مما لاشك فيه تعتبر فترة الطفولة من اهم المراحل التي يمر الانسان لانها بمثابة الاساس الذي تبنى عليه شخصية الفرد وتحدد الاتجاه الذي يسلكه هذا الفرد مستقبلا، لذلك لا عجب في ان نرى ان الاهتمام بالاطفال في الدول الديمقراطية والمتحضرة يفوق كل الاهتمامات بوصفهم ثروة البلد وقادة غده فينفقون في سبيل تربيتهم وتأهيلهم وتكوينهم وحفظ حقوقهم مليارات الدولارات وسنوات كثيرة من التعب والانهاك الجسدي، عكس عراقنا الديمقراطي الجديد؟!! الغني بنفوطه وملياراته التي تختفي فيه الطفولة فينام اليتامى في الشوارع ويشحذ ابناء الفقراء منهم في الشوارع او يبحثون بين القمامة عن لقمة خبز لم تتلوث بلعاب الكلاب او اقدام القطط. وتشاهد ذلك يوميا وانت تسير في الشوارع والطرقات او الاسواق ( اما بائعي حلويات وسجائر او ماسحي احذية او بائعي ماء او يمدون اياديهم في تقاطعات الطرق يستعطون المارة والسواق ) هؤلاء الاطفال عليهم الاجتهاد والكدح والعمل حتى الاغماء لمساعدة عوائلهم في تدبير لقمة خبز شريفة مضحين بمستقبلهم العلمي محرومين من طفولتهم ولذتها ترى صورا مذهلة مخيفة لاطفال تركوا الدراسة واعتاشوا في الاسواق وعلى اكوام القمامة هذا يبيع اكياس نايلون واخر يدفع عربة حمل انهكته كثيرا واخر يجمع العلب الفارغة ( قواطي ) ليحصل على ما يسد رمق المعيشة بوجوه شاحبة، يمتزج فيها البؤس والشعور بالمسؤولية ليشكلا معاً ملامحاً يعلوها الإرهاق والضنى، يتراكضون ويتسابقون لـ(العتالة)، لعلهم يحصلون على ما يوفرونه لاخوان لهم مرضى او ابا معاق او ايتام وام ارملة غدر بها الزمان... . عند التدقيق في أجسادهم ستجد أكتافهم وأعضادهم قد فقدت ( ليونة الطفولة ) ، مع أن أعمارهم لم تكمل ( 15 ) سنه او اقل. تجدهم يحملون ما لا طاقة لهم به، وتقرأ في ملامحهم "مكابرة" وإنكاراً لمقدمٍ قريب إلى الدنيا، وإعلاناً عن رجولة "مبكرة" ليست في مكانها، ليصنع المشهد الماثل أمامك ( درساً أصيلاً في التضحية ). يملأون الممرات هنا، في سوق عتيقة للخضار ( وسط الشورجه وبغداد الجديدة واسواق اخرى )، أطفال ورثوا الشقاء ( مبكراً )، يعملون في حمل الأكياس والصناديق، لزبائن السوق التي تسمى بصفتها، تارة أمامهم وتارة أخرى خلفهم، يجرّون عربات تعينهم على ( بلوى ) هبطت من طاقة العجز والعوز. لا تعنيهم ثيابهم المتسخة، أو قسوة الطقس! كل ما يعني كل واحد منهم، أن يسبق أنداده إلى زبون جديد، في تنافس لا ينتهي، بحثاً عن خمسة او عشرة الالاف دينار لااكثر الاف الاطفال في العراق "الجديد" بلد النفط وميزانية الميليارات مصدر رزقهم الشارع اين وزارة حقوق الانسان ووزارة العمل والحكومة والبرلمان من حقوق الطفل الذي يعتبر الصك القانوني الدولي الاول، الذي يلزم الدول الاطراف ومنها العراق من ناحية قانونية بدمج السلسلة الكاملة لحقوق الانسان، اي الحقوق المدنية والسياسية، اضافة الى الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتتمثل هذه الحقوق في حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة وفي الحياة الثقافية والاجتماعية. وتتلخص مبادئ الاتفاق الأساسية الأربعة في عدم التمييز، تضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل، والحق في الحياة، والحق في البقاء، والحق في النماء، وحق احترام رأي الطفل. وكل حق من الحقوق التي ينص عليها الاتفاق بوضوح يتلازم بطبيعته مع الكرامة الإنسانية للطفل وتطويره وتنميته المنسجمة معها. ويحمي الاتفاق حقوق الأطفال عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل. وبموافقتها على الالتزام ( بتصديقها على هذا الصك أو الانضمام إليه )، تكون الحكومات الوطنية ألزمت نفسها بحماية وضمان حقوق الأطفال، ووافقت على تحمل مسؤولية هذا الالتزام أمام المجتمع الدولي. ويلزم الاتفاق الدول الأطراف بتطوير وتنفيذ جميع إجراءاتها وسياساتها على ضوء المصالح الفُضلى للطفل فأين وزارتي حقوق الانسان والعمل والشؤون الاجتماعية والبرلمان والحكومة والمنظمات المعنية بحقوق الطفل مما يحصل لاطفال العراق" الجديد".!! سيما وان العراق موقعا على هذه الاتفاقية..! هذا فيض من غيض وما خفي أعظم.! هذا هو العراق بدون مكياج وبدون مساحيق اعلامية، هذا هو العراق وهذا حال طفولة التي يخفيها المطبلون بالشعارات والصور المستوردة، اين انتم يا ايها المسؤولون عن تعاستنا واحزاننا ؟ اين انتم يا من وعدتمونا بالعدل والكرامة من مستقبل اجيانا ..؟؟ ترى متى يكف المنافقين عن المجاملات والمداهنات على حساب فجائعنا ويتجرأون على قول الحقيقة والمطالبة بها، مجرد تمني عسى ان يتحقق ..؟.