أرثيك مبدعاً بغدادياً عراقياً عربياً يا عبدالستار ناصر.. أعترف لك أن رحيلك عنا خسارة .. قد تكون اختلفت معي واختلفت معك، في موقف هنا وموقف هناك سياسياً كان أم فكرياً ولكني أعترف أنك كنت نبيلاً محباً ولم تكن تريد في اختلافاتك مع الجميع إلا وجه العراق. التقينا في صحف العراق التي عملتُ فيها وكنتَ تنشر فيها، وفي سنوات غربتك التقينا مرتين، مرة في مقهى السنترال في عمان، والأخرى في مقهى الحجاز في دمشق، ولكن أكثر اللقاءات كانت في مقهى حسن عجمي في بغداد.. أنت قضيت قرابة نصف حياتك في المقاهي، وقد يكون ذلك سر إبداعك، أن تبحث عن أبطال سردك في المقاهي، وفي جميع لقاءاتنا كنت تفرح كطفل ونستذكر أيام بغداد ولياليها فتدمع عيناك .. كم تحب بغداد؟ أيها البغدادي الراحل في ديار الشتات والغربة، أنا لا أشك أبداً أن تكون آخر صورة التمعت في ذهنك وأنت في الرمق الأخير هي صورة درابين الطاطران والحيدرخانة ومقاهي بغداد في عزها وقبل أن يغزوها الجراد المصنع في معامل أمريكا والغرب وإيران. لا أشك لحظة أنك كنت في لحظاتك الأخيرة .. لحظات الوداع تتمنى لو أن تراب بغداد احتضنك وأظلتك نخلة باسقة من نخيلها في مقبرة يمر قربها دجلة، ولكنه القدر يا صديقي، الذي أتمنى أن يكون رحيماً بنا فنموت في بغداد المحررة، التي لا يساورنا شك أنها ستحرر قريباً. ( لا تسرق الورد رجاءً )، و ( الحب رمياً بالرصاص )، و ( نساء من مطر )، و ( أوراق امرأة عاشقة )، و ( أوراق رجل عاشق )، و ( أوراق رجل مات حياً )، و ( بقية ليل )، و ( الهجرة نحو الأمس )، و ( سوق الوراقين )، و( مقهى الشاهبندر )، و( أبو الريش )، و( الشماعية )، وسواها و50 كتاباً في الرواية والقصة والنقد، ستبقى تذكرنا بك إذا خانتنا الذاكرة يوماً، فقد عرفت كيف تكون إرثاً بغدادياً عراقياً عربياً. نم قرير العين يا صديقي فبغداد التي ستكسر أغلالها قريباً ستحتفي بك ابناً باراً من أبنائها ورمزاً متلألئاً من رموزها، واسماً لامعاً من أسماء عشاقها المعاميد. وداعاً يا عبد الستار ناصر .. وداعاً أيها الطفل الذي لم يبلغ الحلم حتى مات وارتحل