يبدو أن نوري المالكي يعاني من ازدواجية في الشخصية من تلك التي وصفها ونظّر لها العلامة العراقي الدكتور علي الوردي، الذي كان يؤكد أن الشخص الازدواجي يتصرف بازدواجية ويأتي بالفعل ونقيضه ولا يدري أنه ازدواجي. ففي زيارته إلى اقليم كردستان العراق حذر المالكي من العاصفة الطائفية والاقتتال اللذين يضربان المنطقة داعيا إلى النهوض بمشروع للمصالحة الوطنية لمواجهة خطره، كما أكد ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد من خلال العمل على الأسس الوطنية بعيداً عن الهويات المذهبية والطائفية. ويا سبحان الله رأس الطائفية يحذر من الطائفية، ومفتت وحدة البلاد يدعو للحفاظ على وحدة البلاد، ويريد العمل بعيداً عن الهويات المذهبية والطائفية !!!!!! وقال، في كلمته لدى افتتاح جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في مدينة اربيل، إن "المنطقة تمر بعاصفة جديدة هوجاء طائفية تسببت بارتباك في الكثير من دول المنطقة على خلفيات مختلفة"، متابعاً "لذلك يقتضي منا جميعا ان ننهض مرة أخرى في مشروع البنية الوطنية والمصالحة لمواجهة الخطر حتى لا نتأثر بما يجري ونتوزع الى فريق يؤيد هذه الدولة وفريق يعارض". هذا المالكي إما أنه غبي فعلاً أو أنه يتغابى، فهو الذي يقطر طائفية يحذر من الطائفية، وهو الذي يحاول منذ زمن أشعال الفتنة الطائفية في العراق فيصطدم في كل مرة بوعي العراقيين يريد مواجهة الطائفية والنهوض في مشروع البنية الوطنية والمصالحة، ولا أدري عن أي بنية وطنية يتحدث، عن البنية الوطنية التي حطمتها عمليتهم السياسية، أم عن تلك التي يصوغها علي الأديب عبر تغيير المناهج الدراسية في العراق بمعاونة إيران الولي الفقيه وعلى أسس طائفية؟ وعن أي مصالحة يتحدث؟ عن مصالحة حقيقية وهي لن تتحقق لأنها تصطدم بمشروعه الطائفي البغيض، أم عن مصالحته مع النجيفي والمطلك وباقي أبناء العملية السياسية الاحتلالية؟ وقال هذا المالكي: "نحن كبلد لنا خصوصيتنا وشأننا وعلاقتنا ومكوناتنا. نحترم الآخرين نتفاعل معهم في بلدانهم نتمنى ان يكون بيننا وبينهم أفضل انواع الصداقة والتعاون لكن يجب أن يبقى الشأن العراقي بعيداً كل البعد عن خلفيات هذا التأثر". ولست أدري كيف سيحترم الآخرون خصوصياته وهو يتدخل في سوريا عبر ارسال الميليشيات الطائفية للقتال فيها وعبر التدخلات الفجة في شؤون البحرين؟ هل بهذا يريد أن يبقي الشأن العراقي بعيداً كل البعد عن خلفيات التأثر؟ وتعالوا اسمعوه وهو يقول: إن "الانتقال إلى فضاء الحرية يحتاج إلى حالة من الاستيعاب لأنه ليس من السهل الانتقال من نظام دكتاتوري شمولي إلى نظام ديمقراطي". وهنا هو يتهم شعبنا بعدم الاستيعاب، وشعبنا بعد أكثر عشر سنوات من القتل والتفجيرات المنظمة التي تستهدف إبادته، وبعد دفعه أكثر من مليوني شهيد وتشرد خيرة أبنائه ونهب ثرواته استوعب تماماً ماذا يراد له وبه، وبعد هذا كله وغيره الكثير يأتي المالكي ليطلق لنا نظرية الاستيعاب.. فهنيئاً لشعبنا الذي صبر وظفر برئيس وزراء منظّر؟ وهو يحث وعاظ السلاطين من رجال الدين والمسؤولين والشخصيات الوطنية للتثقيف بنظريته الجديدة التي اكتشفها بعد عشر سنوات من الدم ويقول أن واجبهم هو التثقيف للنهوض بواقع البلد".وبعد عشر سنين من عذابات العراقيين وقتلهم يكتشف المالكي، أيضاً، أن" جميع العراقيين يتمنون العيش برفاهية بعيداً عن الاقتتال الطائفي والمشاكل". فأطلقوها ضحكة رغم الأسى فإن شر البلية ما يُضحك.