كلنا أبناء قبائل وعشائر , وكلنا أبناء آدم عليه السلام , وآدم من تراب . كلنا بشر ونشترك في صفات الانسانية ,وهكذا خاطبنا الله جل جلاله وعم نواله في كتابه الكريم بالقول ( يا أيها الناس ) قبل أن يقول ( يا أيها المؤمنون ). ولأنني درست التاريخ واختصاصي تاريخ، فأنني عندما أفصح عن هويتي اتبع التسلسل الزمني ( التاريخي ) فأقول، أنا انسان , وأنا عربي , وأنا عربي مسلم أعزني الله بالاسلام , وأنا عراقي، وأنا أنباري , وأنا دليمي , وأنا فهداوي , وأنا ابن علي الحمد .... وهذا من حقي ومن حق كل إنسان , ولكن من الكوراث أنْ يُقدم الإنسان مذهبهُ على عراقيته، ويُقدم عشيرته على عراقيته وعروبته ودينه . قد يسأل سائل ما هذه الفلسفة وما هي المناسبة ؟؟ إيها الأخوة لاحظنا أن الشحن والمشاحنات في العراق قد تحول من شحن عرقي، إلى شحن طائفي مذهبي , ثم شحن جغرافي مناطقي، وأخيرا برز لنا الشحن العشائري . نعم بلغت المشاحنات العشائرية مبلغا خطيرا يهدد كيان المحافظات بل ويهدد وحدة العراق . كل عراقي شريف يقول بأنه لا يُمانع أن يكون الرئيس أو رئيس الوزراء أو رئيس الجامعة أو المحافظ , مسلما أم غير مسلم , عربي أم كردي أم تركماني أم من أي مكون آخر , سُني أم شيعي , من الانبار أم البصرة أم ذي قار أم السليمانية أم نينوى , المُهم أن يكون عراقيا بكل معنى الكلمة ويتمتع بالكفاءة والنزاهة وصفات القيادة ويحترم إرادة العراقيين ويحفظ للعراق هيبته وللأنسان حريتة وكرامته. بدأنا نسمع هؤلاء من البوفهد ( ضياغم ) ، وأولئك من الدليم ( البوخلف ) و ... و ... و... طيب لماذا لم نسمع بذلك سابقا , وأنا طالب في الابتدائية أكتب نوري غافل الدليمي وأنا في الكلية العسكرية دورة البكر الأولى لقبي نوري غافل الدليمي , وأنا في الخارج عربيا ودوليا معروف ( نوري غافل الدليمي ) , فلماذا هذه الدعوات المشبوهة التي صرنا من خلالها نسمع الآن هذا من كذا عشيرة وكذا منطقة وذاك من كذا وكذا ؟ في الأنبار والمحافظات الأخرى تصاعدت المشاحنات العشائرية والقبلية بالتزامن مع انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة . وصرنا نسمع ونرى ( التقوقع ) القبلي والعشائري , فهذا من العشيرة الفلانية وذاك من القبيلة الفلانية , ونسينا معايير الوطنية والكفاءة والاخلاص . وأنا مؤمن بأن هناك ايدي خفية وراء ذلك , تدفع هذا الطرف وهذه العشيرة وهذا الشيخ ضد ابن عمه , هذه الايادي القذرة تستخدم المال السياسي والهدايا والهويات لأعطاء الهالة ( البرستيج ) لهذا الشيخ على حساب الشيخ الأخر , والنتيجة هي إضعاف هذه المحافظة أو تلك وهذه الكتلة أو تلك وهذه العشيرة أو تلك , وجعل الصراع بين الأخ والأخ وابناء العمومة ونسيان العراق ووحدة العراق وكرامة الانسان وحقوق المتظاهرين , وحقوق السجناء والابرياء والشريفات العفيفات العراقيات والاستمرار بالاقصاء والتهميش . شيوخنا الأُصلاء هم ( عكال الراس والناموس ) , ودواوينهم مجالسنا ومدارسنا , ونصيحتهم مطلوبة , وهم الملاذ الآمن لنا جميعا , فللعشيرة والقبيلة كل الاحترام والتبجيل وننحني إجلالا إلى قبائلنا وعشائرنا الأصيلة .... ولكن علينا أنْ لا نُدخل العشيرة والقبيلة في السياسة والوظيفة , ولا نجعلها بديلا للكفاءة والنزاهة والأخلاص والرجولة والشجاعة والسمعة الكريمة ، علينا أن نبتعد وظيفيا عن العشيرة والقبيلة ، وننطلق إلى فضاء المحافظات، ثم فضاء العراق، ويجب ان يكون ذلك نهج عمل بدءا من روضة الأطفال وانتهاءً بالجامعات , ومن مساجدنا الصغيرة إلى مساجدنا الكبيرة في ساحات العزة والكرامة ... نتفق بأن الرئيس هو رئيس لكل العراق , والوزير وزيرا لكل مؤسسات وزارته، والمحافظ محافظا لكل شبر ولكل مواطن في محافظته . نعم اخوتي اعتزوا بالعشيرة والقبيلة ولكن غادروها لخاطر مصلحة ومستقبل العراق العظيم فهو يستحق منكم كل تفانٍ ونكرانٍ للذات . والله أكبر