لا أحد يجهل الرصيد الشعبي الكبير لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران وخارجها فهي بحق صاحبة أطول وأقوى مسيرة نضالية في تأريخ إيران المعاصر. مسيرة واكبها نضال كبير ومرير قلما تجده في الحركات الثورية المعاصرة. ومع هذه المرارة التي سببتها عدة عوامل من بينها تعجرف نظام الملالي تجاه حركات المعارضة في الداخل ومجابهة الفكر بالحديد والنار. علاوة على الصحوة المتأخرة للرأي العام الأوربي تجاه المنظمة وذلك من خلال تبنيه فكرة النظام الحاكم غي إيران بلصق صفة الإرهاب بالمنظمة من جهة، ولغة التسامح التي نهجها الإتحاد الأوربي مع النظام حتى إستفحل أمره وبدأ بتحدي الشرعية الدولية. وأخيرا تجاهل الأنظمة العربية لأهمية المنظمة ودورها القادم، رغم التدخل السافر لنظام الملالي في الشأن الداخلي لمعظم هذه الأنظمة. مما يجعلنا ننضب عرقا من مواقفها المخزية إتجاه لغة التحدي والعنجهية والتوسع التي يمارسها معهم النظام الحاكم في إيران. حفلت مسيرة المنظمة الجهادية بمواكب مستمرة من الشهداء والجرحى والمنفيين والمعتقلين في السجون السرية والعلنية وإتنهاكات مزمنة لحقوق الإنسان التي شملت عوائل وأقارب المجاهدين بغض النظر عن اعمارهم أو جنسهم وأماكن وجودهم. حتى الموجود منهم خارج إيران لم يسلموا من ملاحقة النظام وبطشه وإرهابه، وقضية المجاهدين في معسكر أشرف سابقا وليبرتي لاحقا أشهر من نار على علم. قوائم مفتوحة من الشهداء والجرحى قدمتها المنظمة منذ الغزو الامريكي الإيراني للعراق، بالرغم من شمولهم بالحماية الدولية وفقا لإتفاقية جنيف الرابعة. فقد نكل بهم الأمريكان، ونكل بهم ممثل الأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر الثعلب الدولي الذي نقل إلى غابات الكونغو غير ماسوف عليه، بعد أن بحت أصوات الشرفاء في مطالبة الأمين العام بإستبداله بشخص نزيه وحيادي لديه مناعة قوية ضد وباء الرشوة. وأخيرا نكل بهم النظام الإرهابي الحاكم حاليا في العراق ما بين هجمات إرهابية على المعسكرين السابق واللاحق، أو بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني للعدوان عليهم، أو بحرمانهم من مستلزمات المعيشة الرئيسية من ماء وكهرباء ووقود وخدمات، علاوة على الحصار الغذائي والدوائي. وإنتهاءا بسرقة عجلاتهم ومولدات الكهرباء وبقية المواد العائدة إليهم. ومع كل هذه التحديات في الداخل والخارج بقيت المنظمة صامدة بشموخ، وتكبر يوما بعد يوم، متستقطبة المزيد من الأنصار والمؤيدين لدعم مشروعيتها من جهة، ومشروعها التحرري من جهة أخرى. لقد تحولت المنظمة بفعل صمودها الإسطوري وفاعليتها على الساحة الإيرانية والدولية إلى كابوس مرعب يؤرق نظام الحقد والإرهاب في طهران. وكلما ضيق النظام الخناق على المنظمة، كلما إزدادت إصرارا وتمسكا بإكمال المسيرة حتى النصر المحقق، والذي ستهل بشائره قريبا وقريبا جدا بعون الله وهمة المجاهدين الأبطال في المنظمة وبقية فصائل المعارضة الإيرانية الرافضة لحكم الإرهابيين والطغاة. إن من موجبات الإعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ودعمه بكل الوسائل المتاحة هو أفضل البدائل المطروحة على الساحة الدولية لأسباب منطقية لا تقبل الجدل. ومن ابرزها. أولا: التأريخ العريق لمنظمة مجاهدي خلق وجذورها الممتدة في أعماق الذاكرة الإيرانية، ومسيرتها الجهادية الطويلة المطرزة بالتضحيات الكبيرة، ومقارعتها الأنظمة الدكتاتورية من زمن الشاه ولغاية الوقت الحاضر. ثانيا: تضم المنظمة بين صفوفها النخبة والصفوة الراقية من المجتمع الإيراني، من كوادر طليعية وأساتذة جامعات ومثقفين وأطباء ومهندسين ومحامين وشخصيات مرموقة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ثالثا: مع وجود فصائل معارضة عديدة في إيران لا يمكن التقليل من أهميتها وأنشطتها على الساحة الإيرانية ، لكن للمنظمة مخزون هائل من تعاطف الشعب الإيراني مع أهدافها. لأنها المعبر الحقيقي عن تطلعاته في العيش بحرية وسلام وأخاء، وبناء علاقات طيبة مع العالم الخارحي تقوم على أسس الإحترام المتبادل وتعزيز السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشئون الداخلية لبقية الدول ولا سيما دول الجوار، وتأكيدها على أهمية إجتثاث النزعة التوسعية والإستيطانية من السياسة الخارجية للنظام الحاكم، وإنهاء لغة التهديد والوعيد مع بقية الشعوب الآمنة. رابعا: النهج الأيدلوجي المعتدل الذي يميزها، فهي تمتلك رصيد فكري وثقافي هائل، وطروحاتها علمانية خالية من منطق العنف والتطرف والمغالاة والتعصب المذهبي والعنصري. كما إنها تتميز بروح الانفتاح الفكري والتسامح، والتعايش السلمي في الداخل والخارج. خامسا: المنظمة مؤهلة للقيادة الجماهيرية في المرحلة القادمة وعلى كل الأصعدة ومنها التعبئة العسكرية. إذ إن جميع أعضائها من الرجال والنساء متدربون على إستخدام السلاح ولديهم خبرة قتالية ممتازة مع ضبط وانضباط قلما تجده عند الجيوش النظامية المعروفة. سادسا: وضعها المميز على الصعيد الدولي وتفاعلاتها مع المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات العالمية، حيث تحظى قيادتها باحترام الجميع ممثلة بالرئيسة المنتخبة السيدة مريم رجوي، وهي نموذج رائع لروح التحدي والمواجهة والحكمة والصبر والتعامل مع المستجدات بواقعية. وقد تمكنت من تحقيق الكثير من المكاسب للمنظمة خلال بضع سنوات. سابعا: للمنظمة طريقها الثابت والواضح في رفض الخضوع والانصياع للسياسات والثقافات والرؤى التي تجافي تاريخها وتراثها الثقافي. من خلال تبني نظرية الاعتدال والتوازن في سياستها تجاه الداخل وكذلك التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها العالم. لاشك إن هذه الميزات تجعل المنظمة محط إعجاب وتقدير من قبل الحكومات المعتدلة والحركات الثورية والتحريرية في العالم، وقد كان للإتحاد الأوربي دور مهم في دعم المنظمة من خلال تبرئتها من صفة الإرهاب التي لازمتها لمدة طويلة دون وجه حق. في الوقت الذي يمثل فيه نظام الملالي أكبر قوى إرهابية في العالم، ومفقسة وحاضنة لقوى الإرهاب المتمثلة بتنظيم القاعدة وحزب الله والحوثيين ومنظمة بدر وميليشيات عصائب الحق وجيش المهدي والعشرات غيرها. في الوقت الذي لم تحظى المنظمة بتأييد من الأنظمة العربية في مفارقة يصعب تصورها، إذا أخذنا بنظر الإعتبار التصريحات المعادية والوقحة لأقطاب النظام الحاكم في إيران حول البحرين والكويت والسعودية والأردن ومصر وسوريا ولبنان واليمن. علاوة على التدخل في شؤونها الداخلية وزرع الخلايا النائمة لحين مواتات الفرصة المناسبة لإشعال الفتن في هذه الدول، وجرها لحروب أهلية تهدد كياناتها الهشة أصلا. ولكم ما يحدث في العراق وسوريا حاليا شاهد حي على إرهاب النظام الحاكم في إيران. إن دعم الحركات التحررية وقوى المعارضة الإيرانية هي أقوى ضربة توجه لنظام الملالي، ويأتي الدعم الإعلامي في المرتبة الأولى من حيث الأهمية، من خلال تسليط الضوء على فعاليات ونشاطات قوى المعارضة الإيرانية والمؤتمرات التي تعقدها في الخارج. وفي هذه المناسبة سيعقد تجمع المقاومة الإيرانية المؤتمر السنوي العاشر تحت شعار(تجمع من أجل الحرية) في الثاني والعشرين من الشهر الجاري في باريس برعاية الرئيسة المنتخبة مريم رجوي، وذلك في ذكرى إنطلاقة المقاومة الوطنية ضد قوى الشر والطغيان، ويجمع هذا اليوم العظيم عدة مناسبات منها يوم الشهداء والمعتقلين السياسيين الإيرانيين، وتأسيس جيش التحرير الوطني، علاوة على دعم المجاهدين في معسكر ليبرتي الذي ذاقوا الأمرين من نظامي نجادي والمالكي والشرعية الدولية المتمثلة بمارتن كوبلر وتقاريره الكاذبة. كما يتزامن عقد المؤتمر مع الإنتخابات الإيرانية القادمة والتي قاطعها الشعب الإيراني في الدورة السابقة وأعتبرها مهزلة المهازل. لاشك إن هذا التجمع التحرري يأتِ في وقت مهم جدا بعد أن رفع الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية وكندا صفة الإرهاب عن المنظمة، وهذا يمثل إعتراف صريح بأن المنظمة ذات مشروع تحرري بحت، وهي تمثل الشارع الإيراني بكل شرائحه وأطيافه. كما إن التطورات الحالية في المنطقة والدور الإيراني القذر في العراق وسوريا واليمن والبحرين كشف حقيقة النظام الحاكم في إيران واهمية الوقوف بوجهه. إنه إخطبوط للشر تمتد إذرعه إلى قارات وليس لدول مجاورة فحسب. فهو نظام إجرامي دموي لا يُروى عطشه لا من دماء شعبه ولا من شعوب المنطقة المبتلية به. ولاشك أن توجهه النووي من شأنه أن يهدد السلم والأمن العالمي، فعندما تكون الأسلحة الفتاكة بأيدي أنظمة إرهابية من شأنها أن تكون أداة تدمير لشعوبها والشعوب الأخرى. إنه تجمع "من أجل الحرية" يمثل هذه المرة إنعطافة قوية في تأريخ منظمة مجادي خلق حيث سيشارك في المؤتمر المئات من البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين من مختلف دول العالم، إضافة إلى شخصيات دولية ووجوه إعلامية وقانونية وأكاديمية من مختلف الجنسيات وحقول المعرفة. إنه تجمع للأحرار من جهة، ولمحبي الحرية من جهة أخرى. إنه تجمع إنساني قبل أن يكون سياسي، للتضامن من أجل شعب يُحكم بقسوة من قبل جلادية، نظام إرهابي متعجرف هو الأول في العالم في حكم الإعدام على مواطنية، ونظام طائفي حقود لا يقيم أي وزن للحريات الأساسية ولا لحقوق الإنسان. نظام عبثي مشاكس لا يقيم أي إعتبار للشرعية الدولية. ومن المتوقع أن تلقي الرئيسة المنتخبة المزيد من الأضواء على الأوضاع في داخل إيران والتي تشهد التناحر والتخاصم والإقصاء بين الفرق المتصارعة على السلطة. كما ستعلن السيدة رجوي عن خطة إستراتيجية تتضمن عشر محاور رئيسية حول مستقبل إيران. إن الأنظمة العربية التي لم يكن لها دور مشرف مع منظمة مجاهدي خلق، حري بها أن تعيد النظر في سياستها الخاطئة تلك، وأن تحذو حذو الدول الأوربية في دعم منظمة مجاهدي خلق بالطرق التي تراها مناسبة، ولا أحد يلومها في موقفها هذا. فالنظام الإيراني لا يرى حرجا في الإعلان عن إسقاط تلك الأنظمة بكل صراحة ووقاحة. والدعم الإعلامي لهذا المؤتمر التأريخي من شانه أن يغيظ النظام الحاكم في إيران، ويجعله يتخبط في الظلام. ونظن أن الدعم الإعلامي الذي يمكن أن تقدمه الأنظمة العربية الحاكمة للنجمع من أجل الحرية هو أضعف الإيمان.