب عن تاريخنا ولن نعرف (( حمورابي و نبوخذ نصر )) من أي طائفة كان وهل كان اسد بابل (( سنيا ام شيعيا )) كنا نسعد ونفرح من نشاهد افلام تاريخنا وحضارتنا التي أبهرت الدنيا. نستلهم العبر والمواعظ والحكم من الكوفة وتاريخها ومسجد الامام علي علية السلام ونزداد معرفة من شخصيات البصرة وعلمائها ولها شرف ان تكون أول ولاية في العصر الإسلامي خارج حدود الجزيرة هي{ ولاية البصرة } ونفتخر بالموصل الحدباء ذات القاب الرائعة التي عرفت بها مثل أم الربيعين لاعتدال الطقس بها في الربيع والخريف، والحدباء لاحتداب دجلة لدى مروره بها أو لاحتداب منارة الجامع النوري. احببنا داخل حسن وحضير ابو عزيز وعشقنا معا اغنيات حسين نعمة وفاضل عواد وياس خضر و سعدي البياتي و سهرنا على الحان كوكب حمزه طالب القرغولي ومحمد جواد اموري وفاروق هلال ولم نقل هذا لحنا (( من الطائفة الفلانية )) كانت الحان واغنيات عراقية . يتعالى صراخنا و تهز رقصاتنا مدرجات الملاعب والمقاهي والبيوت حين يحرز فلاح حسن او احمد راضي او يونس محمود هدف ولم يكتب مطلقا ان هذا الهدف كان (( عربيا او مسيحيا او كرديا او يزيديا او سنيا او شيعيا ) كان هدف عراقي افرح العراقيين جميعا من الفاو الى زاخو. من ليس لديه صديق من الجنوب ومن الغربية ومن الشمال .؟ من ليس له صديق من هذه الطائفة وتلك .؟ احمل افكاري القومية وادافع عنا وصديقي له افكاره الماركسية ويدافع عنها.؟ وثالثنا يحمل افكار اسلامية ويدافع عنها .؟ نتحاور بحدود المنطق واخلاقنا و نجلس على مائده واحدة ونتكلم ودعاني صديق شطري رائع مره وجلسنا في احد بيوتات الشطرة الجميلة وحضر جلستنا شاعر كبير في السن شطري اصيل ( قرا لنا قصائده وبضمها قصيدة (( جواز سفر)) تحمل افكار معارضة لتوجهاتنا صراحة اعجبتني وتفاعلت معها . وانتهت سهرتنا على خير ولم نتقاطع او نزعل ولم تكن في حينها مليشيات تحرم علينا السهر والاستمتاع والغناء. لماذا اليوم ننكر بعضنا .؟ لماذا نغتال صدقتنا التي رعاها حب العراق الواحد.؟ لماذا تفرقنا احزاب سياسية ذات مصالح نفعية ؟ كن ما تشاء ، واعتقد ما تريد ، وامن بما تحب ، هذه حقوقك ، ولكن لا تحرض على قتلي وتدمير فحرمة دمك هي شرف لي كما حرمة دمي شرف لك .. لا تسارع باتهاماتك مثلما انا لا اتسرع في اتهامك .. يا صديقي انها لعبة السياسة الحقير تريد ان تفرقنا .. ودمت صديقا لي .