قرائي الأفاضل! من المعروف ان وصايا الله العشر جاءت في كتاب العهد القديـم، وتحديدا في سفر الخروج منه، حيث يروي لنا هذا السفر كيف استلم موسى وصايا الله من يدي الهه، كما كان حمورابي قد استلم شريعته من يدي الهه ايضا. اما هذه الوصايا فلها ذكر في الانجيل، حيث يقول السيد المسيح للشاب الذي جاء يسأله: ماذا افعل لأخلص، فأجابه السيد المسيح قائلا: احفظ الوصايا فتخلص. غير أن السيد المسيح لم يكتف بالتأكيد على وصايا الله كحد ادنى للوصول الى الخلاص والدخول في العهد الجديد، ولكنه اضاف الى هذه الوصايا وصايا أخرى روحية تجعل من تعامل الانسان مع اخيه الانسان تعاملا ارقى وأكثر شفافية وأعمق في انسانيته، حتى انه لا يقبل ان يقول الانسان لأخيه الانسان: يا احمق، وذلك بعد ان اختصر السيد المسيح وصايا الله العشر بوصية واحدة ذات بعدين تقول: احبب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك وقريبك مثل نفسك، موضحا من خلال مثل السامري الصالح ان القريب هو كل انسان حتى وان كان غريبا او عدوا. مكانة وصايا الله في جميع الأديان : ويقينا ان لوصايا الله العشر مكانتها الخاصة والأساسية في الاسلام ايضا، وفي جميع الأديان الأخرى، كونها وصايا وشريعة أخلاقية اساسية تخص كل البشر، ولا تقتصر على دين معين، او انسان دون آخر، حتى وان كانت هذه الوصايا وما يتبعها من فروع قد تحولت الى شريعة وقانون ديني - مدني في الأمم الثيوقراطية. مفهوم القريب في الاسلام : اذا كان السيد المسيح، ومن خلال مثل السامري الصالح، قد وسع مفهوم القريب ليشمل كل انسان، ففي نظرنا ان الاسلام ايضا قد توصل الى هذا التوسع من خلال تبديل مفهوم القريب الى مفهوم الجار. فكلمة جار تقترب كثيرا من مفهوم القريب في المسيحية، اذ عندما يكون المطلوب من المسلم شرعا ان يحب الجار، كل جار، والى سابع جار، فهذا يعني انه عليه ان يحب كل انسان، وذلك لأن الجيرة مبدئيا لا تقتصر على اناس من دين واحد وملة واحدة، كما ان الرقم سبعة ليس مجرد عدد، وإنما هو رقم يدل على الشمولية في الثقافات القديمة. وهكذا, وربما بدلالات اخرى كثيرة، نفهم ان الاسلام ايضا يوصى بالمحبة لكل انسان يكون للمؤمن معه اي نوع من القربى، سواء كانت قربى جيرة مادية ام كانت قربى تعامل انساني اجتماعي ام كانت قربى ايمانية. النتيجة الأخلاقية : æÚáíå íãßääÇ Çä äÓÊäÊÌ Çä ÇíÉ ÇÓÇÁÉ íÓÈÈåÇ ÇáãÄãä ÇáãÓíÍí Çæ ÇáãÄãä ÇáãÓáã áÃÎíå æÞÑíÈå æÌÇÑå ÈÇáãÚäì ÇáÑæÍí æÇáÅäÓÇäí ÇÚáÇå Êßæä ÇÓÇÁÉ ÛíÑ ãÞÈæáÉ ÏíäíÇ æÅäÓÇäíÇ¡ ßãÇ Êßæä ÌÓÇãÉ åÐå ÇáÇÓÇÁÉ ÈÌÓÇãÉ ãÇÏÊåÇ¡ æáÇÓíãÇ ÇÐÇ ßÇäÊ ãÇÏÉ ÇáÇÓÇÁÉ åÐå åí ãÇÏÉ ÇáÞÊá ÇáÊí íãßä Çä ÊÑãÒ Çáì ßá ÇáÎØÇíÇ ÇáÃÎÑì ÇáÊí áåÇ ÕáÉ ÈæÕÇíÇ Çááå ÇáÚÔÑ¡ ÚáãÇ ÈÃä ÇáÞÊá ÇáãíßíÇÝáí ÇáÙÇáã ÇáÐí íÍÕá ÈÓÈÈ ÇáÓíÇÓÉ¡ æÇáÐí ÊÑÇÝÞå ÚÇÏÉ ÃÔßÇá ÇÎÑì ãä ÇáÚÏæÇä ßÇáÓÑÞÉ æÇáäåÈ æÊÏãíÑ ÇáããÊáßÇÊ æÇáßÐÈ æÇáÇÝÊÑÇÁ¡ åæ ÇÈÔÚ ÌãíÚ ÇäæÇÚ ÇáÞÊá ÇáÃÎÑì¡ ãÚ ÊÃßíÏäÇ Úáì Çä ÇáÞÑÈì¡ ÇíÉ ÞÑÈì ßÇäÊ¡ áÇ ÊÚäí ÞÈæá ÓíÆÇÊ ÇáÞÑíÈ (ÇáÃÎ – ÇáÌÇÑ) æÔÑæÑå¡ æÅäãÇ ÊÚäí ÇÚØÇÁå ÍÞå æÚÏã ÇÓÊÈÇÍÉ ÍÞæÞå ÈÍÌÉ ÓæÆå. مقالنا ليس تعليما في وصايا الله العشر : وقد يكون واضحا ان ما نريد ان نصل اليه في هذا المقال ليس تعليما دينيا، كما لا نريد ان نعمل مقارنة دينية بشأن وصايا الله العشر بين كل من اليهودية والمسيحية والإسلام، من اجل التقريب بين الأديان مثلا، لكننا نريد ان نظهر للقارئ الكريم ان وصايا الله العشر ببعديها الديني والوضعي الانساني هي وصايا ملزمة للإنسان الزاما ثقيلا، ثم نبين ان زماننا، قد وصل الى حد غير معقول، من حيث استهتاره بحياة البشر بممارسة القتل وكل الخطايا الأخرى المخالفة لوصايا الله العشر وبكل فروعها، مثل الكذب والافتراء والتهم الباطلة والسرقة بأشكالها المختلفة، سواء كانت سرقة انسان من انسان آخر، او كانت سرقة انسان من دولة او من مؤسسة معينة، او كانت سرقة دولة لخيرات دولة اخرى، كما يحدث في ايامنا، لكي نبين أخيرا ان المحتلين من اقوياء العالم قد دأبوا في سلوكيتهم السياسية على مخالفة كل الوصايا العشر مخالفة فضة وهمجية، تتناقض مع ارادة الله وإرادة الطبيعة الانسانية السليمة. كما نبين جسامة خطيئة كل من شارك بأي شكل من أشكال المشاركة في عدوان اقوياء العالم، حتى لو كان ذلك بالسكوت عن العدوان. وصايا الله العشر والعلمانية : حتى الآن تكلمنا عن وصايا الله العشر في الأديان. غير اننا في هذه الفقرة نتكلم عن هذه الوصايا في حياة العلمانيين والملحدين والوثنيين ايضا. فقد لا يؤمن بعض الناس بوصايا دينية تأتي من الله مباشرة، غير ان وصايا الله العشر لها قيمة انسانية ملزمة للبشر، حتى اذا كانوا ملحدين، بدلالة ان قوانين العقوبات الموجودة في الدول العلمانية والملحدة تحرم القتل والسرقة والكذب وكل اعتداء من انسان على أخيه الانسان، وذلك لأن هذه الوصايا تنبع من تكوين الانسان الأنثروبولوجي ومن طبيعته، اذا كانت هذه الطبيعة طبيعة سليمة غير مشوهة. وهكذا نرى كيف ان وصايا الله العشر ملزمة لكل البشر، سواء آمن الانسان بالخالق ام لم يؤمن، كما ان العمل بوصايا الله العشر هو فضيلة، سواء ارضى المؤمن من خلاله الهه، ام ارضى العلماني والملحد طبيعتهما البشرية. اما مخالفة هذه الوصايا فيجب ان يعدها المؤمن اساءة الى ذاته والى الهه، في حين يجب ان يعدها غير المؤمن اساءة الى طبيعته البشرية نفسها والى تركيبها الأنثروبولوجي. وهكذا يمكن ان يقترب المؤمن والملحد من بعضهمـا، في مسألة وصايا الله العشر وتقييمها، في الحالات الطبيعية الصافية. فتش عن الرأسماليات : في هذه الفقرة سوف نقوم بإهمال الكلام عن القتل الفردي الموجود بين البشر، منذ ان قتل قائين اخاه هابيل، والى يومنا هذا، لكي نركز اهتمامنا على البحث عن الأسباب التي تؤدي الى الحروب وما يرافقها من قتل ودمار ومن كل اشكال العدوان الأخرى، ومنها الكذب والافتراء وسرقة الغالب لأموال المغلوب ونهب ممتلكاته والاعتداء عليه بشتى انواع الاعتداءات. اما محاولتنا ايجاد الأسباب التي تؤدي الى الحروب وما يرافقها من قتل ودمار واعتداء القوي على الضعيف، بالضد من جميع وصايا الله العشر، فإننا نرى، مع آخرين، من خلال نظرة علمية انثروبولوجية بنيوية، وكذلك من خلال تحليل ديالكتيكي، ان السبب الرئيسي لتناحر البشر السياسي، الى جانب اسباب أخرى ثانوية، يعود الى الاقتصاد وما ينتج عنه من تناحر طبقي وتصادم بين التكتلات الرأسمالية، الى الدرجة التي يمكننا فيها ان نقول: فتش عن الاقتصاد، او فتش عن الرأسمالية، كلما كنا امام علاقة صراع بين اقوياء العالم وضعفائه، او امام تناحر بين الفقراء والأغنياء، او كنا امام احتراب وتصادم رأسماليتين عالميتين، بعد ان بات معروفا ان الرأسماليات العالمية لا تعيش الا على ضعف الفقراء وتخاذلهم وفرقتهم وانتهازيتهم، ولاسيما عندما يتحول الفقراء الى عون يسند الرجعية المحلية او العالمية ويمنعها من السقوط، وذلك بالمساعدة على زيادة مساحة المجال الحيوي لهذه الرجعية المتعسفة، سواء كان هذا المجال الحيوي جغرافيا ام سياسيا ام اقتصاديا. نتائج الصراع والتناحر : ربما قد تكون الحرب الباردة بين القوى الكبرى المتناحرة محفزة على الانتاج وعلى المنافسة والنضال، غير ان الحرب الساخنة، بكل صيغها، ولاسيما في ايامنا، ومنذ الحرب العالمية الثانية، ليست سوى خراب لكل الأطراف، حيث يعتمد كل طرف على تدمير الطرف الثاني اقتصاديا وعمرانيا وبشريا. وهكذا يكون القتل هو الوسيلة الدارجة عند الطرفين المتحاربين. ومما يحدث نتيجة اللجوء الى السلاح، هو تكوّن عقلية لدى المتحاربين فيها كثير من البراغماتية وكثير من الميكيافلية وكثير من التجاوزات على قوانين الحرب وعلى حقوق الانسان، ولاسيما تجاوزات على حقوق المدنيين اثناء الحرب. وهكذا لا تحصل تجاوزات على وصايا الله العشر الدينية فقط، وإنما تحصل تجاوزات على حقوق الطبيعة البشرية السليمة، الأمر الذي يمكن اعتباره اسوأ من التجاوزات على حقوق الله الدينية، هذه الحقوق التي لم يعد يحرص عليها، حتى رجال الدين أنفسهم. علما ان البادئ والأقوى هما الأكثر ظلما دائما، ايا كان شكل البدء وشكل القوة المستخدمة للبدء بالحرب، حيث يوصلنا تحليلنا الى القول ان الرأسمالية العالمية، وعلى رأسها الرأسمالية الأمريكية هي المسئولة مسؤولية تامة عن جميع الحروب في ايامنا، ولاسيما فيما يسمى زمن النظام العالمي الجديد، او زمن العولمة. ومع ذلك نستثني من الكلام اعلاه جميع الثورات الطبقية الحضارية، وما يمكن ان تخلقه من صراع مبرر، نأمل دائما ان يكون صراعا يسبب اقل ما يمكن من الدماء. اما الصراع ضد الرأسمالية العالمية فلن يكون نزهة يقوم بها الثوار، الأمر الذي يوجب على هؤلاء الثوار ان يضعوا خير الانسان في مقدمة كل شيء، ولا يقامروا بحياة الناس عبثا وكيفما اتفق. الحالة القصوى : اذا كان الصراع بين الرأسماليات يقود الى تجاوز وصايا الله ووصايا الطبيعة الانسانية السليمة، والى تهديم المجتمع البشري، فان تحويل اقوياء العالم صراعهم ضد ضعفاء العالم وضد فقرائه، كما حصل في حالة الحرب العدوانية على العراق، وعلى دول عربية اخرى، انما هو دليل وحشية المعتدين أقوياء العالم، وهمجية من يرتبط بهم ويتقوى بقوتهم، فضلا عن انه مخالفة فضة لوصايا الله العشر، ببعديها الديني والإنساني، كما انه دليل واضح على جبن ونذالة هؤلاء الأقوياء، وجبن ونذالة من يرتبط بهم، الأمر الذي كنا قد اشرنا اليه في مقال قديم نوعا ما بعنوان: للشرف تاريخ وللنذالة تاريخ آخر. حالة العدوانيين البشرية : وهكذا حولت مقتضيات العدوان غالبية قيادات ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، اي نظام سيادة الرأسمالية المتطرفة، الى وحوش كاسرة تمتلك عقلا كبيرا لكنها لا تمتلك شعورا بالحق والعدل وجمالية السلوك الصحيح. كما يمكن ان نقول عن هذه القيادات انها تحولت الى روبوتات بشرية لا ضمير ولا احساس لها. بمعنى ان هذه القيادات فقدت انسانيتها وحتى آدميتها وأصبحت عبارة عن مسوخ بشرية يخاف منها البشر ولكن لا يحبونها ولا يحترمونها، لأن رائحة جهنم تنبعث من اعمال هؤلاء المسوخ. حال الأعوان : اذا كان اقوياء العالم قد تحولوا الى مسوخ بشرية فماذا يكون حال الأتباع والأعوان يا ترى؟ الجواب ان حال الأعوان لن يكون افضل من حال الأسياد، كما وصفناه اعلاه. غير ان حال الأعوان يزداد رداءة عندما نعلم بأن الأعوان لا يملكون قوة ذاتية تشرفهم ويتفاخرون بها، كما لا يملكون هدفا شريفا يبرر تعاملهم مع المحتلين وقتل مواطنيهم. ولذلك ستبقى وصمة الخيانة تلاحق المتعاملين مع المحتلين، مهما عملوا لإزالة آثار هذه الوصمة، لأن هذه الوصمة منقوشة على كل شيء عزيز دمره المحتلون او دمره المتعاونون معهم. فهل من تدهور وضياع اكثر من هذا؟ الا يجدر بنا ان نوجه لهؤلاء الأتباع كلمة السيد المسيح الذي قال: ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ فنعم ربما ربح العملاء الكبار اشياء مادية كثيرة، لكن ما هذا الربح مقابل خسارة الانسان لذاته وخسارته لإنسانيته، بأقوى معاني هذه العبارات؟ من هم الأعوان : لكي نبدأ بالكلام عن الأعوان نرى ان نقدم للقارئ الكريم العبارة التي تقول: تعددت الأشكال والعمالة واحدة، كما يقال تعددت الأسباب والموت واحد. فالعملاء في العراق هم اولئك الذين اتصلوا بالمعتدين قبل الحرب واتفقوا معهم على العمولة والأجر مقابل الخدمة المطلوبة منهم، وهي خدمة تختلف من عميل الى آخر. والعملاء بمعنى اوسع هم كل الذين جاءوا على ظهر دبابات الأعداء، او جاءوا في اعقاب الاحتلال، وهم كل الذين قبلوا الاحتلال وشاركوا في مشاريعه التآمرية غير المشروعة، ولاسيما فيما يسمى العملية السياسية المزورة، ومنها قبول الدستور التعسفي العدواني الذي فرض على العراق، والترحيب به والامتناع عن معارضته وقبول تمزيق العراق ارضا وسياسة ووحدة وطنية. غير ان الأعوان هم ايضا كل من زمر وصفق وشرعن الاحتلال، بشكل او بآخر، وغض النظر عنه، وكل من قبل ويقبل التعامل مع المحتلين ويدعوا الى الاستسلام لهم بهذه الحجة او بأخرى، او يدعو الى المصالحة والتطبيع مع المحتلين الذين غيروا كل البنى الوطنية العراقية بشكل غير مشروع، مع اهمال كامل لحقيقة تقول بان ما حصل احتلال غير شرعي وعدواني، تسبب في دماء غزيرة وخراب جسيم للعراق وللمنطقة وللعالم ايضا. وأخيرا يهمنا ان نضع بين اعوان المحتلين كثيرين من رجال الدين، مسلمين ومسيحيين، ممن تجاهلوا خطايا المحتلين الذين داسوا وصايا الله العشر بأقدامهم، في بعدها الديني وبعدها الوضعي الانساني، في حين كان الواجب الديني والواجب الانساني يقضي بان يرفض رجال الدين هؤلاء، وبكل قوة، الاحتلال وتعسفه، ولا يتعاملوا لا مع المحتلين ولا مع عملائهم الا بهذه الصفة وليس بغيرها، لاسيما وأن المحتلين والأعوان معا لم تبدو منهم حتى الآن اية بادرة ندم حقيقي وأية نية في تعويض العراق عما خسره جراء الاحتلال وجراء جرائمه التي تعد جرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة للجنس البشري. علامات الأزمنة : استخدم السيد المسيح عبارة معرفة علامات الأزمنة لتدل على معرفة علامات التغيير الذي اتى وبشر به. ثم اقتبس المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني هذه العبارة عينها ليدل بذلك على التغيير الذي حدث في العالم وفي الكنيسة في حقبة الستينيات الحضارية، والتي كانت حقبة انسانوية كما هو معروف. اما في هذه الفقرة فإننا ندعو قراءنا، من خلال عنوان هذه الفقرة، الى معرفة علامات التغيير الذي اصبح وشيكا، ان شاء الله. اما علامات التغيير هذه فواضحة وتتلخص في استشراء الفوضى في العالم كله، وزيادة القتل البربري الوحشي وسلب ونهب وسرقة خيرات الآخرين، بشكل ملحوظ، فضلا عن اهتزاز اركان التوازن السياسي والاقتصادي العالمي، مما يسبب تحسس الشعوب المتحضرة نفسها بسوء الحالة التي وصل اليها العالم ومناهضة هذه الشعوب للسياسات المتسببة في هذه المأساة العالمية. ففي الحقيقة قد سئم العالم مما يرى امامه من قتل وتدمير واعتداء الأقوياء على الضعفاء، لذلك آن الأوان لتنتقم الطبيعة السليمة من المعتدين عليها.علما بأن انتقام الطبيعة البشرية السليم لنفسها لا يشمل الأشرار وحدهم، بل يشمل الأخيار والأشرار معا، حيث لا نجد في زمننا سفينة نوح جديدة تنقذ الأخيار وحدهم من طوفان خطايا الرأسمالية. وعليه نتساءل ونقول: ترى هل يعود العالم الى رشده وينقذ نفسه من تعسف الأشرار؟ نقول: ان هذا الاصلاح نتمناه من كل قلبنا. غير اننا نرى ان التغيير لا يقع على عاتق الأقوياء وحدهم، لكنه يقع على عاتق الضعفاء ايضا، وبسبل متنوعة قد تكون سبلا مطروقة او مبتكرة، ومن ذلك امتناع الضعفاء عن خدمة الأقوياء، مقابل بعض المنافع التافهة التي يحصلون عليها. لذلك نوجه كلامنا هذا الى كل ضعفاء العالم وفقرائه، افرادا وأحزابا ودولا، وقيادات دينية ومدنية ونقول لهم، ومن خلالهم لأقوياء العالم بأن علامات كثيرة تحذر الضعفاء والأقوياء معا من التمادي في السياسة الوحشية ال لا انسانية التي يتبعونها حتى الآن، داعين الكل، وكل من موقعه، الى تبني سياسة جديدة، لعهد جديد، ونظام عالمي جديد حقيقي وغير مزور، يساعد البشرية على ان تسير في طريق العدل والمحبة والسلام. fr_luciendjamil@yahoo.com