الاعلان عن الاقتدار يعبر عن نفسه بفعل ميداني وبغير هكذا تعبير فانه محض ادعاء بارتدادات عكسية مهلكة. فالمالكي رئيس وزراء لحكومة الاحتلال لمدة تقترب من ثمان سنوات ولو كان قويا حقا وناجح في تأسيس المنظومات الأمنية التي أوكل إليه الاحتلال بناءها لاستطاع ببساطة تأمين حياة العراقيين من العمليات الارهابية المتمثلة بتفجير السيارات المفخخة الذي يفتك بحياة آلاف منهم، ويدمر أمن البلاد الى جانب عمليات الاضطراب الأمني الاخرى المتمثلة بالاغتيالات المتواصلة ليل نهار وتهجير المواطنين بسبب الانتماء المذهبي والاعتقالات العشوائية التي تزج بآلاف الابرياء في غياهب السجون بحجة تأمين البلاد من الارهاب، وهو تأمين لم يحصل قط ولن يحصل. ان الحاكم القوي حقا هو الذي يحقق أمن البلاد والعباد كهدف أول لا يعلو عليه هدف ومن بعد ذلك يؤمن مستلزمات الحياة الطبيعية من عمل ومعيشة وخدمات للشعب. المالكي بعيد جدا عن هذه المنجزات بل، ان هناك الكثير مما يشير الى انه هو وحزبه وأعوانه من الائتلاف الصفوي يمارسون لعبة قتل الناس كجزء من لعبة تأمين مسرح البقاء على واجهة السلطة وليس فقط عاجزين عن تأمين حياة الشعب. سياسيا وعلى مستوى التحالفات الفئوية المنضوية تحت خيمة الاحتلال الايراني للعراق فان المالكي يعاني من أزمات قد تودي به هو وشق الدعوة المجوسية الذي يتزعمه بعد أن سحبت من تحت اقدامه البساط حتى من الذين اشتراهم بأثمان غالية. وآخر وأخطر هذه الازمات هو الخلاف بينه وبين الصدريين والطبطبائيين الذي وصفه أحد قادة المجلس الطبطبائي بأنه ( جرح غائر ) ، وأحد مظاهره التراجع الكبير في حصص التزوير في انتخابات مجالس المحافظات الذي حصده المالكي، ومن ثم خسارته لتحالفات تقليدية مع المجلس الطبطبائي الذي استطاع المسك بحبال مقتدى الصدر في تحالف نتج عنه وضع دعوة المالكي في مواضع حرجه بل، مخزية رغم امتلاكها لأدوات التزوير والتأثير المختلفة بحكم استحواذها على ادوات تأثير السلطة الغاشمة. ورغم اننا نعرف الديماغوجية التي تتحلى بها هذه الاطراف وخنوعها للقرار الفارسي فان الاهتزازات التكوينية في بنى الائتلاف الصفوي يجب ان تدرس بعناية سياسيا وإعلاميا قبل اطلاق أي حكم على قوة المالكي خاصة والحركة الصفوية عموما. ان بروز اكثر من تصريح وتلميح من رموز الخيانة في الحكومة والبرلمان الاحتلالي الى الطريقة التي تم بها اختيار المالكي لرئاسة الوزراء من قبل الامريكان تتضمن اقرارات تأتي في زمن شديد الخصوصية، بأن المالكي كان أحسن السيئين المطروحين لتصدر حكومة العمالة والفساد وتعني في ما تعنيه : 1- ان المالكي قد اختير بتوافقات مضنية وهو بالتالي ليس ناتج اختيار ديمقراطي انتخابي، وهذه نقطة ضعف تأكل من داخل ذات المالكي وتدفعه الى مزيد من الاجرام كانعكاس نفسي. 2- ان المالكي هو أحسن خيارات القوة الاحتلالية المركبة وهذا يعني ان أحسن الاشرار قد قاد البلاد الى مزيد من الانفلات الأمني والانهيار الانتاجي في كل قطاعات الحياة والى موت مجاني للشعب في كل مكان وتوسيع مريع لأعمال الارهاب وانتشار سرطانات الفساد المالي والإداري والسياسي التي أدت من بين ما أدت اليه الى هدر مئات المليارات من ثروة البلاد. اذن, المنظومة الاحتلالية كلها في طريق الانهيار التام. 3- رغم اطلاق يد المالكي وحزبه وميليشياته في القتل والاعتقال والتهجير ومنحه صلاحيات احتلالية واسعة لتقوية التشكيلات الأمنية لحكومة الاحتلال، غير ان الفشل يفرض حاله واقعا وليس تحليل أو استنتاج. ان تكرار مشاهد التدمير ممثلة في : أولا": المفخخات التي تعصف بحياة المواطنين وتلغي تماما أي أمن أو أمان، يعني ان المالكي وحكومته في حالة وهن مميت على عكس ما يحاول البعض الايحاء أو التلويح به. ثانيا": ان الاحتواء السلبي وبلع المالكي لأحداث الفساد المالي الذي يأكل ثروة البلاد والعباد يدل بوضوح عن رئاسة وزعامة لا تخرج عن مساحة بناية هيئة التصنيع العسكري التي حوّلها الاحتلال الى مقر لرئاسة الحكومة وتشكيلاتها الاخرى، بل انها عاجزة عن حماية حضورها وهيبتها حتى داخل غرف المقر. ان الاعتماد على المليشيات وإطلاق يدها في التلاعب بمقدرات الناس هو من أحط مظاهر وهن النظام وليس مظهر قوة كما يظن البعض. بل ان منطق السياسة ونظريات الأمن الاجتماعي يؤكدان ان حرية المليشيات تعني سقوط الحاكم تحت رحمتها وانه يدفع أثمان مادية ومعنوية باهضة لهذه المليشيات ويسقط اعتباريا أمام العالم كله. ونحن هنا لا يهمنا المالكي وحزبه وأعوانه قدر ما يهمنا أن نؤشر الفشل والخسارة التي منيت بها الدولة العظمى التي غزت العراق وورطت معها عشرات الدول اذ يتضح انها أضعف من أن تنجز السيطرة الكاملة على بلد وشعب أعزل إلا من ايمانه بالله وبحقوقه. احدى أهم نقاط الضعف القاتل للمالكي وحزبه وأعوانه هو انتماءه العقائدي والعضوي التكويني الى الطائفية. فالطائفية كمنهج سياسي واجتماعي وديني في بلد متعدد الأعراق والأديان والمذاهب هو تهالك وانحدار مؤكد للقوة الروحية والمادية وانزلاق الى الهاوية حتى لو تخيّل المتورط نفسه متوهما انه يتربع فوق قمة وذروة في العلالي. ان عجز المالكي ونظامه الاحتلالي عن تحقيق الأمن وجلوسه على كراسي السلطة الأمنية للثمان سنوات الاخيرة وهو يتفرج على أفواج من جثامين العراقيين تدفن كل يوم تعني ببساطة انه عديم الانسانية والإحساس ومجرد هيكل فارغ تحميه حراب الاحتلال الى حين. والله سبحانه يمهل ولا يهمل.