انتهى اجتماع مجموعة الدول الكبرى ألثماني المنعقد في ايرلندا ببريطانيا حول الوضع في سوريا، بنتائج اقل ما توصف بأنها فضفاضة وهلامية ،فبريطانيا تريد انقلابا عسكريا ،وألمانيا تعارض تزويد المعارضة بالسلاح ،وفرنسا تؤيد تزويد المعارضة بكل أنواع الأسلحة ،في حين تعارض روسيا دعم المعارضة سياسيا وعسكريا وإعلاميا وتعتبرهم إرهابيين وتطالب بطرد إرهابيي جيش النصرة من سوريا ، وتقف بقوة مع نظام الأسد وتدعو الى حوار القوة مع المعارضة ،وتبقى إدارة اوباما تلعب بالورقة السورية من كل أبعادها السياسية والعسكرية والإعلامية فهي تعارض التدخل العسكري ( وزير الدفاع الأمريكي ) ، وتؤيد الضربة العسكرية (جون كيري وزير الخارجية ) ، ثم يصرح البيت الأبيض بضرورة رحيل الأسد ولاحوار معه قبل التنحي ،وبهذا تغازل المعارضة السورية وتتناغم معها ،وهي بذلك تمسك العصا من الوسط أمام الجميع ،وفي اجتماع الدول ألثماني رأينا تخاذل اوباما وصمته المطبق بعد أن أخرسه فلاديمير بوتين الرئيس الروسي في الاجتماع المذكور ،عندما أصر بوتين على تجاهل طلب المعارضة السورية ،ورفضه له وهو تنحي الأسد عن رئاسة الدولة، وتشكيل حكومة انتقالية في البلاد، لحين إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ،وهكذا فرض قراره الرئيس بوتين على الاجتماع ،وافشل توجه بريطانيا وفرنسا وأمريكا ،الى إنشاء حظر جوي داخل الأراضي السورية المحررة ،وتزويد المعارضة بالأسلحة الثقيلة والدفاع الجوي وتوسيع رقعة القتال ،مع إجراء ضربات عسكرية منتخبة لمواقع سورية ومواقع لحزب الله في القصير وغيرها ،هذا في اجتماع الدول ألثماني ،أما الواقع على الارض ،فيشير الى تطورات ما بعد القصير ونتائجها على أداء المعارضة ،فقد شن الجيش الحر السوري هجوما موسعا في حلب وقطع فيه طرق الإمدادات الرئيسية عن جيش النظام وحقق انتصار مهم جدا عوضه عن الخسارة المفترضة في القصير ،وشمل هذا الهجوم المباغت سقوط مطارات عسكرية ومعسكرات عسكرية والاستيلاء على طرق استيراتيجية تشل حركة النظام ،في حلب وريف دمشق ،والمعركة الكبرى الآن تجري في حلب بتصاعد ملحوظ لصالح الجيش الحر ،يأتي هذا في وقت استلم حسن روحاني منصب رئاسة إيران بعد احمدي نجاد ،ووصف هذا بالتحول الايجابي لحسن روحاني كونه رجل ديني ( معتدل ) في نظر الغرب، وفي نظرنا أكثر تشددا وعنصرية من سلفه ،مما اظهر تصريحات أمريكية وغربية ،حول الوضع في سوريا وتواجد حزب الله والحرس الثوري والميليشيات العراقية الموالية لإيران والمدعومة منها تمويلا وتسليحا وتدريبا ،وضرورة إخراجها من سوريا لكي يبدأ الحوار مع المعارضة والنظام ،إلا أن هذا أفحمه مؤتمر اسطنبول للمعارضة السورية التي خرجت من المؤتمر أكثر اتفاقا وتماسكا ووحدة للرؤية السياسية والعسكرية ،ورفض كل أشكال الحوار مع النظام قبل سقوط الأسد بالقوة العسكرية وإخراج الاحتلال الإيراني ( الحرس وحزب الله والميليشيات العراقية ) من سوريا ،مع توحيد الخطاب السياسي والاتفاق على ثوابت ما بعد التحرير ،مع إصرار على توحيد الفصائل المقاتلة في الداخل نحو الهدف الرئيسي في إسقاط الأسد ونظامه الدموي الطائفي ،إن نتائج مؤتمر ألثمان بات حبرا على ورق، أمام نتائج مؤتمر المعارضة الذي وضع إستراتيجية عاجلة وتوحيد كل الجهود التي كانت مشتتة قبل المؤتمر ،ويعد هذا المؤتمر ضربة وصفعة لدول ألثمان من جهة والنظام السوري وحلفاؤه من جهة أخرى ،كون الطرفين كانا يعولان على تشتت وتمزق واختلاف المعارضة فيما بينها لإضعافها وتوجيهها الى ما تريد إدارة اوباما ،كما فعلت مع ما يسمى بالمعارضة العرقية قبل الغزو الأمريكي الغاشم على العراق ،إذن أفشلت المعارضة خطة اختراقها وإضعافها ،وخرجت أكثر قوة وتماسكا ووحدة وإصرارا بعد أن انكشفت ألاعيب الغرب وأمريكا في استخدامها معول هدم ورأس حربة فقط ضد النظام ،على عكس أهدافها الشرعية في إسقاط النظام وإعلان الثورة الجماهيرية والقضاء على الدكتاتورية والطائفية البغيضة التي أظهرها نظام الأسد وكشر عن أنيابه بتحالفه مع إيران وأذنابها ومريديها الطائفيين ،فمن يريد إسقاط النظام عليه دعم المعارضة والثوار على الارض،ولكن أمريكا وبريطانيا وفرنسا تريد أن ( تشيطن المعارضة بحجة وجود جيش النصرة )، ولذلك تؤجل دعمها الآن وتريد انقلابا عسكريا أو ،تزيدها بأسلحة خفيفة فقط، لا تلبي حاجتها لمواجهة بطش النظام وطائراته وصواريخه وأسلحته الكيماوية المحرمة دوليا ، بل تريدها تابع ذليل لأجندتها ومصالحها ومشروعها العسكري في تقسيم وتفتيت المنطقة كلها،وأداة حقيرة بيدها توجهها كما تشاء .. هكذا هو السيناريو الأمريكي الغربي الهزيل لأكذوبة إسقاط الأسد في مؤتمر مجموعة الدول الثماني ،ولكن انفضاح نوايا أمريكا والغرب ،جعل المعارضة أن تعلن توحدها واصرارها على إسقاط الأسد دون مساعدة الغرب الكاذب ،وقد أحست الدول العربية حيلة وخداع أمريكا للمعارضة السورية فأسرعت لدعمها ، ردا على خذلان و تخاذل أمريكا والغرب من تباطؤهم في دعم المعارضة بالسلاح لغاية في نفس يعقوب الأمريكي .. ، المعارضة السورية ماضية في مشروعها التحريري مهما بلغ حجم التضحيات وبلوغ الهدف ألا وهو إسقاط النظام الطائفي الدكتاتوري .......