تتسارع وتيرة التدهور الأمني والسياسي في العراق، بشكل مخيف جدا ينذر بحرب أهلية طائفية طاحنة تهيئ لها دول إقليمية ودولية في مقدمتها أمريكا وإيران، وأحزاب تتحكم في الوضع ألامني بميليشياتها الطائفية الموالية لإيران ، والمشهد الأمني المنهار هو جزء من انهيار اكبر في المشهد السياسي والأمني العربي كله،ما يحدث في سوريا ومصر وليبيا وتونس مثالا ،ولكن ما يشهده العراق من تفجيرات إجرامية دامية يومية يذهب ضحيتها مئات الأبرياء ،واغتيالات منظمة بكواتم الصوت الإيراني ، وتهجيرات طائفية جماعية ،وخرق امني مفضوح في المنظومة العسكرية والأمنية ( الهروب الجماعي لسجني التاجي وأبو غريب )، وتدخل إيراني علني واسع النطاق في كل المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والدينية ،هو شيء مختلف تماما ،فالعراق يشهد احتلال إيراني واضح ونفوذه وصل الى مديات يصعب تحديدها ،كما يصعب على كل الكتل والأحزاب والشخصيات والمرجعيات إيقافه عنده حده ، ( انكفاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العمل السياسي بسبب ضغوطات دينية لم يسمها وإحباط من إصلاح الحكومة كما أعلن في بيانه )، ماذا يعني هذا ألا يعني أن مقتدى الصدر لم يستطع مواجهة التدخل الإيراني في العراق ،وهو يرى بأم عينه ،ما تفعله ميليشياتها من قتل وتهجير واغتيال ورفع صور خميني وخامنئي في شوارع العراق وغيرها ،لذلك أعلن ( اعتزاله العمل السياسي )، وكذلك عجز حكومة المالكي والمجلس الإسلامي وغيرهم من مواجهة النفوذ الإيراني ،وبوضوح شديد نقول أن من يحكم العراق كما أعلن أكثر من نائب عراقي ومسئول عراقي في الحكومة هو ( قاسم سليماني ) ،من داخل السفارة الإيرانية في بغداد ،ولذلك لا نستغرب عرض الرئيس الإيراني الجديد روحاني لحكومة المالكي بإرسال 10 الاف من الحرس الثوري لضبط الأمن من الانهيار في العراق ،وأكد هذا لخضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية ،أثناء وجوده في طهران للمشاركة في احتفالية تنصيب روحاني لرئاسة إيران ، سكرتير الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي استعداد إيران حماية ( الحكم في بغداد وان بلاده جاهزة لحماية الأمن في العراق ) ،ماذا بقي إذن لإيران غير إعلان احتلالها للعراق بشكل رسمي وعلني وإرساله كتاب الى الأمم المتحدة تعلن فيها احتلالها للعراق وهي من يقرر مصيره ،هذا الأمر أصبح أمرا واقعا على كل العراقيين من كان في العملية السياسية ومن يعارضها ،ولكن ،لنعد الى مخطط كشفته ادارة اوباما وبالتحديد (cia) قبل شهرين ،توضح فيه تممد الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان والخليج العربي لغرض احتلاله وفرض الهلال الشيعي ألصفوي وضمان بقاء نظام بشار الأسد الدموي . وما انتشار الحرس الثوري الآن على الحدود العراقية السورية وبإعداد هائلة ،وكذلك تحشده في الجزر العربية المحتلة المقابلة لدول الخليج العربي وبكثافة كبيرة لافتة ،مع إعلان ادارة اوباما غلق سفاراتها في الدول التي تشهد وضعا امنيا هشا كالعراق ومصر وغيرها ،إذن مع أجواء هذا التوتر الأمني الكبير المحدق في المنطقة،والذي ينذر بكل تأكيد ( حدوث أمر جلل في المنطقة )، تشارك فيه الدول الكبرى ،وقد تكون بداية وشرارة الحرب العالمية الثالثة التي أعلن عنها هنري كيسنجر قبل عام من الآن ،المؤشرات تتحدث كلها عن ضربة إسرائيلية لأهداف منتخبة نووية في إيران لتكون تلك الشرارة الى الحرب العالمية ،ومن تلك المؤشرات إفراغ الأراضي السورية من أي تواجد روسي عسكري وغير عسكري على أراضيها ،وتزامن مع إغلاق السفارات الأمريكية،وتحشيد القوات الإيرانية على الحدود مع الخليج والعراق وسوريا ،وفرض حالة الطوارئ القصوى في العراق ،مع استعدادات إيرانية غير مسبوقة سرية لقواتها في الداخل وخلاياها في الخارج وتحديدا في الخليج العربي،وإغلاق الأجواء وتهيئة الرأي العام العالمي أن القاعدة وراء هذه التهديدات أمر مفتعل لسبب بسيط جدا هو ( هل تستحق القاعدة كل هذا التحشيد العسكري والإعلامي المهدد لا من العالم كله ) ويقلق أمريكا والدول الغربية وغيرها ،أنا لا اعتقد هذا أبدا لان القاعدة شبح تقاتله أمريكا فمن أين لها كل هذه القوة والانتشار لمواجهة العالم وإقلاقه بهذا الشكل ،الأمر ابعد من هذا بكثير ،والسيناريو الأمريكي في المنطقة أكثر وضوحا ولا يحتاج الى جهد في التفسير ، باختصار شديد نحن اقصد المنطقة كلها ذاهبون الى حرب لا نعرف مدى وكيف نهايتها ،ولكن نعلم جيدا أنها ستدمر المنطقة بأكملها قبل أن تبلغ أهدافها الحقيقية في تفكيكها وتفتيتها الى طوائف ودويلاتها ومشتقاتها على الأسس العرقية والطائفية والاثنية ،كما يريدها برنارد لويس تماما في مشروعه الجهنمي تفتيت المنطقة وإقامة الشرق الأوسط الكبير. فالعراق الآن محتل إيرانيا ،ويعمل حكام طهران على شرعنة هذا الاحتلال من خلال الاتفاق مع حكومة المالكي والأحزاب الموالية لها ،عن طريق إيجاد موطئ قدم للحرس الثوري بحجة الحفاظ على الحكم وتثبيت الأمن بشكل رسمي في العراق، وبعدها يعلن الاحتلال للعالم ، هكذا تشرعن إيران احتلالها للعراق ........