انتصر العالم المعاصر للنظام الديمقراطي واستهواه وغلبه على سواه من الأنظمة الاخرى لأسباب موضوعية من أهمها الرغبة للوصول بنظام الحكم والقوى السياسية المتصدية له الى أرقى درجات الشفافية. والشفافية السياسية لا تعني فقط وضوح الرؤية واستتباب العفة شبه المطلقة في تقديم وتنفيذ البرامج الحكومية التي تعلن بصيغة بيانات وبرامج انتخابية بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة الشاملة في البلدان المتقدمة التي تشكلت بناها التحتية والفوقية بشكل جيد اضافة الى الارتقاء ببرامج الخدمات التربوية والصحية والبلدية بما يضمن تحقيق نمو مضطرد في كل مناحي الحياة الصناعية والزراعية والتجارية والإنتاجية في البلدان الاقل نموا وتطورا، أي التي تحتاج الى تأسيس بناها التحتية. ان النظام الديمقراطي الشامل الحقيقي هو الذي يولد بمخاض وطني وقومي عبر التنمية الشاملة في البلدان التي تنتهج انظمة شمولية بحكم مرحلة التطور الموضوعي ,عبر ديمومة العمل الثوري الخلاق واعتماد مبادئ ثورية وطنية وقومية تحررية في مرحلة التأسيس للدولة الحديثة المتقدمة. ذلك لان الديمقراطية جزء من نتاج الشعب في مسار التقدم الحضاري والمدني وإلا فأنها ستكون محض حقنة غريبة توفر الغطاء لنقائضها فالحقن الاجباري يقود الى استغلال السلطة استغلالا قذرا دعيا مزيفا ان لم يسمم الجسد الوطني والقومي الى حد التمزق. لقد كانت الديمقراطية منهجا رائدا في تجربة ثورة 17- 30 تموز 1968 لان أحد أهداف الثورة ومن ثم لاحقا وبعد مخاض البناء والأعمار والدفاع العملاق الاسطوري كانت الاهداف الظاهرة والضمنية هي بناء الانسان. فالديمقراطية لا تتحقق في مجتمع أمي جاهل متخلف لا يعرف حقوقه ولا يقدر واجباته ولا يعي المسؤولية الوطنية والقومية الملقاة على عاتقه بل ولا يعرف حقيقة من ينتخبهم السياسية والأخلاقية كما حصل ويحصل بانتخابات الاحتلال في العراق بعد ام 2003 والتي هي مجرد ضحك على الذقون ومحاولة بائسة لإضفاء وجه ديمقراطي أخرق على العملية السياسية الاحتلالية المجرمة. وهكذا فان بناء الانسان قد أخذ الهوامش الاوسع تحت شعارات تطبيقية يومية للثورة المباركة منها ان الانسان قيمة عليا من قيم الحياة والثورة وانه هو هدف كل التغييرات والانجازات. فالتعليم المتطور المجاني في كل مراحله من المهد الى الشيخوخة مثله مثل توفير الخدمات الصحية والارتقاء بمستوى دخل الفرد ومعيشته كانت كلها غايات مقدسة عند ثورة تموز وقيادتها لأنها تنتج انسان الثورة وترفه الوطن. وكانت ممارسة الحياة الديمقراطية بتدرج علمي مدروس عبر التشكيلات المهنية والنقابية لكل شرائح المجتمع وقطاعاته وانتخابات الهيئات القيادية لهذه الهيئات المهنية والجمعيات والاتحادات والنقابات هي الارض التي فرشتها الثورة ليلعب فيها الانسان العراقي أدواره الوطنية اللائقة بديمقراطية نامية وتنتقل به الى درجات الفهم والإدراك والوعي الحسي والمادي لمفهوم الديمقراطية وأطرها المختلفة كمنهج شامل للحياة وكنظام اداري واقتصادي وسلوكي اجتماعي نفذ بهدؤ وروية ليعبر عن نفسه في انتخابات برلمانية مشهودة لعدة دورات برلمانية للمجلس الوطني العراقي وفي انتخابات المجالس التنفيذية والتشريعية لمنطقة الحكم الذاتي في كردستان العراق ومن ثم في الاستفتاء على رئاسة الجمهورية. وقد صاحب هذه الانجازات عمل دءوب لإنتاج الدستور الدائم للبلاد وقوانين الاحزاب التي واجهت صعوبات ميدانية بحكم الظروف القاهرة التي فرضت على العراق وخاصة الحرب التي شنها نظام خميني المجرم وامتداداتها التي جرت العراق وقيادته الى مواجهة عدوان اخر انطلق من أرض الكويت وما الت اليه الاحداث المعروفة في حرب وحصار دام من عام 1991 وحتى اضطرار أميركا الى التدخل العسكري المباشر لإنهاء الثورة وذبح مسيرتها الاسطورية. تجربة البناء الديمقراطي طبقا لمبادئ وعقيدة البعث القومية التحررية الاشتراكية وباشتراطات الولادة من بطن الواقع وأخلاقيات وارث وتدين مجتمعنا كانت واحدة من انجازات ثورة تموز وكانت ملامحها الاساسية اضافة الى ما قدمنا هي تشكيل الجبهة الوطنية والقومية والاشتراكية وتمثيل كل الاحزاب في الحكومة بمبادرة من قيادة الحزب وإصدار قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان العراق. ان التوقف عند الانجازات الاسطورية لثورة البعث في كل مناحي الحياة في هذه المرحلة من حياة العراق المتسمة بالخطورة غير المسبوقة يعني من بين ما يعنيه التأكيد على ان الثورة البعثية قد كانت انتقاله حضارية رائدة في حياة الامة وان مسيرتها لم تكن ذاتية لحزب أو لشخص بل كانت تغييرا جذريا عضويا وهيكليا في بنى الانسان والاقتصاد ليس بوسع أية قوة في الكون الغاءها أو تغييبها بل ستبقى جزءا لا يتجزأ من مسيرة الحياة الى امام وان الشعب العراقي سيعود ليعلي البناء على ترددات التغني والإعجاب والفخر بما انجزه في مسيرة الثورة 1968-2003. لا احتلال ولا هوس وتهور المرتدين والخونة ممن جاء بهم الاحتلال ليكونوا خدمه وعبيده في تنفيذ برامج التدمير والخراب قادرين على قطع الصلة العضوية الحية بين منجزات زمن البعث وثورته الباسلة وبين العهد القادم الذي سينجزه شعبنا ومقاومته المسلحة البطلة بعد اعادة العراق حرا مستقلا سيدا موحدا بلا طائفية ولا دستور صهيوني فدرالي وكونفدرالي يمزق العراق. لقد حفل خطاب الرفيق القائد عزة ابراهيم بوقفة تاريخية لجوانب مشرقة وضاءة من انجازات الثورة وفرش مساحة مشرقة من مشاريع انمائية في حقول الزراعة والري وفي الصناعة والتربية والتعليم والطرق والاتصالات والمواصلات وفي تدريب الانسان لإنتاج جحافل من العلماء في كل الاختصاصات التي قادت ثورة التنمية والتطور هي وقفة وفاء واستحقاق وهي في ذات الوقت مهماز تأكيد بدلالات مهمة لرسوخ ما تم بناءه وتعميره وامتداد حضوره التاريخي المتواصل في حياة العراقيين وسفر الوطن الحبيب. ان الثورة الحقيقية والجذرية والشاملة هي التي تنتج ما هو عصي على الفناء والتغييب بل يبقى معلما من معالم الحياة لأجيال وقرون تأتي. ان شواخص التغيير الثوري العظيم المنطلق من عقيدة ومبادئ العقيدة البعثية الوطنية والقومية التحررية الوحدوية الاشتراكية هي شواهد ثابتة تفقأ عيون الخونة والعملاء والمرتدين وشذاذ الافاق الذين باعوا العرض والشرف والدين لأمريكا وحلفاءها لتحتل العراق وتنفذ اجنداتها العدوانية المختلفة بقوتها العسكرية وإرهابها وطغيانها على أن يكونوا هم من بين معاول الهدم مقابل استلام سلطة غاشمة تحركها أميركا والكيان الصهيوني وإيران ولن يقدروا لا على ازالتها رغم محاولاتهم العبثية لطمسها وتفريغ اداءها من طاقاته الاصلية العظيمه ولا على تهديمها لأنها صارت حجرا وركنا من أركان الحياة في كل المجالات. ليس بوسعهم هدم السدود حتى لو خربوا بعض طاقاتها وليس بوسعهم تخريب الالاف من كيلومترات الطرق المعبدة في طول العراق وعرضه رغم ان الحواجز الكونكريتية والتكسرات التي احدثتها الة الغزو الثقيلة من دبابات وآليات، قد اضعفت بعض رصانتها وسلبت بعض روعتها. لن يستطيعوا هدم عشرات الجامعات ومراكز البحوث العلمية ولا آلاف المدارس الابتدائية والثانوية والمهنية التي بناها العراقيون في القرى والأرياف والقصبات فضلا عن المدن. لن يستطيعوا تهديم الجسور حتى لو غيروا أسماءها ولن ينالوا شيئا من الاحياء السكنية والعمارات التي بنتها الثورة ووزعتها على المواطنين. وفضلا عن ما ذكره القائد المجاهد من نماذج قليلة لمنجزات الثورة طبقا لظرف الخطاب وضروراته غير ان دعوته المناضلين في فيلق الاعلام وكل العراقيين الى الكتابة عنها وكل في مجال عمله وتخصصه تعد خطوة هامة للإبقاء على حضورها في ذاكرة العراق والعراقيين ولتكون سهاما تمزق صدور الفاشلين من اللصوص والسراق من نخب الارتزاق والمقامرين الذين جاء بهم الاحتلال ولكي تبقى عناصر الهام نؤسس فوقها بعد تحرير العراق وطرد ذيول الاحتلال من الفرس وأذنابهم. نضع هنا ثلاث روابط لدراسات متواضعة أنجزناها قبل سنتين تقريبا في اطار توثيق بعض منجزات الثورة في التربية والتعليم والصحة للاستفادة منها في كتابات معمقة وعلمية في هذه المجالات أو في غيرها. ( 1 ) https://www.thiqar.net/MakalatL/MK-Kadom26-08-09.htm ( 2 ) https://www.thiqar.net/MakalatK/MK-Kadom04-08-09.htm ( 3 ) https://www.thiqar.net/MakalatK/MK-Kadom29-07-09.htm