مجرد التفكير باجتثاث وتجريم حزب وطني قومي أصيل عريق، هو تعبير عن وهم وأمنيات ينعق البوم في خرائبها. لو تجمعت أربعون دولة أخرى إلى جانب مَن تجمّع ضد البعث واستهدفته سياسيا وإعلاميا منذ سبعينيات القرن الماضي، فلن تقدر المساس بالكتلة الحيوية الفاعلة للبعث والتي تتحرك على كامل مساحة العراق سرا وعلنا وتمارس نشاطها المبدئي العقائدي والسياسي والعسكري الموجه ضد الاحتلال الأمريكي والإيراني والصهيوني الذي تبقى بعد انسحاب دول العدوان والغزو الأخرى التي يزيد عددها على أربعين دولة. لأن هكذا تفكير بإنهاء الوجود الفاعل للبعث يستند إلى عوامل تقييم ورؤية سياسية قاصرة تهمل عوامل البقاء والخلود المستندة إلى طبيعة الحزب الاجتماعية النابعة من ارتكاز مبدئي إلى حاجات امة تبحث لنفسها عن عوامل القوة والمشاركة الجادة في الإنتاج الإنساني الحضاري والعلمي والمدني المعاصر. كما تعبر بطريقة عبور اقحامية على معطيات الواقع تحاول أن تفرض حالها فرضا فجا على احد حقائق البقاء العضوي الحتمية التي تترتب على وجود فكر أصيل متجدد وعقيدة سياسية تستمد قوة حضورها وديمومتها من التعشيق المحكم مع المنتجات الإيمانية والحضارية لامتنا العربية المجيدة. ومن بين ما يقف بالضد من إرادة إنهاء البعث كحركة تحرر وطنية وقومية في ساحة العراق هو ما أنتجته حقبة حكم الحزب للعراق والتي ستبقى رغم كل ما تعرض ومازال يتعرض له البعث من حملات تجريم وتشويه سمعة وتخوين ظالم ومحاولات تسقيط أخلاقي واجتماعي لم يتعرض لها حزب من قبل. فمنتجات الحكم الوطني البعثي خالدة في عقول العراقيين الشرفاء قبل أن تخلد في صفحات المجد التليد. وان هذه الانجازات المتحدية الثائرة بدءا بترسيخ وحدة العراق الوطنية بقانون الحكم الذاتي لأكراد العراق ومرورا بتأميم النفط وإنتاج نظام تعليمي ونظام صحي ونظم خدمات راقية متطورة ونقل البلد صناعيا إلى مصاف العالم المتقدم وزراعيا إلى ضفاف الاكتفاء والتصدير قبل أن تتدخل القوى المعادية لنهوض الأمة لتقوض ما أنجز ومرورا بانتصار العراق على خادم الامبريالية والصهيونية نظام خميني، وغيرها الكثير وتفرض حالها للمقارنة بمنتجات الشرذمة والتفتيت العرقي والطائفي وهدر الثروات والأموال وسيادة الفساد المالي والإداري والسياسي الذي يلطم العراقيين على وجوههم كل ساعة تمر منذ احتلال الوطن عام 2003 والى يومنا هذا. وفوق هذا وذاك فان زمن البعث وحكمه النزيه المنتج قد ساد فيه الأمن والقانون والأعراف الوطنية والقومية الإنسانية الرائعة غير ان زمن حكم وكلاء الاحتلال قد ترافق مع القتل المتواصل بالمفخخات وأسلحة الصوت المكتوم والتجويع والاعتقال والاغتصاب والتهجير القسري وانسداد آفاق التنمية بكل روافدها تجعل من إسقاط البعث في عيون وضمائر العراقيين والعرب أمرا هو المستحيل بعينه. ليعلم الطغاة من أصحاب الثأر الإيراني البغيض وأعداء الفكر الوطني والقومي أن أي قانون للاجتثاث أو التجريم مهما كانت قوة البطش المعول عليها في تنفيذه لن تقدر على إنهاء وجود البعث كقوة مؤمنة وحدوية ثائرة بل على العكس تفتح أمامه المزيد من سبل الاتصال الجماهيري والتعاطف الدولي على مستوى الوطن العربي أو على مستوى العالم وسيمنح قيادته وقواعده المزيد من قدرات النمو والثبات وتوسع الحاضنة الاجتماعية للمقاومة البعثية المسلحة ولخلايا الحزب المجاهدة في كل أرجاء العراق وترفع من قدراتها من التحرك بحق الحياة والحرية والديمقراطية ومقاومة الظلم والافتراء الذي يمارسه عبيد ووكلاء الاحتلال الفارسي من الطوائفيين القتلة الفاسدين.