بات النفوذ الإيراني الميداني في الاقطار العربية كالعراق ، وسورية، ولبنان،واليمن،وخلاياه النائمة في الخليج العربي،امرا واضحا،بحيث اصبح يشكل معضلة حقيقية ليس لأمن دول المنطقة فحسب،بل حتى للأمن الدولي،مع ان القوى الكبرى الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي،لا تسعى الى عمل عسكري مباشر ضد إيران في الوقت الحاضر، لأسباب تتعلق بحساباتها الخاصة.ولذلك فان إيران ما برحت تمارس تدخلا سافرا في دول الجوار الخليجي، دون اكتراث للرأي العام الدولي،او العربي،او الإقليمي، وبالتالي فهي غير ابهة نهائيا للعقوبات الاقتصادية، منطلقة في ذلك من رؤية استراتيجية بأن مشروعها التوسعي في المنطقة الذي تحلم به ينبغي المضي قدما في تنفيذه من دون اي تردد بغض النظر عن حجم التضحية المطلوبة ، طالما باتت الفرصة اليوم مواتية للشروع في تحقيقه. ان إيران هذه الأيام اذ تربط سياساتها بما يحدث في المنطقة من أزمات، مثل ارتباطها بحزب الله في لبنان، والنظام القمعي في سورية، ونفوذها المتزايد في دول الجوار، تكون قد حسمت نهائيا مسألة تحديد مصيرها مستقبلا بما سيؤول اليه حال تلك الجهات،الامر الذي يبرر للمراقب القول بقاعدة ( ان السياسة الإيرانية لن تتغير بتغير وجوه حكامها )، في اطار لعبة الانتخابات الإيرانية التي جرت مؤخرا،وتم حسم نتائجها لصالح ما يسمى بالإصلاحيين،حيث يظل روحاني ونجادي في حقيقة الامر، وجهان قبيحان لعملة قذرة واحدة،وانه لا فرق بينهما الا بالعمامة وحسب،ما دام الدستور الإيراني كما هو معروف للجميع، قد حصر السلطات الثلاثة بقبضة المرشد الأعلى، وبالتالي فان رؤساء بقية السلطات ليسوا سوى ادوات طيعة لتنفيذ ارادته مهما كان وصفهم. واذا كانت اقطار دول مجلس التعاون الخليجي قد وعت هذه الحقائق تماما،فان المطلوب منها الان ان تنتقل على عجل، الى مرحلة وحدة اقطار مجلسها، بأي صيغة ممكنة تناسب ظروفها الراهنة،حتى بحسابات الحد الادنى،وذلك ( أمكن لها ) في مواجهة مخاطر التحديات الاقليمية المحدقة بها، سواء منها تلك القادمة اليها من ( الشرق الإقليمي )، او تلك التي تتربص بها الدوائر من ( الكيان الصهيوني ) غربا .. وإلا فأن الانتظار حتى يقع الفأس بالرأس كما يقال، انتحار سياسي ينبغي ان لا يقع،حيث عند ذاك لات ساعة مندم.
