صدى صوتها العابق بالماضي وبالحاضر .. بالحزن وبالفرح .. يتردد في ذاكرتي كسمفونية شجية الإيقاع .. وكأني بها تعزف موسيقاها الخالدة من الجنة الثانية من فلسطين .. لست أدري هل هاتفتني سامية من نابلس أم من رام الله أم من كل فلسطين .. أم من وطننا العربي الممتد من المحيط الأطلسي إلى خليجنا العربي .. لأكتب لها شيئاً ما عن كتابها الذي سيصدر قريباً .. عن ألوانها القزحية .. ومحطاتها النضالية التي توقفت عندها طويلاً لتبدع في تشكيل لوحاتها الفنية .. لوحاتها المشكلة بطريقة استثنائية .. ثم لترسم ولتكتب بالألوان أجمل الحكايات الإنسانية المعبرة عما يجيش في خاطرها وفي روحها من شجن يكاد أن يعانق وجه السماء .. هي العروبية المبدعة سامية الزرو .. سيدة المواقف الصلبة .. والبساطة الذكية .. الجميلة الرقيقة .. الحاملة على كتفيها انكسارات وانتصارات الوطن من الماء إلى الماء .. تشكل لوحاتها من وهج روحها النقية العابقة بعروبة فلسطين، وبمعاناة أهلها .. ثم تدثرها بالصدق وبالوفاء لوطنها السليب .. وللعراق الجريح .. ولجميع أصدقائها الذين صدقوها .. فتستلهم لوحاتها من محبتها لهم .. وتشعل شموع التسامح والمحبة حتى لمن جرحوها .. أما غزلان روحها وحبها فترعى على ارض فلسطين حتى لو أجبرت على الرحيل عنها .. فتنهل من مائها العذب الرقراق .. وتغمس ريشتها وأناملها في تراب ومياه وأوراق أشجار وورود وزهور أرض الآباء والأجداد .. في تاريخهم المجيد .. في صمودهم الاُسطوري على أرضهم .. في بطولات أطفال الحجارة .. ثم تشكل لوحاتها على ورق من أشجار بياراتها .. وكرومها ونخيلها .. وأورق شجر زيتونها .. على حجارتها .. على جدران بيوتها العتيقة .. وتلونها من شقائق نعمانها من ياقوت شهداءها .. فتصبح لوحتها كقصيدة عشق خالدة معلقة على أبواب كنيسة القيامة .. ومهد المسيح والمسجد الأقصى .. تحدث سامية في لوحاتها العالم عن عروبة فلسطين .. عن المآسي التي حلت بأهلها .. أهلها المنزرعين على أرضهم منذ آلاف السنين .. تحدثهم عن الذين هجروا عنها عنوة .. لكنهم ينتظرون عودتهم إليها مهما طالت السنين .. تحدثهم عن عذاباتهم .. عن مقاومتهم الاُسطورية للغاصبين .. وتعلقها كأيقونة مضمخة بأقحوان الذين سقوا الأرض ببطولاتهم على أبواب الذين استشهدوا دفاعاً عن عروبة فلسطين .. سامية الزرو .. فنانة رائدة في تشكيلها للوحاتها الفنية المضاهية للعالمية .. تتمتع بقلب مرهف يحس كل حركة أو مشهد يدور حولها .. تتوقف عند أي خبر لافت فتحوله إلى لوحة فنية رائعة .. دون مجاملة إنها فنانة تشكيلية مميزة .. روحها مفعمة بالمحبة وبالعطاء .. أناملها تتميز بالإبداع غير المسبوق .. انتماؤها لفلسطين ولوطنها العربي لا يشارعها عليه أحد .. ! سامية ماذا أكتب لك .. أو عنك وقلمي يتعثر في التعبير عما يدور في مخيلتي في هذا الزمن العربي الصعب .. الزمن الذي أضحى فيه العربي يقتل ويقاتل العربي .. وينتزع قلب شقيقه ويأكله .. لم أكن أتوقع أن نعيش هذا التخاذل والذل والسقوط العربي في أحضان الأعداء .. ولكنني أقول لك .. غاليتي إنها كبوة عربية وستمر قريباً .. لأننا لن نركع إلا لرب العالمين .. وسنصحو من كبوتنا .. وسنعيد لأمتن ) أمجادها .. سامية الزرو .. أيتها المرأة الإستثنائية .. والفنانة التشكيلية المبدعة .. ستبقين رمزاً من رموز نضالنا .. إني أتخيلك كشجرة زيتون غرست وتجذرت في أعماق أرض فلسطين منذ مئات السنيين .. لن يقدر الغزاة على اقتلاعك عنها حتى وأنت بعيدة عنها .. لأن جذورك العميقة ممتدة في عروق ألأرض من وريدها و إلى وريدها .. سامية أعمالك الرائدة .. لوحاتك الجميلة النابضة بالنضال وبالوفاء وبالإلتزام بقضية كل العرب .. قضية الوطن السليب ستخلدك .. لأنك تعدين توأمة وعاشقة لفلسطين .. فأين ما سكنت .. وأينما كنت .. وإلى أي مكان ارتحلت .. فإن روحك ستظل معلقة بفلسطين حتى تعودين إليها .. تعودين إلى وطنك الأُم .. !