ما أن مضت بضعة أيام من هروب قائد الفرقة 17 اللواء الركن ناصر أحمد الغنام إلى مصر، حتى تناقلت الأخبار عن هروب مدير الإستخبارات العسكرية الفريق حاتم المكصوصي إلى بلاروسيا. وربما سوف يرتفع عدد القادة العسكرين بالفرار من الخدمة. سواء بسبب أحداث الهجوم الكاسح على السجنين: "أبو غريب" و "التاجي" يوم الأحد الموافق 21-7-2013، وتحرير آلاف الأسرى والمعتقلين من نير الظلم والطغيان؛ أو بسبب ضربات أبطال المقاومة المتلاحقة التي ستطالهم يوم ما. ورغم أن هروب أولئك القادة العسكريين يفضح حقيقة البنية الهيكلية الهزيلة والبعيدة عن معنى العقيدة العسكرية الوطنية التي تقوم على أُسسها جيوش الأوطان حول العالم. إلا أن توقيت هروبهم يكشف أيضاً عن مدى إنحطاط الوضع القيادي. إذ لا يُعقل أن يتم هروب الغنام والمكصوصي، وإن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي غافل عما يجري. سيما وإن الأخير يمتاز بطائفية حادة وعقلية صفوية أظهرها منذ دورته الأولى، وتسلط جبروتي طال بها حتى شركائه بالعملية السياسية. وبما أن المالكي يتعامل فردياً بمنح المناصب العسكرية الرفيعة مع الذين يوالونه شخصياً. لذا فإن نقد قائد القوات البرية الفريق الركن علي زيدان إلى الغنام الذي أعلن إستقالته بجملة واحدة كتبها على صفحاته في الفيسبوك، دون إكتراث بالإلتزام العسكري التقليدي. فليس من المستبعد أن نسمع بهروب علي زيدان في المستقبل القريب. حيث أن العمل على تدويل "مجزرة الحويجة" جارية على قدم وساق، وإن زيدان ومن فوقه عدنان الدليمي، وكيل وزارة الدفاع، ونوري المالكي ضالعون بهذه الإبادة الجماعية. وبالتالي سيكون زيدان كبش فداء لرؤوساءه مستقبلاً. بمعنى آخر، مثلما تفاقمت مجالس التحقيقات ضد ناصر الغنام المتعلقة بالخروقات الفاضحة لحقوق الإنسان. ومنها: إستخدام نفوذه، قتل أبرياء، إغتصاب معتقلات، تقاضي رشاوي. علاوة على ما كشفه نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، إسكندر وتوت يوم الثلاثاء المصادف 23-7-2013 أن هنالك: مجالس تحقيقية على ناصر الغنام "بعضها بفرار العديد من ضباط الجيش في الفرقة 17 التي يقودها، مع شكاوى عديدة مثل إصادر أوامر إعتقال بدون أسباب منطقية". وأضاف: "يوجد مجلس تحقيقي عن سفره إلى خارج العراق من دون موافقات أمنية من وزارة الدفاع". وأشار إلى وجود "تقارير أخرى تحمل الكثير من إشارات الفساد على الغنام وقد تم الإعتراض عليه في مجلس الدفاع الأعلى حين تم طرح ترقيته". وبالتالي ليس مستغرباً أن يكون هروبه قد تم بعلم المالكي لتحاشي إحراجه وإتهامه بالمواافقة على ما كان يقوم به الغنام من إجرام. إن هذه الصورة المتعلقة بالغنام قد تتكرر مع علي غيدان أو أي قائد عسكري أو مسؤول سياسي مرتبط بالمالكي شخصياً. وفي نفس الوقت، وللإنصاف والمحايدة نقول: قد تتكرر كذلك صورة مشعان الجبوري. حيث إسقاط الأوامر القضائية بحق من تمت إدانته رسمياً. فهذه هي سياسة المالكي، فردية وإستبدادية مشينة. وإن تصاعد عدد هروب القادة العسكريين بالقدر الذي تعجل بسقوطه، فإنها تسرع أكثر من إقتراب العملية السياسية البائسة والفاشلة نحو حتمية نهايتها.