يحكم على العمل السياسي بعاملين إذا وضعنا السمة الوطنية أو القومية أو حتى الأممية للنظام جانبا وتعاملنا معه كمنظومة حرفية مجردة واجبها انتاج الخدمات ورسم صورة التنمية التي ترنو لها كل شعوب العالم : الأول : كفاءة القوى والأفراد الذين يتصدون له وتوزيع الادوار والواجبات بينهم بطريقة حرفية تستند الى مؤهلات علمية وأكاديمية وإدارية وفنية تضمن نجاح المهام الموكلة لهم. الثاني : النتائج التي تظهرها ميادين الممارسة في كل أوجه العمل الامني والاقتصادي والتربوي والصحي والخدمات المختلفة. المتابع للشأن والمشهد العراقي المعبر عنه بالعملية السياسية التي فرضها الاحتلال وطبقا لاملاءاته وللتوافقات بين قوى المعارضة السابقة التي جندها الاحتلال لتنفيذ مشروعه المطلوب كنتيجة للغزو العسكري و الموزعة مناهجهم على الاركان الطائفية المنسوبة زورا الى التشيّع، ومن ضمنها فرق سياسية وتيارات وقوى ميليشياوية متناحرة ومتناقضة طبقا لمصالح شخصية وعائلية معروفة منضوية تحت قبة الحوزة ومرجعياتها التي يعرف المقربون انها تتناقض الى حد الذبح بالمنشار وأخرى منبوذة بعمائم سوداء وخضراء وبيضاء لا تجد لها مكان في برانيات المراجع المتسيدين للمشهد, أو منسوبة للسنة الذين أقحموا أنفسهم في تنور جهنم تحت ذرائع التوازن ولعبة المكونات التي أنجبها رحم الاحتلال المجرم، وهم أيضا غير متجانسون وسالكين لمسالك ما أنزل بها الاسلام وسنة رسوله الكريم من سلطان وتتوزع الاخرى الثالثة على التشكيلات العرقية المختلفة المعروفة بنزعاتها الانفصالية أو التابعة بذيلية تنسجم مع قصر قامتها وضعف هيكلها حين تصبح حصة منفصلة عن طيف الوطن الشامل. ان المشهد العراقي الذي يبرز الآن بلا رتوش يظهر تهالك العملية السياسية الاحتلالية وفشلها ويؤكد ببساطة متناهية لكل ذي بصر وبصيرة ان المستقبل القريب سيشهد السقوط المدوي لهذه العملية وسيشهد سقوط ادعاءات القوة الفارغة التي يحاول حزب الدعوة المجوسية وقياداته الحاكمة اظهارها عبر لعبة تفتيت الحلفاء والخصوم التي يظن نوري انها تمثل دهاء يحسب له في حين انها قبر يصنعه بيده لعمليتهم الاجرامية برمتها أو عبر منح المليشيات الصفوية هوامش القتل والتهجير الطائفي وعرض العضلات الفارغة واستخدام لغة التهديد البذيئة التي تعبر عن هلع داخلي صارخ من العمل المنظم الذي يهد كيان العملية السياسية ويبعثر منظوماتها ويكسر جماجم اهلها الفارغة. ونحن هنا لا نسقط الدور الذي يعول عليه نوري وحزب الدعوة المجوسية ومعه كل اطراف الائتلاف المتخاصمين او المتوافقين على العلاقة مع ايران واعتمادهم على ايران للبقاء أطول مدة ممكنة على سلطة بمعايير طائفية لا تخدم العراق وشعبه، بل تمزقه اربا اربا ورؤانا تنطلق من ان المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية العراقية الباسلة ستمتلك مقومات انهاء المشروع الايراني في العراق ومن ثم في كل الوطن العربي كما انهت أو قصمت ظهر المشروع الامريكي. وندرك ايضا حقيقة اخرى هي ان تبقى المقاومة وطنية شاملة، بل وان عليها ان تقترب أكثر وأكثر من بعضها البعض لتنفذ من الثقوب السوداء التي تتخلل جسد العملية السياسية وتتيح لها الاختراقات التي توصل الى النصر المبين. ان الثقب الاسود الاعظم في جسد الحكومة والبرلمان والعملية المخابراتية الامريكية الايرانية الصفوية الصهيونية يظهر من خلال اعلام العملية الاحتلالية نفسها. فالنزوع التمثيلي المضحك المبكي الى لعبة الشفافية والركون غير الموضوعي الى دور السلطة الرابعة في اصلاح عملية غير قابلة للإصلاح بل هو في جوهره كمثل اعطاء دواء الطاعون لمعالجة مرض البلهارزيا يؤدي يوميا الى توسيع الثقوب ويفتح ثغرات قاتلة في جسد العملية الاحتلالية بما يكشفه من فشل وفساد في جسدها المتداعي. فإعلام العملية السياسية يقدم للناس نماذج من شخوصها تقف على ميزتين: الاولى : انها عناصر سطحية ساذجة كاذبة منافقة ذات سيرة ذاتية سوداء تشي بالتقلب على كل الجنبات طبقا للمصالح الشخصية والفئوية. هذه العناصر الفاشلة التي تنقصها وبشكل مفجع أدوات المناورة السياسية فتسقط في اتون جحيم اللعب في مفردات ومواقف ومؤشرات تنم عن جهل وبلادة وسذاجة وسطحية مفرطة وهي تناور دون ان تمتلك ادوات المناورة امام شعب ذكي مبني بناءا سياسيا عميقا هي أدوات هلاك مؤكد للعملية السياسية لأن الفاشل الساذج السطحي المصلحي الاناني لا يمكن ان ينتج مستقبلا لبلاد ولا لعباد ولا يمكن ان يلعب ادوارا استراتيجية في حياة البلدان والشعوب. الثانية : تحت نوازع اظهار الشفافية يعلن الاعلام عن الثقوب السوداء في العملية الاحتلالية كالفساد المالي والإداري الذي يهدر أموالا بأرقام خرافية_اسطورية في مجالات يظن القائمون واهمين خاسئين ان الهدر فيها بالاختلاس والسرقة والنهب المنظم سيضيع ولا يذكر في حالة انتاج أي نجاح محتمل. غير ان الفضائح قد تضخمت ولم يعد النجاح, الذي مازال بعيد المنال في الكهرباء وبناء القوات الامنية مثلا, لم يعد يؤمن اخفاء التدمير الاقتصادي والهدر الخرافي الاجرامي لثروات البلد وهو عامل موت حتمي وثقب مدمر في منتج الاحتلال الحكومي والبرلماني. وكيف يبني البعض مواقف جزعهم من ما يظنون انه قوة للحكومة واقتدار لها في مواجهة الشعب؟ ان اطلاق العنان لضباع وكلاب المليشيات في التفجير والقتل والمداهمات والتهجير ليس عامل قوة للحكومة، بل عامل هلاك ويعبر عن فشل بنائي هيكلي فاضح. وعلى اعلام المقاومة أن يتحرك باتجاه فضح الممارسات المليشياوية للمليشيات وللقوات الميليشياوية الحكومية ليس فقط في كونها أذرع تخريب للبلاد، بل وفي كونها نتاج مريض ووهن تركيبي للعملية السياسية يشير الى نهايات كارثية لها. كما ان الاعلان عن الفساد المالي والإداري والسياسي بالطريقة الحاصلة الان هو جيب مهلك وثقب أسود اخر تنفذ منه كل انواع الاشعاعات المهلكة الى جسد مترنح باطل متقيح. وان الاطراف المجاهدة والمقاومة تحمله بيدها برهانا مضافا لاستحقاقات الجهاد والرفض الشعبي التي يجب ان تتصاعد وبقوة عبر التظاهرات السلمية والاعتصامات. ان القيادة السياسية والعسكرية للمقاومة تستطيع بخبرتها المعروفة ان تربط ربطا حيويا عضويا بين تظاهرات واحتجاجات الجنوب في البصرة وذي قار وميسان ضد الخدمات وممارسات الحكومة التي يعلن عنها المتظاهرين بوضوح تام وبلين انتفاضة احرار العراق وشركائهم في المحافظات الثائرة وان يجسروا المسافة بين الحدثين بما يؤجج الصراع الوطني الانساني المقدس ضد الاحتلال ومنتجه المدني المخابراتي والعملاء المجرمين الذين وجدوا في الاحتلال فرصتهم لإخضاع العراق للاحتلال الايراني او الذين خارت قواهم وضاعت عليهم البوصلة فاتجهوا الى الفيدرالية للهرب من استحقاقات الوطن الواحد وضرورات الدفاع عنه من زاخو الى الفاو.