شبكة ذي قار
عاجل










إِن الجانب السياسي للعولمة هو جانب الحرية والديمقراطية الذي دفعت من أجله شعوب العالم باختلاف نماذجها ثمناً غالياً من دماء أبنائها وما تزال تدفع كل يوم ضريبة دم جديدة من أجل إحقاقها. كما إِن العولمة الأمريكية الصهيونية تخطط للتدخل العسكري وإعلان الحرب في أية بقعة من العالم تفكر بالخروج على سيطرتها وتحكمها، لأن العالم يراد له أن يقع تحت براثن الاستبداد الأمريكي والقانون الأمريكي والقوة العسكرية الأمريكية، وهو أمر يكشفه تقريران خطيران كانا سريين للغاية، ثم نشرا بعد ذلك، وهما تقريراً "جريميا ودلفوفيتز". ولاشك في أن نصيب العالم الإسلامي في أفغانستان وفلسطين والعراق وليبيا وما يحصل في سوريا، كان كبيراً في ضوء تلك السياسة الأمريكية الظالمة. يقول صموئيل هنتفون في دراسته المسماة ("المصالح الأمريكية ومتغيرات الأمن") التي نشرتها "مجلة الشؤون الخارجية" في حزيران 1993م: "إن الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفييتي بحاجة ماسة إلى عدو جديد يوحد دوله وشعوبه، وإِن الحرب لن تتوقف، حتى لو سكت السلام وأبرمت المعاهدات، ذلك أن حرباً حضارية قادمة ستستمر بين المعسكر الغربي الذي تتزعمه أمريكا وطرف آخر، قد يكون عالم الإسلام أو الصين". وهناك اعتقاد هو أن العولمة في المنظور السياسي تعني أن الدولة لا تكون هي الفاعل الوحيد على المسرح السياسي العالمي، ولكن توجد إلى جانبها هيئات متعددة الجنسيات، ومنظمات عالمية وجماعات دولية وغيرها من التنظيمات الفاعلة التي تسعى إلى تحقيق مزيد من الترابط والتعاون والاندماج الدولي، وترتبط العولمة السياسية ببروز مجموعة من القوى العالمية والإقليمية والمحلية الجديدة خلال عقد التسعينات والتي أخذت تنافس الدول في المجال السياسي، ومن أبرز هذه القوى التكتلات التجارية الإقليمية، كالسوق الأوربية المشتركة، لتشكل وحدة نقدية تعمل من خلال المصرف المركزي الأوروبي الذي أنشئ عام 1999م ليشرف على عملة اليورو. وهناك اتجاهً آخر ينادي به الاستراتيجيون من علماء السياسة يرى ضرورة فك الاشتباك بين العولمة والهيمنة إذ يرى هؤلاء أن العولمة عملية تطور تاريخي موضوعي، لا نملك إلا الاستجابة لها بينما الهيمنة وهي إيديولوجيا العولمة يجب أن نحاربها على اعتبار أن الهيمنة انتعاش لموازين القوى السياسية، والاقتصادية في العالم لصالح قطب واحد يريد فرض سياسات يسير الكل في ركابها. ولذلك نجد محاولة إعادة صياغة مفاهيم العلاقات الدولية بما يعطي الدول الدافعة التدخل في شؤون دول الجنوب. ونجد أن تلك الدول تطرح "حقوق الإنسان" و "الديمقراطية" كمفاهيم يجب على دول الجنوب تطبيقها وفق الفهم والتصور وطرق الإدارة المؤسسية الغربية لتحقيق الاندماج مع العولمة، أي وفق المؤشرات الغربية، وهنا تمارس الدول الدافعة للعولمة "حقها" في "التدخل الإنساني" لمراقبة وحماية تطبيق تلك المفاهيم، بيد أن هذا التدخل يكون عادة تدخلاً انتقائياً، أي يتم فقط عندما تنتهك مصالح القوى الدافعة للعولمة، ويتم التغاضي عن تلك المفاهيم إذا تمت حماية تلك المصالح ولو على حساب الشعوب وسيادة الدول الأخرى. ولقد وجدت الدولة الصهيونية في العولمة فرصتها، فهي تحاول أن تستثني نفسها من هذه الميزة، فراحت تمارس السياسات العكسية تماماً. فالدولة الصهيونية طرحت تصورها الخاص للعولمة، وتحاول فرضه على الدول المحيطة بها، وهو تصور "الشرق أوسطيه" فهذا المشروع الذي روج له الكيان الصهيوني هو عولمة مصغرة. فالعولمة نظام يقفز على الدولة والوطن والأمة، واستبدال ذلك بإنسانية، إنها نظام يفتح الحدود أمام الشبكات الإعلامية والشركات متعددة الجنسيات ويزيل الحواجز التي تقف حائلاً دون الثقافة الرأسمالية المادية والغزو الفكري، الذي يستهدف تفتيت وحدة الأمة، وإثارة النعرات الطائفية، وإثارة الحروب والفتن داخل الدولة الواحدة كما في السودان. يقول ( ريتشارد كاردز ) المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية: "إن تجاوز السيادة الوطنية للدول قطعة قطعة، يوصلنا إلى النظام العالمي بصورة أسرع من الهجوم التقليدي". لذا فإن العولمة في هذا الاتجاه أصبحت تحمل في طياتها نوعاً من الغزو الثقافي، أي من قهر الثقافة الأخرى لثقافة أضعف منها. لأن العولمة الثقافية لا تعني مجرد صراع الحضارات أو ترابط الثقافات، بل إنها توصي أيضاً باحتمال نشر الثقافة الاستهلاكية والشبابية عالمياً والخطورة في هذه الثقافة تكمن في محاولتها لدمج العالم ثقافياً متجاوزة بذلك كل الحضارات والمجتمعات والبيئات والجنسيات والطبقات.




الثلاثاء٩ ÔÚÈÜÜÇä ١٤٣٤ ۞۞۞ ١٨ / ÍÜÒíÑÇä / ٢٠١٣


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق د. شاكر كريم القيسي طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان