إن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها مبلغ عظيم ناضلت من أجله الشعوب والأمم حتى تكرس في عصرنا الحديث بمجموعة من المواثيق والمعاهدات والقوانين، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/12/1948، ولعل العولمة كنظام عالمي جديد يرفع شعار حماية حقوق الإنسان، قد أثرت بشكل أو بآخر على سياسات الدول في هذا المجال، "حتى أصبحت الكثير من دول العالم الثالث، لا تخشى العولمة في جانبها الاقتصادي، بقدر ما تخشاه في مجال حقوق الإنسان" 1- معنى حقوق الانسان: تشكل حقوق الإنسان في مجملها مجموعة الحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي يكفلها القانون للأفراد، ويحميها بموجب نصوص قانونية، فهي حقوق ثابتة لجميع بني البشر على قدم المساواة، دون تمييز من حيث الجنس أو اللون أو العرق أو الدين....... لذلك كان حري بالدول والأمم الاهتمام بها، وتكريسها عن طريق المواثيق الدولية والقوانين الداخلية. أ- تعريف حقوق الإنسان: تعرف حقوق الإنسان، بأنها تلك الحقوق الثابتة للإنسان ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً على قدم المساواة دون تمييز من حيث الجنس أو اللون أو الدين أو العرق، أو الانتماء، أو الدولة أو غيرها، والتي يشكل المساس بها مساساً بحقوق البشرية جمعاء. وما تجدر الإشارة والتنويه له، فإن حقوق الإنسان كفلتها ونظمتها أحكام الشريعة الإسلامية بما يضمن حرية وكرامة الإنسان، الأمر الذي يجعل إعلان الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان، ليس أكثر من صدى لما أوصى به الشارع الحكيم وأمر به سبحانه وتعالى، وما أوصى وأمر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ذلك أن مجال حقوق الإنسان ما عرف اهتماماً مكثفاً وعناية بالغة، إلا في العصر الحديث في ظل القرنين الأخيرين، حيث تم إبرام العديد من الاتفاقيات التي تضمنت حماية الوجود القانوني للفرد، والقضاء على كل محاولة لتشبيه الإنسان بالأرض أو السلع، كانت هذه ممهدة لما يسمى بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ب-: أهم الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م وأهم الحقوق التي تشغل بال المجتمع الدولي في الأونة الأخيرة، والتي برز تأثير العولمة عليها واضحاً كما سنرى ومنها: أولا - الحق في الحياة. ثانيا- الحق في الحرية والسلامة الشخصية، وعدم جواز القبض أو الحبس التعسفي. ثالثا - الحق في المساواة دون تمييز بسبب الجنس، أو العنصر، أو اللون، أو النوع أو غيرها. رابعا- الحق في حرية الفكر والضمير والديانة. خامسا- الحق في الرعاية الصحية. سادسا - الحق في التعليم والثقافة. سابعا - الحق في مستوى معيشة أفضل. ولقد كانت عدة معاهدات واتفاقيات قد عقدت بشأن بعض الحقوق كمعاهدة باريس للسلام 1814، وإعلان مؤتمر فينا 1815، وإعلان فيرونا 1822، والتي تتضمن في مجموعها إلغاء الرق بكافة أشكاله، ومنع ومحاربة تجارة الرقيق. ثم الاتفاقيتين الدوليتين 1904 و 1910 المتعلقتين بقمع الاتجار بالنساء والأطفال. الأمر الذي أدى بالمجتمع الدولي إلى زيادة الاهتمام فيما بعد بمجال حقوق الإنسان، عن طريق مجموعة من الضمانات والآليات القانونية. ومع نهاية المرحلة الاستعمارية التي استخدمت فيها القوة المادية والسلاح، تحولت العولمة إلى آليات أكثر جاذبية لتحقيق السيطرة، فهي من منطلق مجالها السياسي في العصر الحالي تهدف إلى القضاء على الحدود الجغرافية بين الدول، بجعل العالم وحدة سياسية واحدة بما يسمى اصطلاحاً القرية الكونية والاتجاه نحو المواطنة العالمية، وهذا يعني بالضرورة تقويض أسس الدول التي قامت على أساس وطني أو قومي أو ديني، وظهور مراكز جديدة للقرار السياسي العالمي، فضلاً عن بروز قوى إقليمية وعالمية تنافس الدول في إدارة شؤون العالم في المستقبل، لأنها تدعوا إلى تفتيت الروابط بين الفرد والجماعة التي ينتمي إليها مما يترتب عليه ضعف الانتماء الوطني، وهيمنة قوى أخرى خارجية تسيطر على الإنسان وتسلبه حرياته وحقوقه، فالعولمة استعمار غير مباشر وتخدير للشعوب. أما الحقوق السياسية التي تخول المواطنين حق الاشتراك في شؤون الحكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في ظل أحد أنماط أنظمة الحكم الديمقراطي، فهي تقتضي حق كل فرد بتولي الوظائف الإدارية صغيرها وكبيرها إن كان أهلاً لتوليها، وأن يبدي رأيه في سير الأمور العامة، لأن هذه المناصب والآراء يكون الموجه الأساسي لها هو المصلحة العامة، لذلك فهي تقع تحت رقابة جماهير الأمة.، وعندما تضعف الدولة القومية أَمام القوى الأخرى التي منها الدول التي تستثمر العولمة لصالحها وكذلك الشركات والتكتلات الاقتصادية، فإن هذه الحقوق تتأثر بحيث تصبح أقل قيمة، سواء بالنسبة للدول أو الموظفين الذين يصبحون غير قادرين للحصول عليها. واليوم يعاني المجتمع الانساني عامة والعربي الاسلامي خاصة زمن العولمة نقصا فادحا في التعبيرات الايجابية عن الاحترام للا قيمة للإنسان في واقع الاستبداد ولا مكان للحرية في البلدان ذات المنهج الشمولي، والتركيز يكون دائما من قبل الفئة الحاكمة وزبانيتها على طرق الكسب ووسائل الربح وتحصيل الثروة والهدف الأقصى للأنظمة الفاسدة هو المحافظة على السلطة واخضاع الأفراد بالقوة ونهب الخيرات وسلبها من العباد .