اذا كانت سرة العالم و جسر انتقاله التاريخي من مرحلة لأخري علي طريق التطور الحضاري هي المنطقة العربية لا في فترات نهوضها فحسب و انما أيضا حتي و هي تعاني التراجع سواء بصيغة الضعف أو حتي الانحطاط بما تعنيه جغراسياسيا و ما توفره من امكانات مادية سواء بائنة أو ضمنية أو بشرية ... فإن سرة هذه المنطقة أو مركز ثقلها هو العراق ... و من يقرأ أحداث التاريخ منذ أقدم مراحله بقديمه و وسيطه و حديثه و معاصره سيري من أنه اذا ماكان العراق قويا معافي تشهد المنطقة فسحة للبناء و التطور بمفهوم الانتقال الواعي الذي عنوانه *التسامح و العيش المشترك* و كلما استهدف العراق سواء تحت تأثير فعل داخلي و هي حالات محدودة أو تحت تأثير فعل خارجي و هي الحالات الطاغية الا وسادت الغرائز و الفئوية و الانقسام المقترن بالارتداد و الانحطاط رؤية و فعلا كل المنطقة ... و لا أدل علي هذا القول ما نعيشه اليوم . قد يتهمني البعض بأنني ممن يخضع ل*مركزية الذات العراقية* تشبيها بالأصوات التي سادت أوروبا نهاية الحرب الأولي القائلة ب * مركزية الذات الأوروبية * ، فليكن له ذلك ، فمن من العرب لا يستحضر بغداد أو البصرة أو الكوفة أو واسط أو الموصل او كربلاء أو النجف أو الأنبار ؟ سواء كان ممن توفرت له فرصة التعلم أو ممن لم يتمتع بهذه الفرصة لاعتبارات متعددة . الكل يتغني عن وعي أو عن تقليد بأوج فعل الأجداد في جل ميادين الحياة في عصرهم ، تغني مقترن بذكر مدينة مما ذكرت اذا لم يكن لكل مدينة عنوان متميز بها بصيغة الفعل سواء كان ماديا أو معنويا ؛ لا بل العديد منكم يا أبناء الأمة العربية لا يتردد حتي في الاستشهاد بهم و يردد بلهفة " وا ... معتصماه " بصيغة التباهي دون أن يفكر و لو للحظة من أن من يسكن العراق اليوم هم أحفادهم و أحفاد أحفادهم . فاذا تباهينا بالجدود فما الذي يجعلنا نقف دون فعل لأنقاذ الأحفاد سواء بصيغته المادية أو الاعلامية ؟ اذ كانت مدن الجنوب مما ذكرت قد أخضعت للتهجير في جانب و التوطين الفارسي في جانب آخر حد أنك تسمع من يطالب باستخدام الفارسية كلغة ثانية ، فان بغداد و ان استعصت عليهم فإنها تعرضت للفصل و هو بائن لكم بمفهوم الكنتونات و تتعرض للتهجير المرن المغطي بالتفويت بالبيع في الأملاك تحت طائلة الافقار المتعمد للمتساكنيها و التهجير القسري تحت طائلة كواتم الصوت و الاعتقال و حملات التفتيش الدائم التي ما انفكت تتصاعد منذ 2010 و تتخذ اليوم شكل التصفية الجسدية من خلال سياسة تفريخ الميليشيات و تسريحها بصيغة علنية من قبل وكلاء المحتل الأمريكي ـ الايراني ... تفريخ و تسريح مقترن بحجز السكان في دائرة الخوف الدائم أمام الموت الذي يترصدهم عند كل منعطف شارع أو سوق أو دكان أو مقهي بفعل العبوات الناسفة و السيارات المفخخة باشراف مباشر من قبل أجهزة سلطة الاحتلال و توابعها . فإلي متي يبقي تعويلكم علي الجمل الذي حملتموه همومكم كلها و حملها بعزته التاريخية المعهودة ، دون أن تبادرون حتي بصيغة الاعلام الداعم له لينهض بما أنتم عاجزون علي تحمله ؟ d.smiri@hotmail.fr