كنت أظن، وبعض الظن خطأ، ان الجواسيس، وقد فقدوا شرفهم حينما ارتضوا ان ينحنوا امام كل من يدفع ثمن امتطاء ظهورهم، كنت أظن انهم بلا غيرة، أقصد بلا نخوة، ولكن اتضح لي أنني كنت على خطأ! فللجواسيس نخوتهم وغيرتهم على بني جلدتهم، من فاقدي الشرف والمروءة وقليلي الحياء، فهم جميعاً أعضاء في نادي الخسة والرذيلة. قبل أيام ظهر في فضائية "الشرقية" الجاسوس واللص الدولي المحترف، احمد الجلبي، أبو تمارا، الذي لم يبق لديه شيء لم يبعه، في مقابلة حاول فيها الدفاع عن نفسه واجترَّ فيها الدعاية التقليدية السمجة ضد الحكم الوطني، ومن ذلك محاولته المثيرة للسخرية لتسويق بضاعة رفيق دربه الجاسوس المرتزق نبيل مغربي البائرة، ومدافعاً عن فبركات زميله في نادي الجواسيس، ضد الحكم الوطني في العراق وقادته، وذلك بعد أن رمى أسياد مغربي في المخابرات الفرنسية والأميركية جاسوسهم على قارعة الطريق، حينما استنفدوا أغراضهم الوضيعة منه. انظر هنا رجاءً. ويبدو ان ثمة قواسم مشتركة كثيرة بين الجاسوسين. فالجلبي سلمته الموساد الى المخابرات الأميركية. وقام، وهو يتربع مدللاً في أحضانها، بدور كبير في التحضيرات للحرب الاستعمارية الاميركية على العراق من خلال التنسيق بين مخابرات أميركا وايران وعملاء الطرفين في ما كان يسمى بالمعارضة العراقية. أما مغربي فقد قدَّمته مخابرات زين العابدين بن علي بعد ان خدمها في التجسس على التونسيين المعارضين في فرنسا الى سادتها في المخابرات الفرنسية، وهذه قدمته الى زميلتها الأميركية. العميل المجرم أحمد الجلبي صحبة ضباط أميركيين وآخرين من الحرس الثوري الإيراني عشية احتلال العراق لكن دور الجلبي كان على ما يبدو أكثر أهمية بالنسبة الأميركيين لأنه جمعهم تحت سقف واحد في عقد زواج متعة دولي مع الجمهورية الإسلامية (!). ولأنه أكثر شطارة بحكم خبرته بالحساب والأرقام كونه خريج رياضيات وحرامي مصارف متخصص، فقد كان يجلب من طهران تقارير تلفقها له مخابرات الجمهورية (الإسلامية) ضد العراق لتدفع له المخابرات الأميركية 340 ألف دولار شهرياً، عن هذه التقارير التي يعرف الأميركيون أنها ملفقة وعن خدماته التجسسية الأخرى. وليس معروفا كم كان نظام زين العابدين بن علي والفرنسيون يدفعون للجاسوس المرتزق نبيل مغربي. إلا أن ما كشفته المخابرات الأميركية يدلل على انه لم يحظ منها إلا بمبلغ 200 ألف دولار، كمكافأة نهاية خدمة، قبل ان تحيله المخابرات الى حاوية النفايات. لكن خدمات الجلبي الكثيرة للأميركيين لم تشفع له كما هي حال الجواسيس الذين يصدق عليهم التشبيه بورق الكلينكس أو المناديل الورقية، فما أن حقق الأميركيون غايتهم من خدماته الوضيعة وغزوا العراق واحتلوه حتى مسحوا به أحذيتهم، ولا نقول شيئا آخر، ورموه في حاوية القاذورات، فأرسلوا بضعة جنود أميركيين ليقتحموا مكتبه في بغداد ويكسرون أثاثه ويبعثرون أوراقه بتهمة اتصاله بالجهات الإيرانية، وكأنهم لم يكونوا على دراية بعمله الدائب واتصالاته المتواصلة ورحلاته المكوكية لتنسيق أدوارهم ومواقفهم هم وحلفاؤهم في لندن وتل أبيب مع دور وموقف طهران في التحضير للعدوان على العراق، وكأنهم لم يكونوا يدفعون له مبلغا كبيرا على هذه الاتصالات.؟! وكان آخر تعبير عن احتقار أسياده الأميركيين له هي نفي جهات حكومية أميركية مسؤولة لقناة الشرقية ما ردده من أكاذيب زميله الجاسوس نبيل مغربي ضد وزير خارجية العراق في العهد الوطني الدكتور ناجي صبري الحديثي. ويأتي هذا النفي بعد أن أعلن مسؤول دائرة عمليات العراق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية في برنامج حرب العراق على قناة بي بي سي في شهر مايس/ أيار الماضي أن كل ما كان يزودهم به عميلهم نبيل مغربي ضد وزير الخارجية في الحكم الوطني محض فبركات. وقد زادت هذه الجهات الحكومية في تصريحها للقناة فأكدت "إن وزير الخارجية العراقي السابق كان على الدوام خصما للولايات المتحدة، ولم يكن صديقا لها أبدا". هل تكفي هذه اللطمة ايها الجاسوس الرذيل، أم ان خدك مايزال بحاجة للمزيد؟